وفد من المعارضة المقربة من النظام يزور الأكراد

مقتل 12 مدنياً في قصف للتحالف شرق سوريا

TT

وفد من المعارضة المقربة من النظام يزور الأكراد

بدأ وفد من المعارضة السورية المقربة من دمشق، الجمعة، زيارة إلى مدينة القامشلي ذات الغالبية الكردية في شمال شرقي البلاد، تأتي عقب تصريحات للرئيس بشار الأسد هدد فيها باستخدام القوة لاستعادة مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية».
ويلتقي الوفد، خلال زيارته النادرة، التي تستمر أياماً، مع مسؤولين أكراد من تيارات عدة.
وقال مسؤول كردي، فضل عدم الكشف عن اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية أمس، «هذه الزيارة بالطبع بالتشاور مع النظام السوري (....) ومحاولة للتوصل إلى مكسب سياسي في المنطقة بعدم إعطاء التحالف الدولي الشرعية لوجوده في الشمال السوري»، مضيفاً: «الوفد يحاول لعب دور الوسيط بين الإدارة الذاتية والأحزاب الكردية من جهة، والنظام السوري من جهة ثانية».
وتأتي الزيارة عقب تصريحات للأسد، الخميس، وضع فيها «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن أمام خيارين: المفاوضات و«إذا لم يحدث ذلك، سنلجأ إلى تحرير تلك المناطق بالقوة بوجود الأميركيين أو بعدم وجودهم».
وتعترف دمشق ببعض الأحزاب التي تعدها «وطنية»، وتشكل غالبيتها بعد العام 2012. وتقدم تلك الأحزاب نفسها كمعارضة، إلا أن أطياف المعارضة في الخارج تعدها مجرد امتداد للنظام وأجهزته الأمنية.
واعتبرت عضو الوفد ميس كريدية من «الجبهة السورية الديمقراطية»، أحد أحزاب الداخل المقبولة من النظام، أن «من حسن حظنا أن الزيارة نضجت بالتزامن مع هذه التصريحات، لأنه لا بد من البناء على ورقة سياسية، وهذه التصريحات (....) يجب أن تُفهم بأنها دفع باتجاه عملية سياسية».
وأضافت: «أعتقد أن الرئيس الأسد فتح بوابة المفاوضات، وإن كان في لغة تهديدية لم يكن مُستهدفاً فيها السوريون، بل لغة مستهدف فيها الأميركيون والتدخلات الخارجية». وأثبتت «قوات سوريا الديمقراطية»، التي تعد «الوحدات الكردية» عمودها الفقري، فعالية في قتال تنظيم داعش خلال السنوات الأخيرة. وطردته بدعم من التحالف الدولي الذي ينشر مستشارين إلى جانبها من مناطق واسعة في شمال وشمال شرقي البلاد، وتخوض حالياً آخر معاركها ضد المتطرفين في آخر جيب يسيطرون عليه في محافظة دير الزور.
وتسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» حالياً على 28 في المائة من البلاد، لتكون ثاني قوى مسيطرة على الأرض بعد الجيش النظامي السوري (نحو 60 في المائة).
وطالما دانت دمشق تلقي تلك القوات دعماً أميركياً.
وتطرق وزير الخارجية السوري وليد المعلم خلال مؤتمر صحافي، السبت، إلى مستقبل المناطق الواقعة تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية».
وقال المعلم، «لم نبدأ التفاوض، ما زلنا لم نجرب الخيار الأول (....) نجرب الخيار الأول أولاً ثم سنرى»، مضيفاً: «هناك تواصل، لكن لم نبدأ التفاوض حول المستقبل».
وتصاعد نفوذ الأكراد في سوريا مع انسحاب قوات النظام من مناطق سيطرتهم في العام 2012، ليعلنوا لاحقاً الإدارة الذاتية، ثم النظام الفيدرالي في روج أفا (غرب كردستان) العام 2016
من جهة أخرى قتل 12 مدنياً على الأقل، الجمعة، في قصف للتحالف الدولي بقيادة واشنطن استهدف قرية يسيطر عليها تنظيم داعش في شرق سوريا، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
ويسيطر التنظيم في شرق سوريا على عدد من القرى في ريف الحسكة (شمال شرقي سوريا) الجنوبي، وجيب آخر في محافظة دير الزور المحاذية.
وأورد «المرصد السوري»، السبت، أن «12 مدنياً على الأقل من عائلة واحدة، بينهم 4 أطفال، قتلوا في قصف جوي وصاروخي للتحالف الدولي استهدف قرية هداج في ريف الحسكة الجنوبي».
وتخوض «قوات سوريا الديمقراطية» (فصائل كردية وعربية)، بدعم من التحالف الدولي، معارك ضد تنظيم داعش لطرده من آخر جيب يسيطر عليه في محافظة دير الزور المحاذية للحدود العراقية.
وأوضح مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية أن «(قوات سوريا الديمقراطية) وسعت قبل يومين محور عمليتها العسكرية في شرق سوريا، لتشمل ريف الحسكة الجنوبي أيضاً». ويستهدف التحالف الدولي مناطق سيطرة المتطرفين تمهيداً لتقدم «قوات سوريا الديمقراطية». وقتل الخميس أيضاً، وفق المرصد، 8 مدنيين، بينهم 3 أطفال، في قصف للتحالف الدولي استهدف قرية في ريف دير الزور الشرقي.
وقتل 39 مدنياً في قصف للتحالف الدولي في شهر مايو (أيار)، من أصل 250، في حصيلة هي الأدنى للقتلى المدنيين منذ بدء النزاع السوري في عام 2011، وفق المرصد.
وبدأ التحالف الدولي عملياته العسكرية ضد تنظيم داعش في صيف عام 2014 في العراق وسوريا تباعاً. وأعلن، الجمعة، أنه يقدر مقتل 892 مدنياً على الأقل «في شكل غير متعمد في ضربات للتحالف»، في الفترة الممتدة بين أغسطس (آب) 2014 ونهاية أبريل (نيسان) 2018، في البلدين.
من جهتها، أعلنت منظمة «إير وورز»، غير الحكومية التي تحصي الضحايا المدنيين في كل عمليات القصف الجوي في العالم، أن ما لا يقل عن 6 آلاف و259 مدنياً قتلوا جراء قصف التحالف.
إلى ذلك، أفاد موقع «روسيا اليوم»، أمس، أن «الضربات الجوية في سوريا في أبريل 2018 لم تكن تتطلب موافقة الكونغرس، لأن هذا الأمر يتعلق بالمصالح الوطنية لأميركا»، وأضاف: «قدمت الإدارة، يوم الجمعة، تقريراً من 22 صفحة يشرح هجمات الجيش الأميركي. ويحتوي التقرير أن الغارات الجوية ضد سوريا تهدف إلى الحفاظ على استقرار المنطقة، ومنع وقوع كارثة إنسانية، وعرقلة استخدام العدو للأسلحة الكيماوية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.