يتمثل أبرز شيء في أول أسبوع من مباريات كأس العالم 2018 بروسيا في أن كثيراً من المنتخبات الكبرى المرشحة للحصول على لقب البطولة قد وجدت صعوبة هائلة في تحقيق الفوز، وهو ما يشير إلى أن شيئاً ما قد تغير، وأن كرة القدم في الوقت الحالي باتت تعتمد على الإصرار والعزيمة واللعب بكل قوة وثقة في النفس.
لقد أصبحت المنتخبات الصغرى تؤمن بقدرتها على أن تسبب المشكلات والمتاعب للقوى العظمى في عالم الساحرة المستديرة، وخير دليل على ذلك أننا رأينا علامات الحزن وخيبة الأمل على وجوه لاعبي المنتخب التونسي بعد خسارتهم بهدفين مقابل هدف وحيد أمام المنتخب الإنجليزي. وأصبحت هذه المنتخبات الصغيرة تؤمن بأنه يمكنها أن تحقق نتائج إيجابية أمام أعتى وأقوى المنتخبات.
وقد رأينا الوجه الجديد لكرة القدم يتمثل في أداء منتخب مثل آيسلندا في كأس الأمم الأوروبية الماضية وهنا في كأس العالم بروسيا، بعدما أجبرت منتخباً عريقاً مثل الأرجنتين على التعادل. ورأينا كيف فازت المكسيك على ألمانيا، وهو الفوز الذي لم يتحقق بالصدفة، ولكنه جاء بفضل تفوق تكتيكي وخططي وإيمان لاعبي المنتخب المكسيكي بقدرتهم على تحقيق الفوز، حتى لو كان ذلك أمام حامل لقب كأس العالم.
وأتذكر أننا في منتخب فرنسا قد بدأنا منافسات كأس العالم 2002 بكوريا الجنوبية واليابان بشكل كارثي وخسرنا أمام السنغال في المباراة الافتتاحية، رغم أن المنتخب الفرنسي كان حامل لقب بطولتي كأس العالم وكأس الأمم الأوروبية.
وفي كرة القدم الحديثة أصبحت كل الفرق قادرة على أن تنظم نفسها بشكل جيد وأن تسبب المتاعب للفرق الأخرى، ولم تعد الفرق الصغرى تخشى مواجهة الكبار كما كان الأمر في الماضي. وأصبحت هذه المنتخبات الصغيرة قادرة على مقارعة المنتخبات الكبرى فيما يتعلق بالناحية البدنية، وسوف ننتظر لنرى ما إذا كانت هذه المنتخبات ستتمكن من مواصلة النجاحات والعمل بالقوة والعزيمة نفسيهما أم لا.
ومن بين كل المنتخبات الكبرى المرشحة للفوز باللقب، أعجبت كثيراً بأداء المنتخب الإسباني، حتى على الرغم من فشله في تحقيق الفوز على منتخب البرتغال. لقد أظهر الماتادور الإسباني أنه قادر من الناحية الفنية والبدنية على المنافسة بقوة على لقب كأس العالم. صحيح أن المنتخب الإسباني قد ارتكب بعض الأخطاء الدفاعية التي كلفته غالياً، لكنه لعب بشكل قوي وقدم أداء هو الأفضل لأي فريق في البطولة حتى الآن. ويدرك المنتخب الإسباني ألا يلعب كل مباراة أمام لاعب بحجم وقدرات النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو.
ورأينا المنتخب البرازيلي وهو يواجه صعوبات كثيرة أمام سويسرا. صحيح أن راقصي السامبا البرازيلية لديهم مهارات رائعة وفنيات كبيرة تجري في عروقهم، لكننا رأيناهم يلعبون بشكل فردي أكثر من اللازم ولا يلعبون بشكل جماعي من أجل مصلحة الفريق. ولم يقدم السيليساو الأداء الذي كان ينتظره الجميع، والذي كنت أنتظره أنا شخصياً. وظهر نجم برشلونة فيليبي كوتينيو بشكل جيد وكان يتعامل مع الكرات بذكاء، في حين كان ويليان يلعب بشكل مباشر ومكشوف للاعبي الفريق المنافس.
وترك نيمار انطباعاً بأنه يلعب لنفسه وليس من أجل مصلحة الفريق، فبمجرد أن تصل إليه الكرة فإنه يقلل سرعة المباراة وينتظر من أجل أن يراوغ لاعبي الفريق المنافس، بغض النظر عما إذا كان هذا هو الشيء الصحيح أم لا. ونظراً لأن نيمار يعرف أنه يمتلك الموهبة القادرة على تغيير نتيجة المباراة، ينتابك شعور بأنه يريد أن يكون هو الشخص الذي يقوم بذلك دائماً، ويريد أن يحقق هذا بأفضل اللمحات الفنية والاستعراضات المهارية.
