الأمم المتحدة: أكثر من 7 آلاف طفل قُتلوا في الحرب

TT

الأمم المتحدة: أكثر من 7 آلاف طفل قُتلوا في الحرب

أبلغت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة للأطفال والنزاعات المسلحة فيرجينيا غامبا، أعضاء مجلس الأمن، في جلسة علنية لهم حول الأوضاع الإنسانية في سوريا أمس، أن المنظمة الدولية وثّقت مقتل أكثر من 7 آلاف طفل منذ بدء الحرب السورية قبل 7 سنوات، علماً بأن العدد يمكن أن يتجاوز 20 ألفاً وفق معلومات غير موثقة، في وقت ربطت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا العودة الجماعية للاجئين وإعادة الإعمار بالتوصل إلى حل سياسي عبر عملية جنيف بقيادة الأمم المتحدة.
وكان 2017 أكثر الأعوام دموية بالنسبة إلى الأطفال في سوريا، إذ جرى التحقق من مقتل وجرح أكثر من 1271 طفلاً خلال الشهرين الأولين من هذا العام وحده.
وأبلغت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة للأطفال والنزاعات المسلحة فيرجينيا غامبا، أعضاء مجلس الأمن، في جلسة علنية لهم حول الأوضاع الإنسانية في سوريا، أنه «منذ بدء الأزمة في سوريا في مارس (آذار) 2011، قُتل وأُصيب أكثر من 7000 طفل وفق الأرقام الموثقة»، علماً بأن «هناك معلومات لم تتمكن الأمم المتحدة من توثيقها بأن العدد يتجاوز 20 ألفاً». ولفتت إلى أن «آلية المراقبة والإبلاغ وثّقت وقوع أكثر من 1200 انتهاك ضد الأطفال منذ بداية العام الحالي، مما أدى إلى مقتل وإصابة 600 طفل وتجنيد واستخدام 180 من الجماعات المسلحة، بينما تعرضت أكثر من 60 مدرسة للاعتداء، بالإضافة إلى الهجمات ضد المستشفيات والعاملين في المجال الطبي». وأضافت أن «الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي شهدت زيادة بنسبة 25% في تجنيد واستخدام الأطفال، و348% في قتلهم وتشويههم، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي»، مؤكدة أن «مسؤولية تجنيد واستخدام الأطفال تعود إلى الجماعات المسلحة، فيما تُنسب غالبية أعمال القتل والتشويه إلى الحكومة السورية والقوات الموالية لها».
وأفاد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك، بأن «هناك ﻣﺎ يقدر بنحو 110 آلاف من النازحين الجدد ﻓﻲ ﻣﺣﺎﻓظﺔ اﻟﻘﻧﯾطرة، وهم ﻓﻲ ﻣﻧﺎطق اﻧﻘطﻌت ﻋنها اﻟﻣﺳﺎﻋدات اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ». وقال إنه «منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، ارتفع العدد الإجمالي للأشخاص المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في محافظتي حلب وإدلب بنحو 600 ألف شخص ليصل الإجمالي إلى 4 ملايين و200 ألف شخص»، مضيفاً أن «نصف هؤلاء في حاجة ماسّة، بسبب النزوح الجديد». وتحدث عن وصول آلاف الأشخاص الذين جرى إجلاؤهم أخيراً من جنوب غربي البلاد، مما أدى إلى نزوح نحو 120 ألف شخص إلى شمال غربي سوريا بين مارس (آذار) ومايو (أيار) .
