هل تنقذ «الحشيشة الطبية» الاقتصاد اللبناني؟!

حقل حشيشة في البقاع
حقل حشيشة في البقاع
TT

هل تنقذ «الحشيشة الطبية» الاقتصاد اللبناني؟!

حقل حشيشة في البقاع
حقل حشيشة في البقاع

يعاني اللبنانيون مشكلات كبيرة، منها مستمر منذ سنوات كالكهرباء والمياه وزحمة السير، ومنها قديم متجدد كمأزق تأليف الحكومة والنظام السياسي المتعثّر بمشاحنات السياسيين ومصالحهم الضيقة. ويحوم راهناً فوق مشهد الوضع المتأزّم شبح انهيار اقتصادي شامل لم يحصل حتى في أيام الحرب، ويُخشى أن يؤدي إلى إفلاس يصيب القطاعين العام والخاص، ويضرب المواطنين في سبل عيشهم...
ويمنّي الناس أنفسهم بحصول معجزة ما تحسّن الوضع السياسي، بغية الانتقال إلى إنعاش الوضع الاقتصادي عبر معالجة المعضلات وفي مقدمها الكهرباء التي تكلف الخزينة سنويا نحو ملياري دولار... وثمة من يشير إلى أن الثراء والرخاء سيأتيان من عملاق النفط والغاز النائم حالياً قبالة الساحل اللبناني والذي بدأت عملية إيقاظه وإن ببطء، فيما هناك من يعتقد أن الخطة التي وضعتها شركة "ماكينزي" الاستشارية ستضخ متى سلكت طريقها إلى التنفيذ الحياة في شرايين الاقتصاد...
الآن هناك جديد يتداول الجمهور أخباره على نحو واسع: الحشيشة! فالكلام عن تشريع زراعتها للاستخدامات الطبية يبدو جدياً جداً، وقد ابلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري السفيرة الاميركية اليزابيث ريتشارد ان المجلس يستعد لدرس النصوص اللازمة لتشريع زراعة الحشيشة وإقرارها في قانون، علماً أنه تحدث قبل ذلك عن إدارة خاصة بالحشيشة على غرار "إدارة حصر التبغ والتنباك" التي تسمّى "ريجي"، بمعنى أن تضع الدولة يدها حصراً على هذا القطاع.
ويقدّر الخبراء أن زراعة الحشيشة لأغراض طبية وصيدلانية يمكن ان ترفد الاقتصاد اللبناني بنحو مليار إلى ملياري دولار سنويا. وينظر بري إلى النموذج المتبع في الولايات المتحدة وأوروبا لتشريع زراعة الحشيشة، وهو ما ناقشه مع مساعد وزير الخزانة الاميركي لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلّينغسلي في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وفي دليل آخر على جدّية هذه المسألة، أن توصيات تقرير شركة الاستشارات "ماكينزي" المذكور آنفاً تضمّنت تشريع بيع "القنب الهندي" – الحشيشة - لأغراض طبيّة، إلا أنّ الشركة رأت أنّ التطبيق سيستغرق وقتًا طويلًا، على عكس برّي الذي تتحدث أوساطه عن أشهر لا سنوات.
ومن السياسيين المؤيدين لتشريع زراعة الحشيشة النائب السابق وليد جنبلاط الذي أطلق هذا الموقف عام 2014، علماً أن وزير الإقتصاد في حكومة تصريف الأعمال رائد خوري أكد في حديث صحافي أنّ "لبنان يملك أجود أنواع الحشيشة في العالم".
مهما يكن من أمر، وسواء شُرّعت زراعة الحشيشة في لبنان أو لا، فإنها موجودة ولا سيما في البقاع الشمالي وتحديدا في منطقة بعلبك – الهرمل. وقد تفاوتت على مر السنوات جهود الدولة في مكافحة هذه الزراعة، ولم تثمر إلا نجاحات محدودة لأسباب عدة، ليس أقلها التفلت الأمني الذي تعانيه المنطقة المذكورة والذي أوجب أخيراً خطة أمنية خاصة يتولاها الجيش.
وفيما يقول البعض إن زراعة االحشيشة دخلت لبنان في أربعينات القرن الماضي، يجزم آخرون بأنها موجودة منذ وقت أطول. وشتول هذه النبتة تُزرع ما بين فبراير (شباط) ومارس (آذار) من كل عام وتُروى حتى سبتمبر (أيلول) وتُحصد بعد ذلك يدوياً بالمناجل.
وفي زمن الحرب 1975 – 1990، ازدهرت زراعة الحشيشة في غياب أي حسيب أو رقيب، وتحولت إلى مصدر دخل وفير للميليشيات التي كانت تتعاون في التصريف والتهريب ليلاً، ثم تعود إلى التقاتل نهاراً!
ومع استقرار الوضع الأمني وعودة مؤسسات الدولة، سعت الحكومات المتعاقبة بالتعاون مع منظمات دولية الى تنفيذ مشروع "الزراعات البديلة" منذ العام 1992، لتشجيع المزارعين على الاستعاضة عن زراعة المخدرات بزراعات أخرى توفر مداخيل كافية. غير أن المشروع توقف عام 2000.
يبقى أن المتخوّفين من مشروع "الحشيشة الطبية" يقولون إن الدولة اللبنانية العاجزة عن توفير الكهرباء 24 ساعة في اليوم منذ العام 1992، وغير القادرة على تطبيق قانون السير الذي صدر عام 2015، لن تكون قادرة على ضبط قطاع الحشيشة. ويزيدون أن أي عائدات تدرّها "الحشيشة الطبية" يمكن تعويضها وأكثر عبر مكافحة الفساد وضبط مسارب إهدار المال العام...