لكن يتعين على نيمار أن يدرك جيداً أن الأمور لا تسير بهذه الطريقة على المستوى الدولي. قد يكون نيمار هو اللاعب الأفضل حالياً، لكن يتعين عليه أن يفكر في اللعب الجماعي من أجل مصلحة الفريق.
ويتعين على نيمار أن يفكر في زملائه في الفريق ويتبادل الكرات معهم من أجل التقدم للأمام واختراق دفاعات الفرق المنافسة. وكانت المرة الوحيدة التي قام فيها نيمار بذلك على الناحية اليسرى مع مارسيلو وكوتينيو هي التي أسفرت عن الهدف الوحيد للبرازيل في المباراة، لكن ذلك لم يكن كافياً في حقيقة الأمر.
وفي المقابل، لعب المنتخب الفرنسي بطريقة 4 - 3 - 3 من أجل تحقيق الاستفادة القصوى من سرعة ومهارة كيليان مبابي وعثمان ديمبلى أمام أستراليا، لكننا رأينا مرة أخرى أن غياب أوليفر جيرو يكون مؤثراً للغاية في أداء الديوك الفرنسية.
وعندما شارك جيرو، غير المدير الفني للمنتخب الفرنسي ديديه ديشامب طريقة اللعب إلى 4 - 4 - 2 وظهر الفريق بشكل أكثر توازناً، وبالتالي أصبح يتعين على ديشامب أن يحسم الأمور سريعاً، وأصبح السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل بات يتعين على ديشامب أن يغير طريقة اللعب ليعتمد على لاعبين اثنين في وسط الملعب ويترك أنطوان غريزمان يلعب خلف جيرو؟ لكن الشيء المؤكد يتمثل في أنه يتعين على فرنسا أن تقدم أداء أفضل مما قدمته أمام أستراليا إذا كانت تريد أن تذهب بعيداً في المونديال. أما الآن، فنحن نعرف أن الفوز على بيرو في الجولة الثانية قد أهلنا إلى دور الـ16.
وبالنسبة للمنتخب الإنجليزي، فقد نجح مهاجم توتنهام هوتسبير هاري كين في إنقاذ منتخب الأسود الثلاثة، الذي أرى أنه قدم أداء جيداً. لكن يمكن لأي متابع أن يرى أن المنتخب الإنجليزي يفتقد الخبرات وربما القائد على المستوى التقني والفني، وقد كنت أنتظر كثيراً من ديلي إلي على سبيل المثال. ودعوني أقول إنني لم ألحظ أي شيء يجعلني أقول إن منتخب إنجلترا سيكون قادراً على الحصول على لقب كأس العالم.
وفي المقابل، قدم المنتخب البلجيكي أداء مقنعاً أمام بنما، وبدا أن رفاق إيدن هازارد قد أصبحوا أكثر نضجاً وخبرة بعد الأداء المخيب للآمال الذي قدمه الفريق في كأس الأمم الأوروبية 2016. وأظهر الفريق في المباراة الافتتاحية له في المونديال أنه يمتلك قدرات هائلة.
ويملك المنتخب البلجيكي مجموعة من اللاعبين الذين يعرفون جيداً أن هذا الجيل الذهبي إذا لم يحقق شيئاً الآن فإنه لن يحقق أي شيء بعد ذلك، وقد شعرت بأن كثيراً من لاعبي المنتخب البلجيكي جاهزون لتحمل المسؤولية. ويضم منتخب بلجيكا كوكبة من اللاعبين أصحاب المهارات الكبيرة والإمكانات الهائلة الذين يمكنهم تقديم أداء هجومي مميز وإحداث المشكلات لأي فريق منافس. أعرف تماماً أن بلجيكا كانت تلعب أمام منتخب ضعيف مثل بنما، لكنني أعجبت كثيراً بأداء المنتخب البلجيكي الذي يجعلك تشعر بأنهم قادرون على الذهاب بعيداً في كأس العالم لو لعبوا بشكل جماعي من أجل مصلحة الفريق.
حان الوقت لكي يلعب نيمار من أجل الفريق البرازيلي
ديسايي نجم منتخب فرنسا الفائز بمونديال 1998 يحلل الدور الأول للمونديال وينتقد فردية نجم منتخب السامبا
حان الوقت لكي يلعب نيمار من أجل الفريق البرازيلي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة