روسيا ترفض خفض التصعيد في جنوب غربي سوريا

TT

روسيا ترفض خفض التصعيد في جنوب غربي سوريا

أخفق أعضاء مجلس الأمن في التوصل إلى اتفاق من أجل لجم التدهور الواسع في جنوب غربي سوريا، بعدما تذرعت روسيا بأنها «تحارب الجماعات الإرهابية» للتنصل من التزاماتها بموجب اتفاقيات خفض التصعيد. بينما عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن «قلقه البالغ» من «الأثر المدمر» للحملة العسكرية التي تشنها القوات النظامية بدعم من الطيران الروسي والميليشيات الإيرانية لإخراج المعارضة السورية المسلحة من المناطق المحاذية للحدود مع الأردن وإسرائيل.
وعلى أثر جلسة مغلقة طارئة بطلب من الأردن والسويد، قال المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، إن «هناك اتفاقاً على ضرورة إيصال المساعدات للمدنيين في جنوب غربي سوريا». غير أنه شكك في الأرقام التي أعلنتها الأمم المتحدة حول المقيمين في المنطقة واللاجئين إلى الحدود مع الأردن. وأكد أنه «لن يصدر أي بيان عن مجلس الأمن بسبب تباعد المواقف»، موضحاً أن نظراءه الغربيين «يركزون على وقف الأعمال القتالية» بينما «نحن نركز على محاربة الإرهابيين». وأضاف: «نتفق على الحاجة إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق لمساعدة أولئك المتضررين. وهم كانوا في حاجة إلى تلك المساعدة قبل التطورات الأخيرة».
أما المندوب الفرنسي فرنسوا دولاتر، فاعتبر أن «الهجمات في جنوب غربي سوريا خطيرة للغاية، وتأتي ضمن نمط نعرفه جيداً جميعاً»، محذراً من أن «تؤدي هذه الهجمات - التي هي كارثة بحد ذاتها - إلى تخريب العملية السياسية في وقت كان يوجد فيه بصيص أمل». وأكد أن الهجمات «تشكل انتهاكاً لاتفاق مناطق خفض التصعيد ونحتاج إلى وقف تام للعمليات العدائية كما يتوجب ذلك في القرار 2401». وأفاد نائب المندوبة البريطانية جوناثان ألن، بأنه «من الصعب للغاية تصديق أنه كان هناك الكثير من تخفيض للعنف في مناطق خفض العنف»، مستشهداً بما حصل في إدلب والغوطة الشرقية. وأمل في «تجنب تكرار ذلك هذه المرة»، معتبراً أن «مسؤولية ذلك تقع على عاتق جميع الأطراف، وبخاصة روسيا».
إلى ذلك، قال الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن الأمين العام غوتيريش «قلق للغاية» حيال الهجوم العسكري في جنوب غربي سوريا ومن «أثره المدمر على المدنيين». وأضاف، إن «قرابة 750 ألف شخص في خطر»، موضحاً أن «325 ألفاً تشردوا». وأيّد ما أورده المفوض السامي للمنظمة الدولية لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي «باعتباره وصياً على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وصوتاً رسمياً للأمم المتحدة بخصوص اللاجئين».
وحض مجدداً على «التعليق الفوري للأعمال القتالية ومعاودة المفاوضات»، داعياً كل الأطراف إلى «اتخاذ كل التدابير اللازمة لحماية أرواح المدنيين، والسماح بحرية التنقل، وحماية البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المرافق الطبية والتعليمية، في كل الأوقات، وفقاً للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان». وطالب بـ«السماح للأمم المتحدة بمعاودة القيام بعمليات تسليم إنسانية عبر الحدود وعبر الجبهات من دون مزيد من التأخير لفائدة المحتاجين إليها داخل سوريا».
وأفاد غراندي في بيان، بأنه «يشعر بقلق بالغ حيال السكان المدنيين الواقعين في مرمى النيران في جنوب غربي سوريا، بما في ذلك الغارات الجوية والقصف الشديد»، قائلاً إن «هناك خطراً يتهدد حياة نحو 750 ألف شخص، ويوجد أكثر من 320 ألف شخص الآن في عداد النازحين، يعيش معظمهم في ظروف مريعة وغير آمنة، من ضمنهم نحو 60 ألف شخص ممن يقيمون في خيام عند معبر نصيب - جابر الحدودي مع الأردن». وأضاف، إنه «على رغم أن المجتمعات المحلية في سوريا فتحت أبوابها لاستقبال الكثير من النازحين، فإن معظمهم يجدون أنفسهم مجبرين على العيش في مساحات مفتوحة أو في مآوٍ مؤقتة تفتقر للأمان والحماية من العوامل الجوية»، موضحاً أن «بين النازحين، أعداد كبيرة من النساء والأطفال، وكذلك كبار السن والمصابون والمرضى»، فضلاً عن «عمال الإغاثة الإنسانية المحليون الذين دأبوا على مساعدة السكان المدنيين بكل إخلاص طوال فترة النزاع».
وأوضح أن «الأولوية الأكثر إلحاحاً تكمن في إيجاد حل سياسي للنزاع وتجنيب المدنيين السوريين المزيد من المعاناة». وأكد أن «الوضع الأمني يقف عائقاً أمام جهودنا للوصول إلى عدد كبير من الناس ممن هم في حالة سيئة للغاية». ودعا كل الأطراف إلى «مضاعفة الجهود لوقف الأعمال القتالية والسماح للجهات الإنسانية الفاعلة بتقديم المساعدة المنقذة للحياة والمأوى وإجلاء الجرحى». وقال، إن «الأعمال القتالية في المنطقة الحدودية تتهدد حياة السكان ولا تترك للكثيرين أي خيار سوى البحث عن الأمان في الأردن المجاورة». وأشاد بالأردن «لتكرمها بتوفير الحماية لمئات الآلاف من اللاجئين السوريين منذ بداية الأزمة ولتقديم المساعدة وتيسيرها للمحتاجين داخل سوريا». وأفاد بأنه «بالنظر إلى المخاطر المباشرة، أدعو إلى توفير اللجوء المؤقت في الأردن لمن هم في حاجة إلى الأمان، وكذلك أدعو المجتمع الدولي إلى أن يقدم الدعم الفوري والأساسي للأردن، من منطلق التضامن وتقاسم المسؤولية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».