مجلس الأمن يناقش سحب قوات حفظ السلام في دارفور

رغم تصاعد أعمال العنف في بعض أجزاء الإقليم المضطرب

TT

مجلس الأمن يناقش سحب قوات حفظ السلام في دارفور

كشفت منظمة سودانية مستقلة عن مناقشات جارية في مجلس الأمن الدولي حول مقترح يعجل بسحب قوات حفظ السلام المشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور، والمعروفة اختصاراً بـ«يوناميد»، وقصر عملها في منطقة جبل مرة، وإغلاق كافة القواعد التابعة للبعثة المشتركة، فيما عدا قاعدة واحدة.
وقالت المجموعة «السودانية للديمقراطية أولاً» في تقرير لها، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يناقش مقترحاً يدعو إلى التعجيل بسحب قوات حفظ السلام المشتركة المنتشرة في دارفور، وحدد المقترح فترة عامين لسحب هذه القوات كلياً، وأن يقتصر عملها في منطقة جبل مرة المضطربة وسط الإقليم، وإغلاق جميع القواعد التابعة للبعثة المشتركة، مع الإبقاء على قاعدة زالنجي في ولاية وسط دارفور.
وعبرت المجموعة عن قلقها من تأثير تنفيذ القرار في حال إجازته على المدنيين، وقال تقريرها «لقد تأكدت (المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً) عبر عدد من المصادر الموثوقة أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يناقش مقترحاً جديداً بشأن وضع بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المشتركة لحفظ السلام في دارفور، وهذا المقترح يهدف إلى التقليل من التفويض الممنوح للبعثة، كما يقلل بشكل كبير من مسؤوليات حقوق الإنسان والرصد والمتابعة الموكلة للبعثة».
كما أوضحت المجموعة، في تقريرها، أن المقترح يتضمن الإسراع في خطة سحب البعثة بشكل كامل، ليتم إنهاء وجودها في غضون عامين من إجازة المقترح، وقالت إن هذا المقترح الجديد «يضع حياة ملايين المدنيين في الخطر»، مشيرة إلى أن وفداً من أعضاء مجلس الأمن الدولي، ضم ممثلي بريطانيا وفرنسا والسويد وهولندا، قام بزيارة إلى دارفور لثلاثة أيام في العاشر من مايو (أيار) الماضي. لكن المدة لم تكن كافية لاتخاذ مثل هذا القرار.
وأضاف التقرير: «هذا ما يعكس مدى تجاهل المجتمع الدولي والأمم المتحدة لالتزاماتهما في حماية المدنيين في السودان بشكل عام، ودارفور على وجه الخصوص».
وكانت بعثة حفظ السلام المشتركة في دارفور (يوناميد) قد بدأت منذ يناير (كانون الثاني) الماضي في تشييد قاعدة عمليات مؤقتة في بلدة قولو وسط الإقليم المضطرب، وأكملت سحب قوتها المنتشرة في 11 موقعاً ميدانياً في دارفور ضمن خطة لتقليص القوات، إنفاذاً لقرار مجلس الأمن الدولي الذي قرره في يونيو (حزيران) 2017.
وفيما شددت المجموعة على أن الكثير من الشواهد والتقارير تؤكد أن المدنيين لا يزالون معرضين للخطر، على الرغم من الادعاء المتزايد بانخفاض العمليات العسكرية في دارفور، ذكر التقرير أن بعثة «اليوناميد» أعربت في نهاية الشهر الماضي عن قلقها من الهجمات الأخيرة على مخيمات خمس دقائق وعرديبة وجدة للنازحين وسط الإقليم، ومن الحوادث الكثيرة التي عرفها مايو (أيار) الماضي، وأوقع العديد من القتلى والجرحى.
وأبدت المجموعة «السودانية للديمقراطية أولاً» دهشتها من مناقشة مجلس الأمن الدولي لخطط سحب بعثة «يوناميد» من دارفور، في الوقت الذي يشهد فيه الإقليم المزيد من جرائم القتل والنهب والاغتصاب، وتشريد آلاف المدنيين. وقالت إن دور «يوناميد» في دارفور يتم التضحية به مقابل الخدمات التي تقدمها الخرطوم للمجتمع الدولي في مجال التعاون الاستخباراتي، ومحاربة الإرهاب، والحد من الهجرة إلى أوروبا، وحثت المجموعة كافة الأطراف المعنية والمجموعات الحقوقية للوقوف ضد المقترح. كما دعت مجلس الأمن الدولي إلى عدم تمريره، مناشدة الدول الأعضاء في المجلس بتذكر مسؤولياتها في الحفاظ على سلامة وأمن المدنيين في دارفور وعدم التضحية بهم، وطالبت بضرورة تعزيز وجود بعثة قوات حفظ السلام، وتمكينها من أداء دورها في الإقليم.
وكان مجلس الأمن قد قرر نشر قوة لحفظ السلام مشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور مطلع العام 2008، حيث كان الإقليم يشهد نزاعاً بين الجيش السوداني وحركات التمرد منذ العام 2003، وتعد ثاني أكبر بعثة حفظ سلام حول العالم بعد البعثة الأممية في الكونغو الديمقراطية.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.