تونس: البرلمان يناقش قانون مكافحة الإثراء غير المشروع

الحكومة تدرس مراجعة أسعار المحروقات مع ارتفاع الأسعار العالمية للنفط

TT

تونس: البرلمان يناقش قانون مكافحة الإثراء غير المشروع

أكد الطيب المدني، رئيس لجنة التشريع العام في البرلمان التونسي، تجاوز عدد من النقاط الخلافية بين الكتل البرلمانية حول قانون التصريح بالمكاسب ومكافحة الإثراء غير المشروع، وتضارب المصالح في القطاع العام، وهو القانون الذي عرض على أنظار البرلمان أمس، ويتواصل عرضه اليوم للمصادقة عليه.
وخلال جلسة أمس، تبادل ممثلو الأحزاب المشكلة للائتلاف الحاكم التهم مع ممثلي أحزاب المعارضة بشأن محاولات تعطيل هذا القانون، وإثقاله بعدد من النقاط الجانبية التي قد تؤجل التصويت بشأنه وإقراره بصفة نهائية.
وقال المدني في تصريح إعلامي قبل جلسة الانعقاد البرلمانية، إن «مختلف فصول هذا المشروع تحظى بتوافق بين الكتل الممثلة في لجنة التشريع العام، التي تولت النظر في مشروع القانون»، مبرزاً أن كتلة حزب النداء وكتلة حركة النهضة في البرلمان تقدمتا إلى جانب كتل أخرى بمجموعة من مقترحات لتعديل هذا القانون، ستنظر فيها الجلسة العامة.
بدوره، قال غازي الشواشي، رئيس حزب التيار الديمقراطي المعارض، في معرض حديثه عن أهم المداخلات التي قدمت تحت قبة البرلمان أمس، إن عدة أطراف سياسية «تلكأت وماطلت في تمرير قانون التصريح بالمكاسب والإثراء غير المشروع، وتضارب المصالح في القطاع العام. ونحن نعتبر أن هذا القانون مصيري بالنسبة لتونس، التي تطمح إلى مقاومة الفساد، والانخراط في المنظومة الدولية للحوكمة، والتصرف الرشيد في الموارد»، حسب تعبيره.
من ناحيتها، قالت بشرى بلحاج حميدة، النائبة المستقيلة من الكتلة البرلمانية لحزب النداء، إن هذا القانون «سيمكن من التمييز بين المرتشي والسارق، والنزيه ونظيف اليد... وجانب كبير من المشكلات الاقتصادية والمالية التي ترزح تونس تحت وطأتها ترجع أساساً إلى الفساد، الذي ينخر الدولة منذ سنوات».
وكان شوقي الطبيب، رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، قد أعلن في تصريحات سابقة أن تونس تخسر نحو 3 نقاط تنموية بسبب تفشي مظاهر الفساد في معظم الإدارات الحكومية ومفاصل الدولة.
ويتكون هذا القانون، الذي ظل لفترة طويلة حبيس أروقة البرلمان، من 52 فصلاً، موزعة على 4 أبواب. وينص الفصل الأول على أن القانون يهدف إلى «دعم الشفافية وترسيخ مبادئ النزاهة والحياد والمساءلة، ومكافحة الإثراء غير المشروع وحماية المال العام»، كما اشترط في فصله الخامس ضرورة تصريح أهم الشخصيات السياسية بمكاسبها ومصالحها، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية، ورئيسا البرلمان والحكومة، وأعضاء البرلمان. علاوة على رؤساء الهيئات الدستورية المستقلة وأعضاؤها ورؤساء الجماعات المحلية (البلديات)، وأعضاء مجالسها ورئيس المجلس الأعلى للقضاء وأعضاؤه. بالإضافة إلى رئيس المحكمة الدستورية وأعضائها، والقضاة وكل من يتمتع برتبة وامتيازات، سواء كانوا وزراء دولة، أو رؤساء أحزاب سياسية.
كما يجبر هذا القانون الجديد نحو 50 ألفاً من كبار موظفي الدولة على التصريح بمكاسبهم ومصالحهم، وتفادي تضارب المصالح عند ممارسة وظيفتهم.
وفي المقابل، قدمت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (هيئة دستورية) مجموعة من المقترحات إلى لجنة التشريع العام بالبرلمان، من بينها تقليص قائمة الأشخاص المطالبين بالتصريح، حتى لا تطول القائمة ويقع تعويمها وعدم تنفيذها، والتراجع عن إحالة مشروع القانون إلى نصوص تطبيقية تضبط نموذج التصريح وقيمة الهدية، وإقرار مبدأ عدم سقوط جريمة الإثراء غير المشروع بمرور الوقت، اعتباراً لكونها من الجرائم الخطيرة التي تمس المال العام.
في غضون ذلك، قال وزير الطاقة التونسي خالد قدور أمس، إن الحكومة تدرس مراجعة أسعار المحروقات، في ظل ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً، وبالتالي زيادة نسبة الدعم الحكومي للمحروقات.
وقال الوزير قدور للصحافيين أمس: «مع ارتفاع سعر البرميل عالمياً إلى 75 دولاراً، فإن هذا يعني زيادة بـ20 دولاراً في البرميل، ولذلك يتعين علينا توفير الدعم لهذه الزيادة الكبيرة».
وتضمنت موازنة الدولة في 2018 دعماً بقيمة 5.‏1 مليار دينار لقطاع المحروقات، على أساس 54 دولاراً لسعر برميل النفط عالمياً، لكن مع الزيادة الجديدة، فإن الدعم سيرتفع إلى مستوى 3 مليارات دينار. وكانت الحكومة قد أقرت في وقت سابق زيادة في مناسبتين هذا العام، كان آخرها مطلع أبريل (نيسان) الماضي، وذلك بزيادة قدرت بـ3 في المائة.
وأضاف الوزير: «نحتاج إلى حلول أخرى. فهناك الآن آلية لتعديل أسعار المحروقات مرة واحدة كل 3 أشهر»، وذلك إما نزولاً أو صعوداً حسب الأسعار العالمية.
والهدف من هذه المراجعة الدورية، بحسب الحكومة، حماية التوازنات المالية للدولة، وتقليص العجز في الموازنة إلى مستوى 9.‏4 في المائة، بعدما كان وصل إلى 6 في المائة في 2017.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.