ماراثون لتشكيل التحالفات في العراق قبل اعتماد نتائج الانتخابات

TT

ماراثون لتشكيل التحالفات في العراق قبل اعتماد نتائج الانتخابات

انطلق ماراثون إعادة تشكيل التحالفات السياسية في العراق مجدداً، فبعد يوم من إعلان «ائتلاف الوطنية» تشكيل كتلة سياسية جديدة تضم 27 نائباً من كتل مختلفة، أعلن تشكيل «تحالف القوى العراقية» من 31 نائباً في بغداد أمس.ويأتي إعلان الكيانين الجديدين في وقت لا يزال المشهد السياسي مفتوحاً على شتى الاحتمالات بسبب الخلافات الحادة التي أفرزتها النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية وما رافق ذلك من اتهامات بـ«تزوير» وخروقات واسعة النطاق.
وقال «تحالف القوى العراقية» في بيان، أمس، إنه يضم «ائتلاف العراق هويتنا» برئاسة جمال الكربولي وحزب «الجماهير الوطنية» برئاسة أحمد عبد الله ولديه 31 نائباً من الفائزين في الانتخابات الأخيرة. وأضاف أنه «يهدف عبر مشروع دائم إلى التعبير عن إرادة الشعب بالتغيير واستكمال مشروع بناء دولة المواطنة الجامعة».وأعرب عن استعداده «للتعاون مع القوى الوطنية التي تتبنى منهج الشراكة والبناء أساساً في تعزيز مرتكزات الدولة»، موضحاً أنه «منفتح على جميع القوى السياسية الوطنية التي تتطابق أهدافها وأولوياتها وأفكارها وبرامجها مع تحالف القوى العراقية، من أجل تشكيل تكتل وطني واسع قادر على تبني برنامج بناء ممنهج وتقديم تشكيلة وزارية قادرة على تجاوز التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية».
وأكد الأمين العام لحزب «الحل» النائب محمد الكربولي لـ«الشرق الأوسط» أن «التكتل الجديد ليس بديلاً عن أي تكتل أو تشكيل سياسي قائم، بل هو إضافة للعملية السياسية لأنه يمثل تكتلاً عابراً للعرقية والطائفية، وبالتالي فإنه بمثابة بيت عراقي». وأشار إلى أن «الهدف من وراء تشكيله هو العمل على تعديل مسار العملية السياسية من خلال تشكيل كتلة برلمانية كبيرة تحت قبة البرلمان».
وأكد محافظ الأنبار محمد الحلبوسي، الفائز بأعلى الأصوات في الانتخابات البرلمانية بالمحافظة، أن «هذا التحالف لا يمثل مكوناً معيناً، بل هو عابر للعرقية والطائفية لأنه يضم بالإضافة إلى السنة أكراداً وشيعة».
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا التحالف هو جزء مما تشهده الساحة السياسية اليوم من تفاهمات بين الكتل الفائزة أسوة بما تعمل عليه كتل أخرى مثل سائرون والفتح ودولة القانون وغيرها». وأشار إلى أن «تحالفنا منفتح على الجميع في إطار المشروع الذي وضعناه كأساس للانضمام إلى هذا التحالف، إذ إننا سننطلق عبر مشروع وطني يختلف عن السياسات السابقة، لا سيما فيما يتعلق بالمحافظات التي تحررت من الإرهاب مؤخراً والتي عانت الكثير جراء احتلال تنظيم داعش لها».
إلى ذلك، أعلن «ائتلاف الوطنية» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي نيته تشكيل الكتلة الأكبر. وقال الناطق باسم الائتلاف حسين الموسوي في تصريح صحافي إن «ائتلاف الوطنية يسعي إلى أن يكون شريكاً في تشكيل الكتلة الأكبر، وجهودنا تنصب بهذا الاتجاه». وأضاف أن «هناك تفاهمات عدة جرت خلال الأسبوع الماضي مع الإخوة في سائرون وبقية التحالفات الأخرى وتحدثنا عن البرنامج وكيفية إدارة الدولة وطبيعة التحديات السياسية للمرحلة الماضية وما يجب أن يكون عليه الوضع القادم». ولفت الموسوي إلى أن «ائتلاف الوطنية يحاول أن يلعب دوراً بارزاً في الموضوع، سيما وأنه لا يذهب باتجاه طائفي معين، ولديه مرتكز واضح للمنهج الوطني بصورة عامة، لكن هناك بعض التفاهمات التي جرت مع بعض الكتل الصغيرة التي حصلت على مقاعد معينة تفاهمت مع الوطنية وانضوت معها والعدد وصل الآن إلى 32 نائباً». وكشف الموسوي أن رئيس الائتلاف إياد علاوي «أحد الأسماء المطروحة لمنصب رئاسة الوزراء، لكن في ائتلاف الوطنية حتى الآن لم نتحدث عن اسم رئيس الوزراء ونعطي الأولوية لرسم طبيعة المعايير الأساسية لرئيس الوزراء». وفي هذا السياق، قال النائب عن حركة «تمدن» أحمد الجبوري لـ«الشرق الأوسط» إن «السبب الذي جعلنا نختار التحالف ضمن الوطنية ومشروع الدكتور علاوي هو مغادرة الاصطفافات الطائفية، ولذلك فإن تحالف تمدن قرر أن يكون جزءاً من هذه الجبهة». وأضاف أن تحالفه الذي حصل على مقعدين «لا يمكن أن يذهب باتجاه قوائم ذات اصطفافات طائفية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».