تصريحات رئيس الحكومة الكاتالونية تعمّق الشرخ مع مدريد

جانب من مظاهرة ضد زيارة العاهل الإسباني لكتالونيا الجمعة الماضي (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرة ضد زيارة العاهل الإسباني لكتالونيا الجمعة الماضي (إ.ب.أ)
TT

تصريحات رئيس الحكومة الكاتالونية تعمّق الشرخ مع مدريد

جانب من مظاهرة ضد زيارة العاهل الإسباني لكتالونيا الجمعة الماضي (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرة ضد زيارة العاهل الإسباني لكتالونيا الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

بدت المصافحة بين العاهل الإسباني فيليبي السادس ورئيس الحكومة الإقليمية الكاتالونية خواكين تورّا مساء الجمعة الماضي خلال افتتاح دورة ألعاب المتوسط، كأنها بداية لمرحلة من الانفراج بين السلطة المركزية في مدريد والانفصاليين في كاتالونيا بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الاشتراكي بيدرو سانشيز، لكنها كانت في الواقع محض سراب يخفي وراءه معركة صدامية محتدمة في انتظار الجولة التالية من المواجهات.
لم يبرد بعد جمرُ التصريحات النارية التي استهلّ بها تورّا ولايته أواسط الشهر الماضي، متوعّدا عدم التراجع عن السياسة الانفصالية التي نهجها سلفه كارليس بوتشيمون ومصرّا على المضي في المواجهة. ولم تقنع أحداً دعواته اللاحقة إلى الحوار «بين حكومتين»، التي حاول من خلالها تلميع الصورة القاتمة التي ارتسمت بعد المواقف العنصرية التي صدرت عنه واعتذر عنها لاحقا.
وقد جاءت تلك المصافحة بعد أربعة أيام من التردد والمواقف المتضاربة التي حاول تورّا من خلالها إرضاء الجناح الانفصالي المتطرف والجهات المنظمة للألعاب المتوسطية، وأعقبت إعلانه رسميا القطيعة مع القصر الملكي الذي لم يتجاوب مع دعواته للحوار، موضحا أن رئيس الحكومة الإقليمية هو «الممثل الأعلى للدولة المركزية في كاتالونيا». وكان تورّا قد اجتمع قبل مصافحته الملك فيليبي السادس بالمتظاهرين من المنظمات الانفصالية الذين كانوا يحتجون على زيارة العاهل الإسباني، وأعلن: «لن نتراجع خطوة واحدة إلى الوراء»، فيما كانت مظاهرة أخرى تهتف بحياة الملك وضد الحركة الانفصالية.
وفي بيان رسمي صدر عن رئيس الحكومة الإقليمية قبل دقائق من افتتاح الألعاب، قال تورّا: «تريّثت حتى اللحظة الأخيرة كي أفسح في المجال أمام الملك كي يعيد النظر في موقفه من كاتالونيا، أو على الأقل، كي يصغي إلينا... كاتالونيا بيتنا، والكلمة الفصل في كاتالونيا هي لأهلها ومؤسساتها». وأضاف أنه «اعتبارا من اليوم، لن يشارك أي من أعضاء الحكومة الكاتالونية في الاحتفالات أو المناسبات الرسمية التي ينظمها القصر الملكي، ولن يُدعى الملك إلى الاحتفالات أو المناسبات التي تنظمها الجنراليتات»، في إشارة إلى حكومة كاتالونيا.
وكان تورّا قد تذمّر من أن الحكومة الإقليمية «بذلت ما بوسعها لفتح قناة للحوار المباشر مع الملك، لكن الطرف الآخر لم يتجاوب»، مضيفاً: «لن أذهب لالتقاط الصور مع أولئك الذين يوفّرون الغطاء لمن يقمع شعبنا»، في إشارة إلى الخطاب الشهير الذي ألقاه فيليبي السادس في 3 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد يومين من الاستفتاء الانفصالي الذي أبطلت المحكمة الدستورية مفاعيله، وفي ذروة الأزمة عقب المواجهات العنيفة بين المتظاهرين الانفصاليين والشرطة في برشلونة. وقد تعمّد العاهل الإسباني في ذلك الخطاب عدم الإشارة إلى الجرحى الذين أصيبوا في المواجهات مع الشرطة، مما أثار موجة واسعة من السخط والاحتجاج في صفوف الانفصاليين، مشددا على أن «السلطات الشرعية للدولة منوطة الحفاظ على النظام الدستوري».
ومما زاد من نقمة الانفصاليين مؤخرا، موقف حكومة سانشيز التي قطعت الطريق على المحاولات التي بذلها تورّا وسلفاه آرتور ماس وكارليس بوتشيمون الفار في ألمانيا، لفتح حوار مع الملك. فقد جاء الردّ بالنفي من مكتب رئيس الوزراء، الذي ذكّر بأن مثل هذه الطلبات يجب أن تمّر عبر الحكومة.
كل هذه التطورات من شأنها أن تلقي ظلالا كثيفة على اللقاء المرتقب بين رئيس الوزراء الجديد بيدرو سانشيز ورئيس الحكومة الإقليمية في كاتالونيا مطالع الشهر المقبل، رغم أنه ليس من المتوقع أن يثمر هذا اللقاء عن أي إجراءات عملية، بل أن يكون بداية مقاربة جديدة للملف الانفصالي الكاتالوني بعد التغيير الحكومي الأخير في مدريد.
وتجدر الإشارة إلى أن الحزب الاشتراكي الإسباني الذي يقوده سانشيز، والذي يتمتع بقاعدة شعبية واسعة وراسخة في كاتالونيا، سبق له أن تولّى رئاسة بلدية برشلونة عدة مرات، ويعارض قيام الجمهورية الكاتالونية المستقلة التي ينادي بها الانفصاليون، ويؤيد تعديل الدستور الإسباني لقيام دولة فيدرالية على غرار ألمانيا، ويختلف في الرأي مع الانفصاليين من حيث إن تعديل الدستور يقتضي أغلبية الثلثين في البرلمان.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.