بين موجة الاستقالات وتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب المثيرة للجدل، تواجه رئيسة الحكومة البريطانية أزمة سياسية على خلفية خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبي.
وارتفعت حدة الانتقادات لاستراتيجية «بريكست» التي اقترحتها ماي أمس، مع وصف وزيرة محافظة سابقة الخطة بـ«الضعيفة» ودعت لاستفتاء ثان على مغادرة الاتحاد الأوروبي. وقالت وزيرة التعليم السابقة جاستين غرينينغ، المعارضة لبريكست، إن خطة ماي تنفيذ قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن تجارة السلع دون التمكن من التأثير عليها «أسوأ ما يكون». ولافتة للانقسامات العميقة في الحكومة والبرلمان في طريق تطبيق ذلك، قالت غرينينغ إنه يتعين طرح القرار أمام الناخبين، لتنضم بذلك إلى عدد من كبار أعضاء حزب المحافظين الذي تنتمي له ماي المؤيدين لذلك الرأي، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وكتبت غرينينغ في مقالة بصحيفة «ذا تايمز» إن «الحل الوحيد هو إخراج القرار النهائي حول بريكست من يد السياسيين الواقفين في طريق مسدود، بعيدا عن الصفقات الخلفية، وإعطائه إلى الشعب». وطالما استبعدت ماي إجراء استفتاء ثان بعد أن أيد البريطانيون بغالبية 52 في المائة في 2016 مغادرة الاتحاد الأوروبي، لكن تأييد غرينينغ لما أطلق عليه «تصويت الشعب»، سيعطي الحملة زخما كبيرا.
ويعد موقف الوزيرة السابق ضربة جديدة لخطة ماي المؤيدة لإبقاء علاقات تجارية وثيقة مع الاتحاد الأوروبي، والتي تعرضت لانتقادات من المحافظين الذين يريدون انفصالا تاما. واستقال الوزيران بوريس جونسون وديفيد ديفيس احتجاجا على خطة ماي الأسبوع الماضي، كما استقال عدد من المسؤولين الحكوميين كان آخرهم مساعد النائب المحافظ سكوت مان الذي شغل منصب مساعد وزير الخزانة.
وكان للمشككين بالاتحاد الأوروبي فرصة لإظهار قوتهم في مجلس العموم مساء أمس، خلال تصويت على تعديلات لمشروع قرار يتعلق بنظام جمركي جديد بعد بريكست، هدد بالإطاحة بخطة ماي. وفيما يستبعد أن يحصلوا على الأغلبية إذ لن يدعمهم حزب العمال المعارض، إلا أن التصويت سيظهر عدد النواب المستعدين لمعارضة رئيسة الحكومة علنا.
وستختبر ماي من ناحية أخرى خطتها مع الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع، عندما تستأنف المفاوضات حول بريسكت في بروكسل. ويجري 27 من القادة الأوروبيين محادثاتهم الأولى حول الخطة الجمعة. ودافعت ماي نهاية الأسبوع الماضي عن خطتها، وقالت إن ليس هناك خطة بديلة تحمي تجارة السلع مع الاتحاد الأوروبي وتتجنب حواجز حدودية في آيرلندا.
وشددت رئيسة الوزراء على أن الخطة ستسمح لبريطانيا بضبط الهجرة وإنهاء صلاحيات المحاكم الأوروبية ووضع سياساتها التجارية الخاصة بها، رغم إعلان الرئيس الأميركي أن من شأن الخطة «أن تقضي» على فرص توقيع اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
ويعتقد المشككون في مؤسسات الاتحاد الأوروبي أن من شأن الخطة إبقاء بريطانيا قريبة جدا من الاتحاد الأوروبي، فيما حذر وزير بريكست السابق ديفيد ديفيس في مقالة نشرت بصحيفة «فايننشال تايمز» من أن خطة الحكومة «ستمنعنا من حرية إدارة اقتصادنا بنفسنا». وكتب: «سيكون من الخطير جدا مغادرة الاتحاد الأوروبي والبقاء خاضعين لقوانين وضعتها مؤسسات لا سلطة لنا على قراراتها». وحضت ماي في مقالة في صحيفة «ذا ميل اون صنداي»، الأحد، النواب المشككين بالاتحاد الأوروبي على «مواصلة التركيز على الهدف»، محذّرة من أن «عدم قيامنا بذلك يجعلنا نخاطر بعدم التوصل إلى بريكست على الإطلاق». ومؤيدو الاتحاد الأوروبي بدورهم غير راضين عن الخطة، وقال رئيس الحكومة العمالي السابق توني بلير إن من شأنها أن تؤدي إلى «نتيجة مشوشة». وتقدم عدد من النواب بتعديل لقانون الرسوم (التجارة الحدودية)، المعروف أيضا بقانون الجمارك، سعيا لاتحاد جمركي جديد مع الاتحاد الأوروبي رفضته ماي بشدة.
وحذر جيكوب ريس - موغ رئيس «مجموعة الأبحاث الأوروبية» التي تضم نوابا محافظين مشككين بالاتحاد الأوروبي، بأن خطة ماي ستحدث شرخا في حزبها. واتّهم رئيسة الحكومة بعدم تخليها عن تأييدها للبقاء في الاتحاد الأوروبي، وقال لهيئة الإذاعة البريطانية إن ماي «من المؤيدين للبقاء، وبقيت من المؤيدين للبقاء».
وقال ريس - موغ إنه لا يزال أمامها الوقت لتغيير مسارها، لكن الخطة الحالية لن تمر في البرلمان من دون دعم أصوات المعارضة. وتابع في تصريحاته لـ«بي.بي.سي»، أن «النتيجة الحتمية لعملية حساب برلمانية هي أنها (ماي) ستضطر لتغييرها للحفاظ على وحدة الحزب».
تزايد الضغوط على ماي... ودعوات لإلغاء خطتها لـ«بريكست»
وزيرة سابقة تدعو لاستفتاء ثانٍ ومحافظون يعلنون معارضتهم للحكومة
تزايد الضغوط على ماي... ودعوات لإلغاء خطتها لـ«بريكست»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة