دمشق تطالب بيروت بالتنسيق في ملف عودة النازحين

TT

دمشق تطالب بيروت بالتنسيق في ملف عودة النازحين

أتى مطلب التنسيق مع النظام السوري حول عودة النازحين السوريين إلى بلادهم ليضاف إلى العقد التي أدت إلى عرقلة تأليف الحكومة بعد نحو شهرين من تكليف الرئيس سعد الحريري، الذي لا يزال متمسكا بتفاؤله بقرب التأليف على عكس الأجواء السياسية السائدة.
وكان الاختلاف حول التنسيق مع النظام السوري بدأ مع إعلان الوزير جبران باسيل أن الحياة السياسية بين لبنان وسوريا ستعود إلى طبيعتها وتأكيد الرئيس ميشال عون على أن التنسيق مع النظام السوري لا بد منه في المرحلة المقبلة لحل مسألة النازحين وجملة ملفات اقتصادية - تجارية، ليعود بعدها الحريري ويؤكد التمسك بسياسة النأي بالنفس واحترام اتفاق الطائف، علما بأن سياسة النأي بالنفس التي سبق أن أعلن لبنان التزامه بها تتعلق بشكل رئيسي بالأزمة السورية.
وفي حين تضع مصادر في تيار «المستقبل» مواقف باسيل الأخيرة حول التنسيق مع النظام السوري في خانة «تقديم أوراق اعتماد سياسية لن تغيّر من الواقع شيئا»، تؤكد في الوقت عينه لـ«الشرق الأوسط» أن قرارا كهذا يتخذ على مستوى الدولة اللبنانية، من دون أن تنفي أن العقد الحكومية لا تزال على حالها. وهذا الواقع تلفت إليه أيضا مصادر مطلعة على موقف عون، مشيرة لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه لم يسجّل أي تواصل أو جديد على خط الحكومة منذ إعلان الرئيس عون صراحة عن ملاحظاته حول أداء الحريري. يذكر أنه رغم ما نقل عن استياء الأخير من هذه الانتقادات وشعوره بضغوط متزايدة عليه، بدا لافتا حرص الرئيس المكلف وأوساطه على عدم الدخول في سجال مع رئيس الجمهورية والتأكيد على أنه لا خلاف بينهما، في وقت برزت مواقف من قبل نواب «التيار» تتهم الحريري بالانحياز إلى خصومهم، في إشارة إلى «القوات» و«الاشتراكي».
لكن اكتفاء الحريري بالتأكيد على التمسك بسياسة النأي بالنفس من دون التعليق مباشرة على قضية التنسيق مع النظام السوري لا يعني أن هذا الأمر انتهى عند هذا الحد، وهو ما يشير إليه النائب في «التيار» حكمت ديب، كاشفا عن أن التنسيق مع النظام السوري هو مطلب من الأخير لعودة النازحين السوريين. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «النظام السوري بعث برسائل مباشرة وغير مباشرة إلى لبنان أن عودة النازحين تتطلب التنسيق معه على مستوى رسمي بحيث لم يعد كافيا حل الموضوع عبر المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم، وهو ما بات ضروريا العمل عليه في المرحلة المقبلة بعيدا عن المناكفات ومن منطلق المصلحة الوطنية». وفيما اعتبر أنه لا يمكن النأي بالنفس عن استقرار لبنان وأمنه واقتصاده عندما يكون مهددا بوجود هؤلاء النازحين، رأى أن الحريري وفريقه السياسي سيتفّهمون هذا الأمر خاصة أن عدة وزراء يتواصلون بشكل رسمي مع نظرائهم السوريين».
أما على خط العقد القديمة الجديدة التي باتت تعرف بالعقدتين الدرزية والمسيحية، فلم يطرأ أي جديد على الأولى، فيما أدى موقف باسيل الأخير باعتباره «اتفاق معراب» معلّقا، إلى تقديم «القوات» صيغة مطلبية جديدة تنطلق من المعيار الذي قدّمه الرئيس عون وباسيل على حد سواء، وبالتالي تطالب «القوات بخمسة وزراء بحسب ما قال مسؤول الإعلام والتواصل في الحزب شارل جبور، وذلك بعدما تم التداول مؤخراً بمعلومات عن منحه أربعة وزراء، وهو ما رفضه أيضا باسيل». وقال جبور لـ«الشرق الأوسط»: «بعد كلام باسيل الأخير وضربه جو التهدئة الذي أرساه البطريرك الماروني بشارة الراعي والرئيس عون وإصراره على الانقلاب على توقيعه على اتفاق معراب الذي نص على المساواة بين حصة (القوات و«التيار) وبعد تمسكه بالتوزيع النسبي الذي قال إن القوات حصلت على 31 في المائة من أصوات المسيحيين قررنا أن نطبق القاعدة التي دعا هو إلى تطبيقها والتي تؤدي إلى منحنا خمسة وزراء وهو ما سنبلغه للرئيس المكلف». وقال: «رغم أن حساباتنا تؤكد حصولنا على 37 في المائة من أصوات المسيحيين لكن سنقبل بتوزيع باسيل بحيث تعطينا نسبة الـ31 في المائة خمسة وزراء مقابل 8 وزراء للتيار بناء على الـ55 في المائة التي حصل عليها من أصوات المسيحيين الذين صوتوا طبعا للعهد، أي أن تكون هذه الحصة مجتمعة للطرفين، ليبقى بذلك وزيران مسيحيان من أصل 15 وزيرا، يمنح واحد لـتيار المردة» وآخر لـ«حزب الكتائب اللبنانية». وأضاف: «أما إذا تراجع هو عن الصيغة التي طرحها التي من شأنها أن تشكل حلا، فعندها سيكون للتعطيل أهداف وخلفيات أخرى».
في المقابل، جدّد وزير الخارجية أمس موقفه قائلا: «سنكون أكثر تصلبا في كل معركة سياسية تمس دورنا السياسي الذي قاتلنا كثيرا من أجل استرداده».



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.