مذكرات حمادي الجبالي الحلقة (4): بن علي كان يدعي أنه من أنقذنا من الإعدام

صورنا كانت في وسائل الإعلام كمطلوبين خطيرين فارين من العدالة

الجبالي أمام منزله في سوسة سنة 1988 وتبدو بناته الثلاث على السيارة مع بعض أبناء الأقارب
الجبالي أمام منزله في سوسة سنة 1988 وتبدو بناته الثلاث على السيارة مع بعض أبناء الأقارب
TT

مذكرات حمادي الجبالي الحلقة (4): بن علي كان يدعي أنه من أنقذنا من الإعدام

الجبالي أمام منزله في سوسة سنة 1988 وتبدو بناته الثلاث على السيارة مع بعض أبناء الأقارب
الجبالي أمام منزله في سوسة سنة 1988 وتبدو بناته الثلاث على السيارة مع بعض أبناء الأقارب

وصول زين العابدين بن علي للحكم في تونس في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 1987 أثر على عمل حركة النهضة ومسارها بشكل كبير، فقد شهدت السنوات القليلة التي سبقت عزل الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة عن الرئاسة مواجهات حادة وتوترا في الشارع التونسي، وخاصة بين حركة النهضة وحكومته وحزبه. وتعد مرحلة الثمانينات من أصعب المراحل في تاريخ الحركة، حيث شهدت اعتقالات في صفوف قياداتها والناشطين فيها، وصدرت أحكام ضدهم أرادها بورقيبة أن تصل إلى الإعدام، وفي تلك الفترة كان حمادي الجبالي في حالة فرار داخل البلاد ثم خارجها، إلى أن حدث «الإنقلاب» السياسي في تونس ووصل بن علي للحكم وبدأت البلاد والحركة الحركة مرحلة جديدة، يسردها الجبالي في هذه الحلقة.

* صفقة 1987

* قرار إجراء انتخابات 1989 في تونس التي أرادها زين العابدين بن علي تشريعية ليضع حدا لما كان يدور منذ 1987 ووصوله للحكم، حيث كان البعض يقول إن ما قام به انقلاب، والوصف السائد الذي أراده بين التونسيين هو التغيير.

وكانت أيضا تأويلات أخرى بأن التغيير قرر مع قيادات في الدولة على رأسهم الهادي البكوش وهو المدبر سياسيا، والحبيب عمار الذي كان يقود الحرس، وبالشيخ، وكان الاتفاق اقتسام الحكم؛ أن يكون بن علي في القصر، والحبيب عمار في الداخلية، والهادي البكوش في الحكومة.

سألت الجبالي بعد حديثه عن هذه الصفقة: هل التزم بن علي بها؟

أجاب قائلا: الحقيقة كان الالتزام بينهم في البداية ،ولكن القسمة الأولى لم تستمر وأراد كل طرف أن يجتاز حدود الآخر، فما كان من بن علي إلا أن استبقه الاثنين وطرد الحبيب عمار من الداخلية والبكوش من الحكومة.

سياسة بن علي وحكومته في البداية وبعد وصوله للحكم كانت طمأنة الناس، وقدموا لـ«النهضة» أيضا تطمينات ووعودا، ورغم قلقنا في تلك المرحلة وعدوني شخصيا بالحصول على ترخيص لإطلاق صحيفة «الفجر» وحصلت عليه فعلا سنة 1989 لكن بالطبع لم يكن الحصول على الترخيص سهلا، فحصلت عليه بعد عناء، ثم دخلت في مواجهات وتحديات أخرى، فلم نجد من يقبل بطباعة الجريدة طبعا لمخاوف أمنية، وقابلتنا ضغوط حول عدد الطبعات، فلم يقبلوا أن نطبع أكثر من 40 ألف نسخة، وكنا نتعرض إلى مضايقات يومية و تقرأ الصحيفة قبل الطباعة وبعد الطباعة والحزب الحاكم يشتري ثلث الطبعات ليحرقها.