وقال المندوب الكويتي منصور العتيبي، إن «معاناة أطفال سوريا تعد وصمة عار في جبين المجتمع الدولي، فالملايين منهم لم يعرفوا شيئاً سوى الحرب منذ أن خرجوا على هذه الدنيا». وأضاف أن أطفال سوريا «يدفعون من دون أدنى شك الثمن الأكبر نتيجة الحرب الدائرة منذ ثماني سنوات في بلدهم».
وأفاد نائب المندوبة الأميركية جوناثان كوهين، بأن بلاده تواصل دعم عودة اللاجئين «طوعاً وبصورة كريمة عندما يشعرون بالأمان»، مضيفاً أن تقييم مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين أنه «من غير الآمن حالياً أن يعود اللاجئون على نطاق واسع في سوريا». وذكّر بأن «وقف العنف عنصر حاسم في التخطيط لعودة اللاجئين على نطاق واسع». واعتبر أن روسيا «لا تزال غير ملتزمة تعهدها الحفاظ على منطقة خفض التصعيد في جنوب غربي سوريا»، موضحاً أنه «إذا كانت روسيا جادة حيال قلقها على اللاجئين وغيرهم من النازحين السوريين، فينبغي عليها العمل مع النظام السوري لوقف العنف والسماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق للمدنيين المحتاجين».
وتحدث المندوب الفرنسي فرنسوا دولاتر، عن ثلاث أولويات رئيسية تتعلق بـ«حماية الفئات الضعيفة من السكان، وضمان الحصول على المساعدات الإنسانية، والتوصل إلى حل سياسي دائم في سوريا، بدعم من الأمم المتحدة». وأوضح أن «الحالة الإنسانية لن يتم التعامل معها على نحو مستدام من دون حصول اختراق في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة». وحذر مما سماه «الانتصارات بلا سلام» وفق القرار 2254. مشدداً على «العودة الطوعية للاجئين بصورة آمنة وكريمة». ولفت إلى أن «تمويل إعادة الإعمار من الجهات المانحة المتعددة الأطراف لن يحصل من دون مصالحة وطنية تمكّن من وقف الإرهاب وتلغي وجود الميليشيات الأجنبية واستمرار منطق الحرب الأهلية».
وطالب المنسق السياسي للبعثة البريطانية ستيفن هيكي، السلطات السورية وروسيا بـ«القيام بثلاثة أمور ملموسة: أولاً، ضمان الوصول الآمن والفوري والمستدام ومن دون عائق للمساعدات الإنسانية إلى القنيطرة من قبل الأمم المتحدة وشركائها. ثانياً، ضمان وصول الأمم المتحدة وشركائها (...) إلى دوما ومدن الغوطة الشرقية وجنوب دمشق وريف حمص الشمالي. ثالثاً، إعطاء هذا المجلس ضمانات (...) حول حماية العاملين في المجال الإنساني في المناطق التي تغيرت السيطرة عليها أخيراً».
وقال رئيس مجلس الأمن لشهر يوليو (تموز) الجاري المندوب السويدي أولوف سكوغ: إن «مجلس الأمن والمجتمع الدولي أخفقا في وقف الحرب في سوريا لأكثر من سبع سنوات»، مضيفاً أن «أقل ما يمكن أن نفعله هو تعزيز حماية الأطفال في سوريا». وأكد أن «5,3 ملايين طفل في سوريا يحتاجون إلى مساعدات إنسانية»، فضلاً عن «وجود أكثر من مليوني طفل خارج المدرسة». وأكد أن «أكثر من 70% من الأطفال يعانون أعراض الإصابة باضطرابات ما بعد الصدمة».



اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
TT

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)

تتوالى التأثيرات السلبية على الاقتصاد اليمني، إذ يرجح غالبية المراقبين أن استمرار الصراع سيظل عائقاً أمام إمكانية السماح بالتعافي واستعادة نمو الأنشطة الاقتصادية واستقرار الأسعار وثبات سعر صرف العملة المحلية وتحسين مستوى معيشة السكان.

وتشهد العملة المحلية (الريال اليمني) انهياراً غير مسبوق بعد أن وصل سعر الدولار الواحد خلال الأيام الأخيرة إلى 1890 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، في حين لا تزال أسعار العملات الأجنبية ثابتة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بقرار انقلابي، كما يقول خبراء الاقتصاد الذين يصفون تلك الأسعار بالوهمية.

الانقسام المصرفي في اليمن يفاقم الأعباء الاقتصادية على المجتمع (رويترز)

وتتواصل معاناة اليمنيين في مختلف المناطق من أزمات معيشية متتالية؛ حيث ترتفع أسعار المواد الأساسية، وتهدد التطورات العسكرية والسياسية، وآخرها الضربات الإسرائيلية لميناء الحديدة، بالمزيد من تفاقم الأوضاع، في حين يتم التعويل على أن يؤدي خفض التصعيد الاقتصادي، الذي جرى الاتفاق حوله أخيراً، إلى التخفيف من تلك المعاناة وتحسين المعيشة.

ويعدّد يوسف المقطري، الأكاديمي والباحث في اقتصاد الحرب، أربعة أسباب أدت إلى اندلاع الحرب في اليمن من منظور اقتصادي، وهي ضعف مستوى دخل الفرد، وضعف هيكل نمو دخل الفرد، وهشاشة الدولة وعدم احتكارها العنف، وعندما تفقد الدولة القدرة على الردع، تبدأ الأطراف المسلحة بالصعود للحصول على الموارد الاقتصادية.

ويوضح المقطري لـ«الشرق الأوسط» أنه عندما لا يتم تداول السلطة من جميع القوى الاجتماعية والسياسية في البلد، تنشأ جهات انقلابية ومتمردة للحصول على السلطة والثروة والحماية، وإذا غابت الدولة المؤسساتية الواضحة، ينشأ الصراع على السلطة والثروة، والحرب تنشأ عادة في الدول الفقيرة.

طلاب يمنيون يتلقون التعليم في مدرسة دمرتها الحرب (البنك الدولي)

ويضيف أن اقتصاد الحرب يتمثل باستمرار الاقتصاد بوسائل بديلة لوسائل الدولة، وهو اقتصاد يتم باستخدام العنف في تسيير الاقتصاد وتعبئة الموارد وتخصيصها لصالح المجهود الحربي الذي يعني غياب التوزيع الذي تستمر الدولة في الحفاظ على استمراريته، بينما يعتاش المتمردون على إيقافه.

إمكانات بلا استقرار

أجمع باحثون اقتصاديون يمنيون في ندوة انعقدت أخيراً على أن استمرار الصراع وعدم التوصل إلى اتفاق سلام أو تحييد المؤسسات والأنشطة الاقتصادية سيجر الاقتصاد إلى مآلات خطيرة على معيشة السكان واستقرار البلاد.

وفي الندوة التي عقدها المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية، عدّت الباحثة الاقتصادية رائدة الذبحاني اليمن بلداً يتمتع بالكثير من الإمكانات والمقدرات الاقتصادية التي تتمثل بالثروات النفطية والغاز والمعادن الثمينة والأحياء البحرية والزراعة وموقعها الاستراتيجي على ممرات طرق الملاحة الدولية، غير أن إمكانية حدوث الاستقرار مرهون بعوامل عدة، على رأسها الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني.

وترى الذبحاني ضرورة تكثيف الاستثمارات الاقتصادية وتشجيع القطاع الخاص بالدعم والتسهيلات لتشجيعه على الاستثمار في مشاريع صديقة للبيئة، مشددة على مشاركة المرأة في السياسات الاقتصادية لتحقيق التنمية الاقتصادية، وعدم إهدار طاقاتها الفاعلة في صنع القرار وإيجاد الحلول المبتكرة، وزيادة أعداد القوى العاملة، إذ يمكن أن تضيف المرأة ما نسبته 26 في المائة من الإنتاج المحلي.

سوق شعبية قديمة وبوابة أثرية في مدينة تعز اليمنية المحاصرة من الحوثيين طوال سنوات الحرب (رويترز)

وفي جانب الإصلاح المصرفي يشترط الباحث رشيد الآنسي إعادة هيكلة البنك المركزي ودعم إدارة السياسة النقدية، وتطوير أنظمة المدفوعات وأنظمة البنك المركزي والربط الشبكي بين البنوك باستثمارات بنكية وتحديث القوانين واللوائح والتعليمات المصرفية، وفقاً لمتطلبات المرحلة، وتقليص أعداد منشآت وشركات الصرافة وتشجيع تحويلها إلى بنوك عبر دمجها.

