حزب الله ينتقد طرح الرئيس اللبناني «حكومة أمر واقع» لا تنال ثقة البرلمان

الرئيس اللبناني ميشال سليمان يستقبل المفوضة الانسانية للأمم المتحدة فالري أيموس في مكتبه ببيروت أمس حيث تم مناقشة أوضاع اللاجئين السوريين (إ.ب.أ)
الرئيس اللبناني ميشال سليمان يستقبل المفوضة الانسانية للأمم المتحدة فالري أيموس في مكتبه ببيروت أمس حيث تم مناقشة أوضاع اللاجئين السوريين (إ.ب.أ)
TT

حزب الله ينتقد طرح الرئيس اللبناني «حكومة أمر واقع» لا تنال ثقة البرلمان

الرئيس اللبناني ميشال سليمان يستقبل المفوضة الانسانية للأمم المتحدة فالري أيموس في مكتبه ببيروت أمس حيث تم مناقشة أوضاع اللاجئين السوريين (إ.ب.أ)
الرئيس اللبناني ميشال سليمان يستقبل المفوضة الانسانية للأمم المتحدة فالري أيموس في مكتبه ببيروت أمس حيث تم مناقشة أوضاع اللاجئين السوريين (إ.ب.أ)

جدد حزب الله انتقاد الرئيس اللبناني ميشال سليمان، على ضوء دعوته لتشكيل حكومة جديدة ترعى الانتخابات الرئاسية «حتى لو لم تحصل على الثقة»، إذ اعتبر نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أن «هذا الأمر مخالف للدستور»، لأنها «منعدمة الوجود القانوني»، محذرا من أن «مثل هذا المسار يُدخل البلد في النزاع والانقسام والفوضى».
وجاء الرد المباشر الرافض لقيام حكومة «أمر واقع»، على دعوة سليمان، على الرغم من أن هذا الخيار «لم يتمتع حتى الآن بأرجحية، ولا يزال ضمن الخيارات المطروحة لتشكيل حكومة»، كما قالت مصادر مواكبة لعملية التأليف لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أنه «لا جديد على هذا الملف».
وتقاطعت تلك التصريحات مع ما أكدته مصادر الرئيس اللبناني لـ«الشرق الأوسط»، بقوله إنه «لا شيء واضحا حتى الساعة على صعيد تشكيل الحكومة»، مشيرة إلى أن ما طُرح «لا يزال ضمن الخيارات».
ويعارض حزب الله، كما مختلف قوى 8 آذار، تشكيل حكومة لا يلحظ توزيع الحقائب فيها تساوي حصة هذا الفريق مع حصة قوى 14 آذار، تحت عنوان «حكومة وحدة وطنية»، علما بأن القانون اللبناني يشترط توقيع رئيس الحكومة المكلف بتشكيلها، وتوقيع الرئيس اللبناني، كي تعتبر الحكومة قائمة فعلا، ويجيز للرئيسين سليمان وسلام تشكيل الحكومة وعرضها على التصويت في مجلس النواب بهدف حصولها على ثقة المجلس.
وبحكم القانون، فإن توقيع مرسوم تشكيل الحكومة من قبل الرئيسين سليمان وسلام، من غير حصولها على ثقة مجلس النواب، يحولها إلى حكومة تصريف أعمال.
ووافق حزب الله وسائر قوى 8 آذار على طرح رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، بتشكيل حكومة مشاركة وطنية، تمنح كلا من الفريقين (8 و14 آذار) 9 حقائب وزارية، فيما تمنح المستقلين 6 حقائب وزارية. وقال الشيخ قاسم في بيان، إن حزب الله «حرص على قاعدتين، أولاهما بناء المؤسسات واحترام صلاحياتها، وثانيتهما السعي للتعاون والشراكة الوطنية مع كل الأطياف والفئات للنهوض معا لمصلحة لبنان»، مشيرا إلى أن الحزب «اصطدم بعقلية الاستئثار التي تريد إلغاء الآخرين، فإذا ما عجزت فلا مانع لديها من تخريب البلد والمؤسسات».
وإذ شن قاسم هجوما على قوى 14 آذار، متهما إياها «بالعمل على التدمير المنهجي للمؤسسات»، قال «لو ساعدتهم الظروف لشكلوا حكومة اللون الواحد على الرغم من تسمية الجميع لرئيس الحكومة المكلف، لكنهم لم يحصلوا على الأكثرية لذلك، وإذ بهم يطرحون فكرة الحكومة التي لا تحصل على ثقة المجلس، أي التي لا تجمع الأكثرية بهدف إزاحة حكومة تصريف الأعمال، واستبدالها حكومة مبتورة بها تكون بإدارتهم، على ألا يكونوا في حكومة وحدة وطنية أو حكومة مشاركة «9-9-6». وقد فشل طرحهم هذا بسبب المخالفة الصريحة للدستور والقوانين فرُفع من التداول.
وبينما يطلق على حكومة لا تلحظ رأي الفرقاء السياسيين توصيف «حكومة أمر واقع»، يعارض قانونيون هذه التسمية. ويقول الخبير في القانون الدستوري إدمون رزق، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من الخطأ الشائع تسميتها حكومة أمر واقع، لأنها دستورية مائة في المائة، بحكم مهرها بتوقيع رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، وهو ما يفرضه الدستور لإعلان الحكومة»، مشيرا إلى أن «الأمر الواقع هو عدم تشكيل حكومة، وعلى هذا الأساس كنت من داعي الرئيسين سلام وسليمان، منذ ستة أشهر، لإصدار مراسيم تأليف الحكومة».
واستغرب رزق الجدل القائم حول علاقة الحكومة بالانتخابات الرئاسية، مؤكدا أنه «لا علاقة لتوصيف الحكومة بانتخابات رئاسة الجمهورية لأن الرئيس ينتخبه مجلس النواب، ولا دور للحكومة في الانتخابات الرئاسية سوى أن مجلس الوزراء مجتمعا يتولى السلطة التنفيذية ومهام الرئاسة في حال شغور سدة الرئاسة».
وإذ اعتبر رزق أن الأولوية لتأليف الحكومة و«صرف النظر عن الجدل خارج الموضوع ذات الأولوية»، قال إن «الرئيسين لم يقوما بواجبهما الدستوري حتى الآن، على الرغم من أن الرئيس سليمان يظهر حسن نية ويبدي آراء جيدة، لكنه لا يتخذ قرارات قانونية يجيز له الدستور اتخاذها، إذ يجب أن ينتقل مع الرئيس المكلف إلى خطوات عملية، مثل تأليف الحكومة وعرضها على مجلس النواب لنيل الثقة».
ويبدو أن الرئيسين سليمان وسلام، وعلى الرغم من إجازة الدستور لهما تأليف الحكومة، يتريثان قبل الإقدام على هذه الخطوة، منعا لدخول البلاد في «النزاع والانقسام والفوضى»، كما قال قاسم. وتعترض مثل الخطوة معضلة اختيار الوزراء الشيعة في الحكومة، إذا قاطعها حزب الله وحركة أمل اللذان يمثلان شيعة لبنان في المشهد السياسي. ويفرض القانون اللبناني أن يكون الوزراء في الحكومة مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، فيما تتوزع مقاعد السنة والشيعة والموارنة، بالتساوي من ضمن المناصفة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.