كل هذا كان في 1989 وبدأت الأجواء تتوتر أكثر بيننا، خاصة أننا كنا نرى أن كل ما وعدونا به لم يتحقق، وبالنظر للجامعات والشارع التونسي رأى بن علي أن الحركة أكثر منه قوة، فاضطر لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.

اجتمعت وقتها قيادتنا، وكانت سياستنا أنه يجب أن لا نظهر كثيرا في الصورة، ولا نهيمن أو نسبب أي خوف أو تهديد بأننا سنكسب قبل الأوان.

وكانت مخاوفنا في العمل وقتها داخلية وخارجية، فكان عملنا عبر طلاب الجامعات، التلاميذ، النقابات، وصحيفة «الفجر» والشارع.

بداية 1981 بدأت الاعتقالات الأولى، وإلى حدود سنة 1990 كانت كلها مرحلة صراع وصدام وتوتر بين السلطة والمعارضة، وشهدت البلاد وقتها مظاهرات واحتجاجات لم تشهدها من قبل، وكانت النهضة الطرف الأساسي، فلم يهدأ الصراع وكان يمر بفترات بلغت ذروتها سنة 1981 وتراجعت الاعتقالات نسبيا وقت الوزير الأول (رئيس الوزراء) الأسبق محمد المزالي الذي منحنا بعض الحرية للتحرك بين 1983 و1985، لكن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة صعد معنا، وفي الفترة نفسها بدأت في تونس مشاكل النقابة والأحزاب، وتصاعد التوتر بين 1985 إلى 1986 ووصل ذروته سنة 1987 وكان بالأساس بيننا وبين الحزب الحاكم وبورقيبة.

مرحلة الاعتقالات لم يجر اعتقالي منذ البداية مثلما حصل مع بقية الإخوة، لأني لم أكن معروفا بنشاطاتي، وكنت أعيش في فرنسا لسنوات، لكن منذ 1985 كنا نعمل في تونس وكان عمل «النهضة» لا يختلف عن عمل بقية الأحزاب المعارضة الأخرى، وأعتقد أننا كنا الطرف الرئيس، ووقتها بدأ بورقيبة يدخل مرحلة المرض وتولت الأمور الدائرة المقربة منه ، وكانت صراعات بينهم وخلافات حول طريقة التعامل مع المعارضة، وخاصة معنا نحن، ووقتها جاء القرار باعتقالي الذي كان سنة 1986.

وبدأت الاعتقالات في صفوف حركة النهضة على أثر ما يسمى بعملية «براكة الساحل» وهي التي قبض بعدها على مجموعة من الحركة بينهم المنصف بن سالم (وزير التعليم العالي) - في التشكيلة الأولى لحكومة الترويكا - بتهمة الانقلاب، وضمت هذه المجموعة أمنيين، وأعوانا من الحرس الوطني ومن الجمارك.. حسب المعلومات التي وفرت وقتها، وكنت متهما مع المجموعة رغم أني لا أعرف حتى «براكة الساحل» أين موقعها، وبعد توقيفي سألت عن المكان.

وسنة 1987 اعتقل الشيخ راشد الغنوشي، وكانت تلك المرحلة تسمى بمعركة المساجد، وبقيت قيادات خارج السجون مثل صالح كركر، وشكلنا مكتبا تنفيذيا للحركة لكن الاعتقالات لم تتوقف، وكنا نعمل في سرية وكنا في حالة فرار دائم وكانت صورنا في التلفزيون ووسائل الإعلام كمطلوبين خطرين فارين من العدالة.

