واشنطن تمدد «حالة الطوارئ الوطنية» في لبنان للعام الـ11 على التوالي

تأكيداً لموقفها أن أنشطة «حزب الله» تقوّض السيادة

TT

واشنطن تمدد «حالة الطوارئ الوطنية» في لبنان للعام الـ11 على التوالي

مددت الولايات المتحدة الأميركية حالة الطوارئ الوطنية في لبنان المعلنة من قبل واشنطن منذ عام 2007، لعام إضافي، وهو تدبير لا ينظر إليه الخبراء على أنه تغيير أساسي في السياسة الأميركية تجاه لبنان، بل يعزز الموقف الدائم بأن نشاطات «حزب الله» تقوّض السيادة اللبنانية، وتسهم في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة. وأعلن مكتب السكرتير الصحافي في البيت الأبيض عن بيان صادر عن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تمديد حالة الطوارئ، وقال إنه في 1 أغسطس (آب) من عام 2007، بموجب الأمر التنفيذي 13441، أعلن الرئيس الأميركي في حينه حالة الطوارئ الوطنية فيما يتعلق بلبنان عملاً بالقانون الدولي للقوى الاقتصادية في حالات الطوارئ (50 USC 1701 - 1706) للتعامل مع التهديد غير العادي والاستثنائي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، استناداً إلى أفعال أشخاص محددين يعملون على تقويض حكومة لبنان الشرعية والمنتخبة ديمقراطياً أو المؤسسات الديمقراطية، وتسهم في الانهيار المتعمد لحكم القانون في لبنان، بما في ذلك من خلال العنف والتخويف بدوافع سياسية، لتأكيد السيطرة السورية أو المساهمة في التدخل السوري في لبنان، أو التعدي على سيادة لبنان أو تقويضها، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات «تسهم في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في ذلك البلد وفي المنطقة».
وأضاف بيان البيت الأبيض: «إن بعض الأنشطة المستمرة، مثل عمليات نقل الأسلحة الإيرانية المستمرة إلى حزب الله، التي تشمل أنظمة أسلحة متطورة بشكل متزايد، تعمل على تقويض السيادة اللبنانية، وتسهم في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة، وتظل تشكل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة. ولهذا السبب، يجب أن تستمر حالة الطوارئ الوطنية المعلنة في 1 أغسطس 2007، والتدابير المعتمدة في ذلك التاريخ للتعامل مع هذه الحالة الطارئة، بعد 1 أغسطس 2018»، مؤكداً تمديد حالة الطوارئ الوطنية فيما يتعلق بلبنان المعلن عنها في الأمر التنفيذي 13441، لمدة عام واحد.
وطلب ترمب أن ينشر هذا الإشعار في السجل الاتحادي ونقله إلى الكونغرس.
ولا يرى المراقبون مفاعيل أساسية للتدبير على الحكومة اللبنانية، بل ينظرون إليه بوصفه استمراراً للموقف السابق المتعلق بالتحذيرات من دور إيران و«حزب الله». وقال سفير لبنان الأسبق في واشنطن الدكتور رياض طبارة، إن السياسة الأميركية في إدارة الرئيس دونالد ترمب «تكثفت باتجاه تحييد إيران عن حلول المنطقة، وباتجاه تحجيم دور إيران وحزب الله في سوريا»، مشيراً إلى أن هذا الملف «هو الأساس في التدبير الأخير، وعادة ما يكون السبب الأساسي في تمديده».
وجزم طبارة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بغياب أي مفاعيل للقرار على موضوع الحكومة اللبنانية، بالنظر إلى أن واشنطن «لم تعترض بشكل علني حتى الآن على وجود ممثلين للحزب في الحكومة»، مضيفاً: «مع أن الولايات المتحدة لا تزال تضع عقوبات على حزب الله، لكن تلك العقوبات لا تمس الاقتصاد اللبناني أو النظام المصرفي اللبناني، ولم تكن لها تأثيرات على الاقتصاد، بل كانت تأثيراتها محصورة في حزب الله». ولفت إلى أن التدبير «يمثل جزءاً من التحذيرات، لكنه لا يعني أن هناك حظراً لسفر المواطنين الأميركيين إلى لبنان».
وعلى الرغم من أن القرار اعتبر أن أنشطة «حزب الله» تظل تشكل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، قلل مدير مركز «أمم» للأبحاث والتوثيق في لبنان، لقمان سليم، من تأثيرات قرار تمديد حالة الطوارئ، مشيراً إلى أن «المقدمات هي نفسها التي وضعت لبنان فيها في عام 2007»، داعياً إلى «عدم إيلاء أهمية أكبر للتدبير». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هو تدبير إداري، بالنظر إلى أن المقدمات والنتائج نفسها، ولا يعبر عن تغير في السياسة الأميركية تجاه لبنان».
وأوضح سليم أن «السياسة الأميركية ليست مرتبطة بمعطيات لبنانية، وهي في أحسن الأحوال تقوم بالمحافظة على الاستقرار، ودعم المؤسسات العسكرية»، مضيفاً: «لا سياسة أميركية حقيقية تجاه لبنان، بل هناك سياسة أميركية تجاه المنطقة، ولبنان جزء منها». ومع تشديده على أنه «يجب ألا يكون التدبير خبراً ساراً للبنانيين»، قال: «لا أظن أن له مفاعيل عملية في المدى المنظور أو خلال السنة المقبلة»، إلى حين موعد تجديد التدبير في مطلع أغسطس 2019.
غير أن قراراً مشابهاً من شأنه أن يزيد الشكوك حول الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي في لبنان، وهو ما لا ينفيه سليم، الذي أكد أن الوضع اللبناني بلغ حد الطفح، لكنه يشير إلى أن الأدبيات الأميركية المرتبطة بتمديد قانون الطوارئ وبيان وزارة الخارجية قبل أيام، «تكرر الموقف نفسه الذي يتحدث عن أنه ما دام أن حزب الله يستولي على القرار السياسي والسيادي اللبناني ويستخدم لبنان في إدارة عملياته، سيبقى لبنان فيما يشبه حالة العزل، وينظر إلى الحزب على أنه مصدر الشرور».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.