السلطة ترفض «السطو» الإسرائيلي على أموالها وتحذّر من نتائجه

دعوة لتعليق اتفاق باريس رداً على اقتطاع أموال الضرائب لتعويض حرائق الطائرات الورقية

TT

السلطة ترفض «السطو» الإسرائيلي على أموالها وتحذّر من نتائجه

رفضت السلطة الفلسطينية قرار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو اقتطاع أموال من العائدات الضريبية الفلسطينية، لصالح مستوطنين أُحرقت أراضيهم في غلاف غزة، بفعل الطائرات الورقية التي يطلقها متظاهرون على الحدود، وحذرت من مغبة تنفيذه.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية يوسف المحمود: «إن أموال الضرائب هي أموال فلسطينية، نصت الاتفاقات الموقعة أمام العالم على قيام إسرائيل بجبايتها، وردها إلى خزينة دولة فلسطين، مقابل أجر متفق عليه، وبالتالي فإن أي مَس بهذه الأموال خارج نطاق الاتفاقات يعد لصوصية وعدواناً جباناً على شعبنا ومقدراته».
واتهم المحمود، الحكومة الإسرائيلية بارتكاب «جرائم مركبة» تسرق خلالها الأرض، و«تقيم عليها المستوطنات وتقتل أبناء شعبنا، وتسرق أمواله».
وأضاف: «إن كل ما تقوم به حكومة الاحتلال من تدبير المكائد، واللف والدوران تجاه سرقة أموال شعبنا، هو عدوان ينفّذه لصوص على هيئة مسؤولين حكوميين».
كان رئيس الحكومة الإسرائيلية قد أوعز، في وقت متأخر، أول من أمس (الأحد)، إلى رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مائير بن شابات، باقتطاع التعويضات التي ستقدم للمزارعين الإسرائيليين في محيط قطاع غزة، من أموال الضرائب التي تنقلها إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية.
ويفترض أن تقدم الحكومة الإسرائيلية في وقت قريب، دعماً مالياً للمزارعين الذين تضررت أو أُحرقت محاصيلهم بفعل الطائرات الورقية. وتحول إسرائيل إلى السلطة شهرياً أكثر من 100 مليون دولار، تجبيها من الرسوم الجمركية المفروضة على البضائع المنقولة إلى الأسواق الفلسطينية، والتي تمر عبر الموانئ الإسرائيلية.
وجاء القرار الإسرائيلي بينما تعاني السلطة من أزمة مالية تسببت، الشهر الماضي، في تأخير رواتب الموظفين واقتطاع أجزاء منها. وتلقت السلطة، أمس، مساهمة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 35.875 مليون يورو، لدفع رواتب ومخصصات تقاعد موظفي الخدمة المدنية الفلسطينيين في الضفة الغربية البالغ عددهم 55 ألفاً.
وقال ممثل الاتحاد الأوروبي رالف طراف، إن الاتحاد يقدم اليوم مُساهمته السنوية الأولى للسلطة الفلسطينية لعام 2018، كجهة مانحة ملتزمة بدعم حل الدولتين.
ويتوقع أن يعمق القرار الإسرائيلي، في حال تطبيقه، الأزمة المالية لدى الفلسطينيين، خصوصا أنه يأتي متزامناً مع توجهات باقتطاعات أخرى بدل رواتب، تدفعها السلطة للأسرى وعائلات الضحايا.
وحذر تيسير خالد، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حكومة إسرائيل من النتائج المترتبة على «أعمال القرصنة والسطو اللصوصي على المال العام الفلسطيني». وقال إن «نتنياهو يعلم تماماً أن ذلك غير قانوني، مثله مثل سعي حكومته لسن تشريع يتيح لها خصم قيمة المبالغ الذي تدفعها السلطة الفلسطينية للأسرى وذوي الشهداء».
ودعا خالد إلى مواجهة سياسة القرصنة الإسرائيلية بتعليق العمل، فوراً، ببروتوكول باريس الاقتصادي، عملاً بقرارات المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الأخيرة. ويدور الحديث في إسرائيل عن اقتطاع ملايين الشيكلات (نحو 16 مليوناً بالعملة الإسرائيلية) تعويضاً عن إحراق آلاف الدونمات في محيط القطاع.
وقال وزير المالية الإسرائيلي، موشيه كحلون: «قررنا الاعتراف بحرائق الطائرات الورقية كنوع من الإرهاب، وسنعمل على تعويض المزارعين عن كل شيكل، وسيخصص نحو 16 مليون شيكل لذلك».
وجاءت تصريحات كحلون بعد تصريحات لوزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، تعهّد فيها بألا يبقى هذا الحساب مفتوحاً وسيغلقه.
وأكد ليبرمان أن الطائرات الورقية الحارقة التي تُطلق من قطاع غزة تجاه مستوطنات الغلاف، تسببت في إحراق 9 آلاف دونم على الأقل. وحسبه، فقد أطلق الفلسطينيون 600 طائرة ورقية حارقة أسقطت إسرائيل منها 400.
وبينما يتحدث ليبرمان عن إحراق 9 آلاف دونم، تشير تقارير إسرائيلية إلى تضرر نحو 15 ألف دونم آخر بشكل جزئي، وهذه أرقام قابلة للارتفاع مع استمرار إطلاق الطائرات الورقية.
واندلع، أمس، حريق في مستوطنة بيئري بفعل طائرة ورقية حارقة. وتسببت الحرائق يوم الأحد وحده في تضرر 3 آلاف دونم وفي تشويش حركة القطارات وإغلاق شوارع.
وحسب إحصائيات رسمية إسرائيلية، فإنه منذ بدء استخدام الطائرات الحارقة في الشهرين الماضيين، وصل رجال الإطفاء في محيط «غلاف غزة» إلى 350 نقطة اشتعلت بها النيران. وقد تضرر بسبب ذلك، نحو 25 ألف دونم (بشكل عام) في «كيسوفيم» و«عين هشلوشا» والمجلس الإقليمي «أشكول» و«نير شاعر» و«شاعر هانيغف» و«نير عام» و«كفار عزة» وفي المحميات الطبيعية القريبة من «كارميا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.