وركز الآنسي، في ورقته حول إعادة ھندسة البیئة المصرفیة الیمنیة بوصفها ركيزة حیویة لبناء اقتصاد حديث، على ضرورة إلزام شركات الصرافة بإيداع كامل أموال المودعين لديها والحوالات غير المطالب بها كوسيلة للتحكم بالعرض النقدي، ورفع الحد الأدنى من رأسمال البنوك إلى مستويات عالية بما لا يقل عن 100 مليون دولار، وعلى فترات قصيرة لتشجيع وإجبار البنوك على الدمج.

كما دعا إلى إلزام البنوك بتخصيص جزء من أسهمها للاكتتاب العام وإنشاء سوق أوراق مالية خاصة لبيع وشراء أسهم البنوك والحوكمة الحقيقية لها.

انكماش شامل

توقّع البنك الدولي، أواخر الشهر الماضي، انكماش إجمالي الناتج المحلي في اليمن بنسبة واحد في المائة خلال العام الحالي 2024، بعد أن شهد انكماشاً بنسبة 2 في المائة في العام الماضي، ونمواً متواضعاً بواقع 1.5 في المائة في العام الذي يسبقه.

يمنيون ينقلون المياه على ظهور الحمير إذ أدى الصراع إلى تدهور سبل المعيشة (أ.ف.ب)

وبيّن البنك أنه في الفترة ما بين عامي 2015 و2023، شهد اليمن انخفاضاً بنسبة 54 في المائة في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، ما يترك أغلب اليمنيين في دائرة الفقر، بينما يؤثر انعدام الأمن الغذائي على نصف السكان.

ويذهب الباحث الاقتصادي عبد الحميد المساجدي إلى أن السياسة والفعل السياسي لم يخدما الاقتصاد اليمني أو يعملا على تحييده لتجنيب السكان الكوارث الإنسانية، بل بالعكس من ذلك، سعى الحوثيون إلى ترسيخ نظام اقتصادي قائم على الاختلال في توزيع الثروة وتركزها بيد قلة من قياداتهم، مقابل تجويع القاعدة العريضة من المجتمع.

وأشار المساجدي، في مداخلته خلال الندوة، إلى أن هناك ملفات أخرى تؤكد استغلال الحوثيين الملف الاقتصادي لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية، كإنشاء منافذ جمركية مستحدثة، ووقف استيراد الغاز من المناطق المحررة، وإجبار التجار على استيراد بضائعهم عبر ميناء الحديدة، وغير ذلك الكثير.

منشأة نفطية يمنية حيث يعد إنتاج وتصدير النفط أحد أهم موارد الاقتصاد الهش (أرشيفية - غيتي)

وتحدث الباحث الاقتصادي فارس النجار حول القطاع الخدمي الذي يعاني بسبب الحرب وآثارها، مشيراً إلى تضرر شبكة الطرق والنقل، وتراجع إجمالي المسافة التي تنبسط عليها من أكثر من 70 ألف كيلومتر قبل الانقلاب، إلى أقل من 40 ألف كيلومتر حالياً، بعد تعرض الكثير منها للإغلاق والتخريب، وتحولها إلى مواقع عسكرية.

وتعرض النجار إلى ما أصاب قطاع النقل من أضرار كبيرة بفعل الحرب، تضاعفت أخيراً بسبب الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، وهو ما ألحق أضراراً بالغة بمعيشة السكان، في حين وضعت الجماعة الحوثية يدها، عبر ما يعرف بالحارس القضائي، على شركات الاتصالات، لتتسبب في تراجع أعداد مستخدمي الهواتف المحمولة من 14 مليوناً إلى 8 ملايين، بحسب إحصائيات البنك الدولي.