بيونغ يانغ تحيي ذكرى الحرب الكورية من دون انتقاد واشنطن

ماتيس إلى بكين اليوم لبحث نفوذها في بحر الصين الجنوبي

أهالي الجنود الكوريين الجنوبيين الذين قضوا في الحرب الكورية يحيون ذكراها في سيول أمس (أ.ب)
أهالي الجنود الكوريين الجنوبيين الذين قضوا في الحرب الكورية يحيون ذكراها في سيول أمس (أ.ب)
TT

بيونغ يانغ تحيي ذكرى الحرب الكورية من دون انتقاد واشنطن

أهالي الجنود الكوريين الجنوبيين الذين قضوا في الحرب الكورية يحيون ذكراها في سيول أمس (أ.ب)
أهالي الجنود الكوريين الجنوبيين الذين قضوا في الحرب الكورية يحيون ذكراها في سيول أمس (أ.ب)

أحيت الكوريتان، أمس، ذكرى اندلاع الحرب بينهما وسط أجواء من الانفراج، حيث تخلت بيونغ يانغ عن خطاباتها التقليدية المناهضة للولايات المتحدة، في وقت أكدت سيول بدء المحادثات بشأن سحب مدفعية كوريا الشمالية من منطقة الحدود المتوترة.
وعادة ما تعجّ وسائل الإعلام الكورية الشمالية الرسمية بالتعابير المعادية للولايات المتحدة في 25 يونيو (حزيران) من كل عام لإحياء إطلاق بيونغ يانغ عملية اجتياح واسعة لجارتها الجنوبية في 1950، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. لكن هذا العام كان استثنائياً غداة قمة سنغافورة التاريخية.
وقال رئيس الوزراء الكوري الجنوبي، لي ناك يون، إن المحادثات جارية بشأن نقل بيونغ يانغ مدفعيتها بعيدة المدى عن الحدود. وتشير تقديرات إلى امتلاك كوريا الشمالية نحو ألف قطعة مدفعية على الحدود؛ ما يشكل تهديداً للعاصمة الكورية الجنوبية سيول التي لا تبعد عنها سوى 50 كيلومتراً فقط.
ولطالما اتهمت بيونغ يانغ الولايات المتحدة بإثارة الحرب الكورية (1950 - 53) كجزء من مخططها للهيمنة عالمياً، وحمّلتها مسؤولية تقسيم شبه الجزيرة الكورية الذي اتفقت عليه كل من موسكو وواشنطن في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية.
ودعمت قوة الأمم المتحدة المكونة من 16 دولة، التي قادتها الولايات المتحدة، الشطر الجنوبي خلال الحرب في حين دعمت الصين القسم الشمالي. وقال تقرير نشرته صحيفة «رودونغ سينمون» الرسمية: «في هذا اليوم من كل عام، يستعيد جيشنا وشعبنا شريط الذكريات المليئة بالعزيمة على الدفاع عن أمتنا». وأضافت: إن «ما فاجأ العالم بشكل أكبر كان (...) وقوف شعبنا يداً واحدة لإبادة العدو»، الذي لم تأتِ على تسميته في أي من تقاريرها، وفق الوكالة الفرنسية.
وفي تباين واضح، امتلأت صفحات الجريدة الست العام الماضي بالانتقادات لـ«الإمبرياليين الأميركيين»، محمّلة الولايات المتحدة مسؤولية «المحرقة التي ارتكبوا خلالها مجزرة بحق عدد لا يحصى من الكوريين بأفظع الأساليب وأكثرها وحشية». وتأتي الذكرى هذا العام في غضون أقل من أسبوعين على مصافحة تاريخية بين زعيم كوريا الشمالية والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال قمة غير مسبوقة في سنغافورة. وبدأت مظاهر الدعاية المعادية للولايات المتحدة تختفي من شوارع بيونغ يانغ، في وقت تم استبدال صور عمليات إطلاق الصواريخ والتشكيلات العسكرية التي كانت في موقع بارز خارج محطة قطارات المدينة بصور تظهر الصناعة والزراعة.
وأشار محللون إلى أن الغياب النادر لانتقاد الولايات المتحدة في تغطية وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية للذكرى قد يكون جزءاً من جهود النظام للمحافظة على الزخم الدبلوماسي الحالي. وقال الباحث بالشأن الكوري الشمالي في جامعة سيول الوطنية، بيتر وارد، إن «الأمر لافت». وأضاف: «قد يكون لمعاداة الولايات المتحدة جذور شعبية متأصلة في كوريا الشمالية (غذتها عقود من الدعاية)، لكن ما نراه هو ما تريد الدولة منا أن نراه».
أما عبر الحدود، فقد أكد رئيس الوزراء، لي، خلال مراسم إحياء ذكرى الحرب في سيول، أن النزاع بدأ «جراء الاجتياح الكوري الشمالي»، لكنه شدد على التقارب الدبلوماسي الذي شهدته شبه الجزيرة مع استباق قمتين بين الكوريتين اجتماع سنغافورة، الذي أعلن بعده ترمب تعليق التدريبات العسكرية المشتركة مع سيول المتحالفة أمنياً مع واشنطن.
وخلال محادثاتهما في سنغافورة، وقّع ترمب وكيم على بيان مشترك أعربت فيه بيونغ يانغ عن التزامها «العمل نحو نزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية بشكل كامل». لكن جهات عدة رأت في اللقاء بين الزعيمين المتقلبين استعراضاً أكثر مما هو خطوة جوهرية، حيث انتهى بوثيقة افتقدت إلى التفاصيل بشأن مسألة ملف كوريا الشمالية للأسلحة الذرية.
على صعيد متصل، يجري وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس ابتداءً من اليوم (الثلاثاء) وحتى بعد غدٍ (الخميس) زيارة هي الأولى له إلى الصين، وسط تصاعد التوتر بين البلدين، لكن أيضاً في ظل الحاجة إلى كسب دعم بكين في المحادثات النووية مع كوريا الشمالية.
وصرح ماتيس لصحافيين الأحد، بأنه يريد «اتخاذ إجراءات» حيال الطموحات الاستراتيجية للصين بعد نشرها أسلحة على جزر متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، ووسط سعيها لإظهار قوتها العسكرية في عمق المحيط الهادي.
ويأمل ماتيس أيضاً خلال جولته التي تستمر أربعة أيام، وتشمل كذلك كوريا الجنوبية واليابان، في تأكيد التزام الصين الضغط على كوريا الشمالية للتخلي عن أسلحتها النووية. وقال ماتيس، إن للولايات المتحدة والصين واليابان وكوريا الجنوبية «هدفاً مشتركاً: إخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي على نحو كامل ولا رجعة فيه ويمكن التحقق منه».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.