وعلمنا أن الحبيب بورقيبة وصل إلى حالة من الهستيريا جعلته عندما يستفيق في كل صباح أول سؤال يسأله: هل أعدمتم الغنوشي؟ هل قبضتم على الجبالي وصالح كركر؟

ويبدو أن القوى الدولية رجحت كفة زين العابدين بن علي ليتسلم الرئاسة في سنة 1987 على أساس أنه يمكنه الإمساك بمفاصل البلاد، ولكن بالنسبة لبورقيبة كنا نرى أنه كما كان لا يحب الدين الإسلامي كان لا يحب الجيش، لكن تمهيدا لوصول بن علي للحكم تدخلت جهات داخلية وخارجية وأثرت على بورقيبة وأقنعته بأن البلاد محتاجة ليد من حديد، وسلم بن علي الذي كان وزيرا للداخلية الوزارة الأولى (رئاسة الوزراء)، والذي يخوله الدستور التونسي أن يحصل على منصب رئيس الجمهورية.

وفي وقت من الأوقات ادعى بن علي أن البلاد ستدخل في حالة كبيرة من الفوضى خاصة أن بورقيبة كان يدفع لإعدام راشد الغنوشي، وقال بن علي أنا من أنقذكم من الموت، وأكد لنا أنه قام بـ«الانقلاب» في يوم 7 نوفمبر، وأن بورقيبة كان يخطط لتنفيذ الحكم في اليوم التالي، أي بتاريخ 8 من الشهر.

وكان بن علي يردد «كذبا»: أنا من أنقذت رؤوسكم، بورقيبة كان سيقتلكم والبلاد كانت على حافة الهاوية.

وقبل «الانقلاب» كان بن علي قد نسق أموره، فاعتمد على علاقاته مع جهات خارجية دعمته وأعدوا له طائرة خاصة ليتمكن من اللجوء إليها إذا فشل الانقلاب.

وفي الواقع وحسب قناعاتنا أن القوى الداخلية كانت مقتنعة أنه لو أعدم أحدنا فسيقعون في ورطة كبيرة، وسيتسبب الأمر في أزمة داخلية ومشاكل خارجية، ولم يكن الوضع الداخلي ولا القوى الخارجية في حاجة لإدخال البلاد في أزمة، وحتى الأوضاع في الجزائر لم تكن تساعد على هذا الأمر.

وقتها جاء التفكير في عملية الانقلاب الذي كان باتفاق ودعم أكثر من الهادي البكوش والحبيب عمار ، ومن جماعتهم من رأى وقتها أنه من الأنسب حل الحزب الدستوري (الحاكم) الذي كانت له صورة سيئة وقتها واستبدال حزب جديد به، لكن الهادي البكوش تصدى لهم وواجههم أنه إذا جرى حل الحزب فإن الإسلاميين «سيهجمون على الفراغ، ولا شيء يمكن أن يحمينا» وكان البكوش يرى أنه إذا حل الحزب فإنه سيفرغ من أعضائه الذين هم في حاجة إليهم في الانتخابات فاتفقوا بعد صعود بن علي على الاحتفاظ بالحزب وأعضائه وتغيير اسمه فقط، الذي أصبح «التجمع الدستوري الديمقراطي»، وفتحوا المجال لدخول اليساريين، ومن هنا تدعمت فكرة إضفاء مزيد من الشرعية على الحزب وبداية التحضير منذ ذلك الوقت لانتخابات 1989، وقاموا كذلك بما يسمى «الميثاق الوطني» الذي أشركوا فيه النهضة على مضض.

* الحزب الحاكم في تونس من بورقيبة إلى بن علي

* التجمع الدستوري الديمقراطي هو الوريث السياسي الرسمي للحزب الاشتراكي الدستوري الذي أسسه الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة.

احتفظت القيادات الأمنية والعسكرية التي قادت تغيير السابع من نوفمبر سنة 1987 بتسمية الحزب الاشتراكي الدستوري إلى غاية يوم 27 فبراير (شباط) 1988 قبل أن تغير تسميته.

سيطر حزب التجمع المنحل على الحياة السياسية التونسية من 1987 إلى بداية سنة 2011 ونجاح الثورة، وظل طوال 23 سنة على رأس قائمة الأحزاب السياسية التونسية في الانتخابات البرلمانية والرئاسية والبلدية التي أجريت منذ 1989 وبحساب كل خمس سنوات إلى حد آخر انتخابات أجريت سنة 2009.

وفاز بن علي مرشح التجمع في كل الانتخابات الرئاسية التي أجريت بعد التغيير بنسبة فاقت كل مرة 90 في المائة. يقدر عدد المنتمين إلى التجمع بنحو مليوني منخرط، إلا أن المتابعين للشأن السياسي يرون أن معظم تلك الانخراطات كانت تحت الضغط والإكراه.

وفي يوم 6 فبراير 2011، جرى تعليق جميع نشاطات التجمع الدستوري الديمقراطي، وأمر القضاء التونسي بحله.

«النهضة» من 1981 إلى 1992 مثلت فترة الثمانينات مرحلة مهمة في تاريخ حركة النهضة وخاصة في علاقتها بالنظام الحاكم في تونس.

ففي 6 يونيو (حزيران) سنة 1981 أعلنت الحركة عن وجودها علنيا بعد اتخاذ الحبيب بورقيبة، الرئيس التونسي حينها، قراره بالسماح «مكرها « لبعض الأحزاب السياسية بالوجود إلى جانب الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم. وتقدمت الحركة في هذا اليوم بمطلب للحصول على ترخيص رسمي للعمل السياسي ولكنها لم تتلق أي رد عن هذا المطلب. وسرعان ما ساءت العلاقة بين السلطة والحركة التي كانت وقتها تسمى بحركة الاتجاه الإسلامي. ففي يوم 18 يوليو (تموز) 1981 ألقت السلطات التونسية القبض على قيادات الحركة وقدمتهم في شهر سبتمبر (أيلول) للمحاكمة بتهم سياسية كثيرة من بينها الانتماء إلى جمعية غير مرخص لها والنيل من كرامة رئيس الجمهورية وتوزيع منشورات معادية ونشر أخبار كاذبة. وقد حكم على كل من راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو بالسجن عشر سنوات ليطلق بعد ذلك سراح عبد الفتاح مورو سنة 1983 والثاني سنة 1984. وبعد هدنة في علاقة الحركة بالسلطة الحاكمة سنة 1985 سرعان ما عادت العلاقة للتوتر، حيث اعتقل راشد الغنوشي من جديد في مارس (آذار) 1987 وحكم عليه بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة، كما اتهمت الحكومة الحركة وقتها بالتفجيرات التي شهدتها بعض الفنادق السياحية في جهة الساحل سنة 1986. وبعد أن قام زين العابدين بن علي بإزاحة بورقيبة من الحكم في 7 نوفمبر 1987 رحبت الحركة بهذا التغيير، وأفرج عن قيادات الحركة التي شاركت سنة 1988 في التوقيع مع باقي القوى السياسية التونسية على ما يسمى «الميثاق الوطني»، وهو عبارة عن أرضية لتنظيم العمل السياسي في تونس. كما شاركت الحركة في انتخابات 1989 ضمن قوائم مستقلة وحصلت على نحو 27 في المائة من أصوات الناخبين وشككت الحركة في نتائج هذه الانتخابات. وفي مايو (أيار) 1989 غادر راشد الغنوشي تونس ، ليعود التصادم من جديد بين الحركة والنظام الحاكم في بداية التسعينات، حيث أعلنت السلطات التونسية سنة 1991 أنها أحبطت مؤامرة لقلب نظام الحكم واغتيال الرئيس بن علي لتشن بعدها حملة إيقافات واسعة في صفوف قياديي الحركة والمنتسبين إليها شملت نحو 30 ألف جرت محاكمتهم بداية من سنة 1992 وحكم على الكثير منهم بأحكام طويلة بالسجن.

* الهادي البكوش.. مهندس «الانقلاب»

* يعد الهادي البكوش أحد أهم ركائز «الإنقلاب» السياسي الذي قاده الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي سنة 1987؛ فهو الذي هندس للعملية وخط بيده بيان السابع من نوفمبر الذي مثل أهم وثيقة سياسية في تلك المرحلة، إلا أنه شغل منصب رئيس الحكومة (الوزير الأول) لمدة قصيرة أرسى فيها دعائم الحكم لابن علي قبل أن يغادر الساحة السياسية، وتواصل توليه رئاسة الحكومة من 7 نوفمبر 1987 و27 سبتمبر 1989 قبل أن يستغني بن علي على خدماته السياسية ولم يلعب أي دور سياسي مهم بعد هذا التاريخ.

