السلطات العراقية تتحقق من تسجيل البغدادي المصور

مسؤول استخباراتي: التحليل الأولي أكد صحته

عراقيون يعاينون الأضرار التي خلفها قصف جوي في الموصل أمس (إ.ب.أ)
عراقيون يعاينون الأضرار التي خلفها قصف جوي في الموصل أمس (إ.ب.أ)
TT

السلطات العراقية تتحقق من تسجيل البغدادي المصور

عراقيون يعاينون الأضرار التي خلفها قصف جوي في الموصل أمس (إ.ب.أ)
عراقيون يعاينون الأضرار التي خلفها قصف جوي في الموصل أمس (إ.ب.أ)

بينما أعلنت السلطات العراقية أمس أنها تتحقق من صحة التسجيل الذي ظهر فيه زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية» أبو بكر البغدادي للمرة الأولى، كشف مسؤول أمني عن أن التحقيقات الأولية أكدت أن الشخص الذي يظهر في التسجيل هو فعلا البغدادي.
وقال الفريق قاسم عطا، المتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة العراقية، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «التسجيل قيد التحقيق والتحليل والمطابقة لدى الأجهزة الأمنية والاستخباراتية». وأضاف: «لدينا فريق من المحللين يعملون على التدقيق في طريقة سيره وعمره ومطابقة المسجد الذي ظهر فيه (....) فنيا من جميع النواحي»، معلنا أن لدى الأجهزة الأمنية معلومات عن البغدادي منذ تسلمه زعامة «الدولة الإسلامية» عام 2010.
بدوره، قال مسؤول كبير في الاستخبارات العراقية لوكالة «أسوشييتد برس»، طالبا عدم الكشف عن اسمه، إن تحليلا أوليا كشف عن أن الرجل الذي يظهر في التسجيل المصور هو بالفعل البغدادي.
وكان البغدادي، الذي بايعه تنظيمه «خليفة للمسلمين» بعدما أعلن «قيام الخلافة الإسلامية»، وفي أول ظهور علني مصور له، دعا المسلمين في خطبة الجمعة الماضية بمسجد في مدينة الموصل (350 كلم شمال بغداد) إلى إطاعته.
ويسيطر هذا التنظيم الجهادي المتطرف على مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا، وتمكن قبل أكثر من ثلاثة أسابيع من توسيع انتشاره إلى مناطق كبيرة في شمال وغرب وشرق العراق، بينها مدينتا الموصل وتكريت (160 كلم شمال بغداد). ويرى محللون أن الظهور العلني المصور الأول في مسجد بمدينة الموصل لزعيم تنظيم «الدولة الإسلامية» عبارة عن استعراض قوة يهدف إلى إبراز الثقة التي يتحلى بها هذا التنظيم المتطرف.
وقال تشارلز ليستر الباحث في مركز «بروكينغز» في الدوحة إن «أحد أكثر الرجال المطلوبين في العالم استطاع ببساطة السفر إلى الموصل ليخطب لمدة نصف ساعة في أكثر المساجد ازدحاما، في أكبر المدن الخاضعة لسيطرة جماعة جهادية». وأضاف أن «حقيقة أن البغدادي قد ظهر علنا في مثل هذا الموقع المركزي يعكس مدى الثقة التي تتمتع بها منظمته».
وارتدى البغدادي صاحب اللحية الرمادية الطويلة وهو يخطب في المصلين خلال صلاة الجمعة عباءة سوداء، ووضع على رأسه عمامة سوداء أيضا. وعرف النص الذي أرفق مع التسجيل المصور الرجل بـ«الخليفة إبراهيم»، وهو اللقب الذي أطلق على البغدادي بعدما قررت جماعته في 29 يونيو (حزيران) الماضي إعلان «الخلافة الإسلامية». ويمثل هذا الظهور العلني الأول لرجل تطارده عدة دول إقليمية ودولية أيضا تحولا جوهريا في القيادة تحت إشراف البغدادي الذي بدا وكأنه يسعى إلى التعريف بنفسه بعدما تساءل العديد من المناصرين للجهاديين حول كيفية مبايعة رجل لم يروه من قبل.
وفيما كان تنظيم «الدولة الإسلامية» يحقق نصرا معنويا عبر ظهور زعيمه في أكبر مساجد الموصل، واصلت القوات العراقية عملياتها لاستعادة مناطق من أيدي مسلحي تنظيمه، خصوصا تكريت؛ إنما من دون أن تنجح في ذلك رغم مرور أكثر من أسبوع على إطلاقها عملية برية جوية واسعة في محيط معقل الرئيس الأسبق صدام حسين.
وقال عطا في مؤتمر صحافي في بغداد أمس، إن طيران الجيش وجه «ضربات نوعية» استهدفت مناطق متفرقة بينها تلعفر في محافظة نينوى شمالا، والقائم قرب الحدود العراقية السورية غربا، ومناطق أخرى في محافظة ديالى إلى الشمال الشرقي من بغداد. وتحدث المسؤول العراقي عن مقتل أكثر من 20 مسلحا لدى محاولتهم تفخيخ مبنى مجلس محافظة صلاح الدين في مدينة تكريت.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.