مقالات ذات صلة

دبي تقبض على بلجيكي مطلوب دولياً في قضايا اتجار بالمخدرات

الخليج البلجيكي عثمان البلوطي الذي يُعد أحد أبرز المطلوبين دولياً للسلطات البلجيكية والصادر بحقه نشرة دولية حمراء (الشرق الأوسط)

دبي تقبض على بلجيكي مطلوب دولياً في قضايا اتجار بالمخدرات

أعلنت القيادة العامة لشرطة دبي إلقاء فرقها القبض على عثمان البلوطي، بلجيكي الجنسية، الذي يُعد أحد أبرز المطلوبين دولياً للسلطات البلجيكية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
العالم تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)

العالم يخسر المعركة ضد الجريمة المنظمة

العصابات الدولية تعيد تشكيل خريطة الجريمة باستخدام التكنولوجيا والمخدرات، في وقت تبدو فيه الحكومات متأخرة عن مواكبة هذا التطور.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

جدَّدت واقعة توقيف «بلوغر» أزمات صانعات المحتوى في مصر، وتصدَّرت أنباء القبض على داليا فؤاد «التريند» عبر «غوغل» و«إكس».

محمد الكفراوي (القاهرة )
أوروبا ساحة بلازا دي كولون في إسبانيا (رويترز)

إسبانيا: العثور على 20 مليون يورو مخبأة بجدران منزل رئيس مكافحة الاحتيال السابق

اعتقلت السلطات الإسبانية الرئيس السابق لقسم مكافحة الاحتيال وغسل الأموال في الشرطة الوطنية الإسبانية، بعد العثور على 20 مليون يورو مخبَّأة داخل جدران منزله.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا الأميركي روبرت وودلاند داخل قفص المحكمة (أ.ب)

رفض استئناف أميركي مدان بتهريب المخدرات في روسيا

تتهم واشنطن موسكو باستهداف مواطنيها واستخدامهم أوراق مساومة سياسية، بيد أن المسؤولين الروس يصرون على أن هؤلاء جميعاً انتهكوا القانون.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.