والبكوش من السياسيين الأوائل الذين عاشوا تجربة التعاضد مع أحمد بن صالح في عقد الستينات من القرن الماضي وحوكم كذلك من قبل نظام الحبيب بورقيبة بعد فشل التجربة. عين البكوش في 16 مارس 1984 مديرا للحزب الاشتراكي الدستوري (الحزب الحاكم) قبل أن يصبح سنة 1987 وزيرا للشؤون الاجتماعية ويعين من قبل الرئيس التونسي المنقلب على نظام بورقيبة رئيسا للحكومة، إلا أن بن علي أعفاه من منصبه في 27 سبتمبر 1989 وعين حامد القروي مكانه.

* الحبيب عمار.. رفيق بن علي

* الحبيب عمار هو رفيق درب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وهو الشخصية العسكرية الثانية التي قادت «انقلاب» السابع من نوفمبر 1987. تلقى عمار نفس التكوين العسكري مع زين العابدين بن علي في مدرسة سان سير الفرنسية العسكرية.

عين عمار سنة 1983 ملحقا عسكريا في السفارة التونسية لدى المغرب قبل أن يصبح آمرا للحرس الوطني في 10 يناير (كانون الثاني) 1984 بعد أحداث الخبز خلفا لعامر غديرة. ساهم مساهمة فاعلة في إنجاح التغيير السياسي ضد نظام بورقيبة وعين وزيرا للداخلية في الحكومة التونسية التي تلت التغيير، إلا أن بن علي لم يكن يأمن للحبيب عمار الذي يحتفظ بعدة أسرار أمنية وعسكرية. أعفي بعد سنة فقط من التغيير من مهامه الوزارية وعين في عدة مهام دبلوماسية.

وبعد الثورة التونسية، اتهم عمار بن علي بالانقلاب على بيان 7 نوفمبر 1987 واتهمه كذلك بمحاولة اغتياله لما كان سفيرا في فيينا.

* عبد الحميد الشيخ.. الجنرال المغمور

* كان عبد الحميد من بين من دعموا حركة الإنقلاب التي نفذها كل من زين العابدين بن علي والحبيب عمار، إلا أنه حظي بمناصب سياسية عليا خلال السنوات الأولى للتغيير، حيث تقلد خلال الفترة الممتدة فيما بين 1988 و1991 عدة حقائب وزارية وشغل وزارات الشباب والرياضة، والشؤون الخارجية، ووزارة الداخلية كذلك.

درس عبد الحميد الشيخ الحقوق، والتحق مبكرا بالجيش التونسي بالبلاد، وكان من الفوج الأول الذي التحق بنواة الجيش التونسي. أرسل سنة 1956 للتكوين في مدرسة بسان سير الحربية الفرنسية التي تلقى فيها بن علي والحبيب عمار تكوينهم، ثم أكمل تكوينه العسكري في كل من الولايات المتحدة وفرنسا سنتي 1965 و1966.

لكن عبد الحميد الشيخ لقي مصير الحبيب عمار، حيث أبعده بن علي عن تونس وكلفه بعدة مهام دبلوماسية وتولى عدة سفارات تونسية في الخارج، من بينها الخرطوم والجزائر وداكار وباريس.

الجبالي في مذكراته لـ «الشرق الأوسط»: كنت شاباً مسيساً بدون توجه إسلامي

 

مذكرات حمادي الجبالي الحلقة (2): لولا نكسة 1967 ربما كنت ثائرا غير إسلامي

مذكرات حمادي الجبالي الحلقة (3): كنت أميل عاطفيا إلى اليسار الفرنسي

 



مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.


حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.