على الرغم من تشريعه قانوناً من قبل البرلمان العراقي في مارس (آذار) الماضي عبر جلسة حضرها 222 نائباً من مجموع أعضاء البرلمان العراقي البالغ عددهم 328 نائباً، لكن صدور قانون امتيازات النواب مؤخراً بموجب مرسوم من رئيس الجمهورية فؤاد معصوم أثار موجة عارمة من الغضب الجماهيري بسبب تزامن ذلك مع المظاهرات الاحتجاجية الحاشدة ضد الفساد، وسوء الخدمات في مختلف محافظات وسط وجنوب العراق، وكذلك العاصمة بغداد.
وامتدت المعركة بين البرلمان السابق، الذي انتهت ولايته نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي، والشارع الغاضب إلى العلاقة بين النواب ورئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي أعلن أنه سيطعن في فقرات القانون أمام المحكمة الاتحادية. وفي حين أقر أمير الكناني، المستشار في رئاسة الجمهورية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «صدور المرسوم الجمهوري في هذا الوقت الذي يتصاعد فيه غضب الشارع العراقي ضد الطبقة السياسية دون تمييز ليس مناسباً»، فإن النائب والوزير السابق صلاح الجبوري، يقول في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط»، إن «القانون ليس فيه أي جنبة مالية حتى يعترض عليه العبادي أو غيره من كبار السياسيين ممن يريدون إسكات غضب الشارع الهائج ضد مجمل الطبقة السياسية برمي كل شيء على هذا القانون».
وكانت الدائرة الإعلامية في البرلمان العراقي أعلنت، الخميس، في بيان أنه لا توجد امتيازات للنواب في القانون الجديد. وقال البيان، إن «القانون لا يتضمن أي امتيازات»، داعية «وسائل الإعلام والمسؤولين إلى توخي الدقة قبل الإدلاء بأي تصريح أو نشر أي موضوع». وكان رئيس الوزراء أعلن رفضه القاطع لما عده امتيازات جديدة لأعضاء البرلمان، وقال مكتبه في بيان، إنه «رفض قانون امتيازات النواب الذي شرعه مجلس النواب بصورة غامضة والذي فعلته رئاسة الجمهورية الآن».
وأضاف البيان، أن «العبادي أكد على تقديم طعن به لأنه لم يحصل على موافقة الحكومة باعتبار أن فيه تبعات مالية».
وفي حين أعلن زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم رفضه القاطع لقانون امتيازات مجلس النواب، فإن زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي دعا إلى تكييف القانون مع الأطر القانونية للدولة. وفي هذا السياق، يقول أمير الكناني، المستشار في رئاسة الجمهورية، إن «المرسوم الجمهوري الذي صدر بشأن إحالة أعضاء البرلمان السابق البالغ عددهم 328 نائباً على التقاعد أمر طبيعي يحصل نهاية كل دورة، لكنه لا يعني أن كل هؤلاء يستحقون راتباً تقاعدياً، بل إن هذا الأمر ينظم بقانون، وهو القانون الذي شرعه البرلمان في مارس الماضي». وأضاف الكناني، أن «التوقيت قد لا يكون مناسباً بسبب المظاهرات وحالة الاحتقان؛ مما يؤدي إلى خلط الأوراق، وبالتالي يبدو الأمر وكأنه قانون جديد وفيه امتيازات جديدة».
من جهته، يقول عضو البرلمان والوزير السابق صلاح الجبوري، إن «هذا القانون ليس فيه امتيازات جديدة، بل هو قانون تنظيمي عام وليس كل النواب الذين كانوا موجودين في الدورة الماضية سيحالون على التقاعد، وهم وأنا من بينهم، متقاعدون أصلاً»، موضحاً إن «في القانون الذي يتكون من 73 مادة، من بينها المادة 13 التي أثارت الضجة، وهي جعلت أعضاء البرلمان ثلاث فئات: فئة لديها عمر وخدمة وفئة بخدمة، لكن بلا عمر، وفئة بلا عمر ولا خدمة بمعنى أن من لديه خدمة 15 عاماً وعمره تعدى الخمسين يستحق التقاعد، ومن لديه خدمة، لكن عمره دون الخمسين لا يستحق التقاعد إلا بشروط لا ترتب على الميزانية أي مبالغ إضافية». بدوره، عدّ رئيس اللجنة القانونية في البرلمان السابق محسن السعدون ما قام به العبادي من تقديم طعن بالقانون بأنه ليس أكثر من استهداف سياسي، حيث إن الاعتراض على القانون جاء بالتزامن مع المظاهرات الجماهيرية.
وكانت مواقع التواصل الاجتماعي ضجت خلال اليومين الماضيين بأحاديث وتعليقات تضمنت شتائم صريحة لأعضاء البرلمان ومجمل الطبقة السياسية؛ نظراً لما عدوه تشريعاً جديداً يتضمن امتيازات لا يستحقونها في وقت لا تتوفر فيه أبسط الخدمات وفي المقدمة منها الماء والكهرباء؟.
وبينما شهدت محافظات العراق المنتفضة هدوءاً نسبياً أمس، أعلنت تنسيقية المظاهرات في محافظة ذي قار جنوبي العراق، أنها دعت جميع المحافظات المحتجة، بما فيها العاصمة بغداد، إلى الاستعداد لمظاهرة موحدة تنطلق مساء اليوم. ودعت اللجنة في بيان إلى «إيقاف جميع المطالَب والتأكيد على مطلب واحد فقط هو (إسقاط الفاسدين)»، مضيفاً أنه «ليس لدينا مطلب غيره وكل من يداعي بالخدمات والتعيينات لا يمثل إلا نفسه أما مطلب إسقاط ومحاكمة الفاسدين فهو مطلب شعبي ومطلب وطن».
قانون امتيازات البرلمان يثير غضب العراقيين
قانون امتيازات البرلمان يثير غضب العراقيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة