كيف ينظر الليبيون إلى «إعلان باريس»؟

TT

كيف ينظر الليبيون إلى «إعلان باريس»؟

«اجتماعات الساسة الليبيين مثل الأسطوانة المشروخة!»... بهذه العبارة المؤثرة لخّص عبد الحكيم الساعدي نظرته إلى الاتفاق، الذي توصل إليه في باريس الثلاثاء أبرز أطراف النزاع الليبي.
ففي طرابلس كما في بنغازي، لا يبدو أن هذا الاتفاق أشاع أجواء من التفاؤل لدى المواطنين الغارقين في همومهم اليومية.
يقول الساعدي (62 عاماً)، وهو أستاذ جامعي متقاعد لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم أجد الوقت لأتفرج على التلفزيون أو لمتابعة الأخبار. أمضي وقتي أمام المصرف آملاً في الحصول على بعض من نقودي لأشتري بها ما يلزم عائلتي في رمضان». ويضيف بينما هو يتبضّع في سوق للسمك «إذا توصّل لقاء الليبيين في باريس لشيء ملموس فلن أُتعب رأسي، ولن أحتاج إلى متابعة الأخبار أو مواقع التواصل الاجتماعي، سألمس ذلك لأن حياتي اليومية سوف تتغير للأفضل. الرحلات المكوكية التي يقوم بها وفود الساسة الليبيين جعلتهم مثل الأسطوانة المشروخة... دائماً نفس الكلام، وفي الأخير لا نفهم منهم شيئاً».
ولا يحتاج الساعدي إلى كثير من الجهد لاستعادة ذكرى اتفاق الصخيرات، الذي توصل إليه أطراف النزاع الليبي في 2015 برعاية الأمم المتحدة، لكنه طبّق بصورة مجتزأة؛ مما زاد الوضع تعقيداً في بلد لم يعرف الاستقرار الأمني، أو السياسي منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي ومقتله في 2011.
ولقاء باريس، الذي وصفه مضيف الاجتماع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه «تاريخي»، جمع لأول مرة رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، ورئيس مجلس الدولة خالد المشري ومقرهما في طرابلس، وغريميهما في شرق ليبيا المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ومقره طبرق. وقد اتفق المجتمعون في باريس على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، واحترام نتائجها. كما اتفقوا على توحيد مؤسسات الدولة، ومن بينها خصوصاً البنك المركزي.
ولا يختلف حال الأستاذ الطرابلسي المتقاعد عن حال الموظفة حواء عبد السلام العقوري، التي قصدت هي الأخرى مصرفاً تجارياً في بنغازي لسحب بعض الأموال النقدية من حسابها. لكن عبثاً، فالسيولة النقدية أمر نادر في ليبيا، وطوابير المواطنين أمام المصارف باتت أمراً معهوداً.
تقول العقوري بنبرة غاضبة «جئت للمصرف ولم أحصل على سيولة نقدية... أما بخصوص اجتماع باريس فالبيان لم يتطرق إلى معاناة الشعب الليبي، وكيفية معالجة الأوضاع المعيشية والاقتصادية والمالية للمواطن الليبي المسحوق من حكامه. لذا؛ فهذا بيان لا يُسمن ولا يغني من جوع».
وليست السيولة النقدية وحدها ما يفتقد إليه الليبيون. فحياة أبناء الدولة الغنية بالنفط أصبحت أشبه بمعاناة يومية؛ فالأمن منعدم وساعات التقنين الكهربائي أكثر من أن تعدّ، والأسعار ترتفع يوماً تلو الآخر من دون أن تجد من يلجم هذا الارتفاع. وهذا الوضع يثير غضب جل الليبيين.
تضيف العقوري بنبرة محتجة «على كل الليبيين والليبيات الخروج للشوارع والساحات والميادين... كما فعلوا في فبراير (شباط) 2011، حين اندلعت من بنغازي تحديداً الانتفاضة ضد نظام القذافي»، مشيرة إلى أن الانتفاضة هذه المرة يجب أن تكون «ببرنامج محدد المعالم واضح وشفاف... ثورة تصحيح مسار».
لكن رغم ذلك يلوح في الأفق بعض التفاؤل، الذي عبر عنه بعض الليبيين. يقول كوران عبد السلام، إن «عملية جمع الأطراف في باريس من قبل الحكومة الفرنسية خطوة ستكون جيدة إن شاء الله، وأي مجهود من أي دولة، أو أي منظمة دولية، أو أي طرف سياسي، لمحاولة جمع شمل الليبيين سوف يكون مجهوداً مشكوراً لأن الليبيين عجزوا عن التفاهم».
من جهته، يقول محمد المرغني وهو مدرس متقاعد «ربما من المبكر وضع قراءة تحليلية شاملة لاتفاق لم يمض على إعلانه سوى بضع ساعات... لم يحدد الاتفاق أي ترتيبات دستورية سيعتمد عليها لخوض انتخابات ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وخلاصة القول البيان إنه اتفاق فضفاض ولم يضف جديداً إلى المشهد».
وكانت «مجموعة الأزمات الدولية» قد حذرت من «نتائج عكسية» قد يؤتيها مؤتمر باريس، لافتة بالخصوص إلى أن «إجراء انتخابات هذا العام أمر غير واقعي من وجهة نظر إجرائية بحتة»، مشيرة إلى أن «لا الإطار القانوني ولا الإطار الدستوري متوفران، وهي عوائق يبدو تجاوزها مستحيلاً خلال فترة قصيرة».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.