أفكار موسكو لاتفاق الجنوب السوري: شرطة روسية وتسليم السلاح الثقيل وخروج إيران

أفكار موسكو لاتفاق الجنوب السوري: شرطة روسية وتسليم السلاح الثقيل وخروج إيران
TT

أفكار موسكو لاتفاق الجنوب السوري: شرطة روسية وتسليم السلاح الثقيل وخروج إيران

أفكار موسكو لاتفاق الجنوب السوري: شرطة روسية وتسليم السلاح الثقيل وخروج إيران

كشفت الدبلوماسية الروسية ملامح أولية لاتفاق يتم بلورته في منطقة الجنوب السوري، بمشاركة روسيا والولايات المتحدة والأردن، مع حضور غير مباشر لإسرائيل. وأعلنت موسكو ترتيب لقاء ثلاثي سيعقد على الأرجح في غضون أسبوع لوضع اللمسات النهائية على الاتفاق بعد مفاوضات موسعة أجرتها الأطراف الثلاثة بشكل غير مباشر وخلف أبواب مغلقة واستمرت عدة أسابيع.
ونقلت وكالة أنباء «سبوتنيك» الرسمية، عن مصدر وصفته بأنه مطلع على سير المفاوضات، العناصر الأساسية التي تم التوصل إلى تفاهمات أولية بشأنها. وأكد أن اللقاء الثلاثي الروسي - الأميركي - الأردني، حول منطقة خفض التصعيد في الجنوب السوري قد يعقد خلال أسبوع، موضحاً أنه «يجب أن يعقد في أقرب وقت. أعتقد أنه في غضون أسبوع كحد أقصى».
وأضاف المصدر، أنه خلال اللقاء ستتم مناقشة تفصيلية لاقتراح نقل منطقة خفض التصعيد في جنوب سوريا إلى إشراف الشرطة العسكرية الروسية في إطار إجراءات، بينها تسليم المعارضة أسلحتها الثقيلة. وزاد أن «روسيا وأميركا والأردن، يريدون تسليم المنطقة على غرار اتفاق طريق حمص - حماة للشرطة العسكرية الروسية»، مضيفاً: «يجب ضمان عدم دخول مسلحين من خارج المنطقة، والأمر نفسه ينسحب على إيران». وأوضح أن هدف المباحثات «وضع المنطقة تحت إشراف الشرطة العسكرية الروسية، مع الإبقاء على وجود المعارضة المحلية». ولفت في الوقت ذاته إلى أن المعارضة ستسلم الأسلحة الثقيلة إلى الجانب الروسي، وليس إلى الجيش السوري، وستبقي لديها الأسلحة الخفيفة فقط. وزاد: «على هذا الأساس ستدخل الشرطة العسكرية الروسية إلى درعا».
وأوضح المصدر جانباً آخر للاتفاق، مشيراً إلى أن السيطرة على الحدود الجنوبية السورية، بما في ذلك منطقة التنف، ستكون للنظام السوري، وفقاً لنتائج المباحثات التي استغرقت عدة أسابيع. وقال إن جميع المناطق الحدودية الجنوبية ستسلم للحكومة السورية، وفي مرتفعات الجولان، سيتم تجديد الاتفاقية حول منطقة وجود قوات المراقبة التابعة للأمم المتحدة، ولا يفترض وجود قوات إيرانية في المناطق الحدودية.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أكد أن بلاده دعمت فكرة عقد اجتماع ثلاثي روسي - أردني - أميركي، حول منطقة خفض التصعيد الجنوبية في سوريا، مشدداً على أنه كلما كان اللقاء أسرع كلما كان أفضل. وقال بوغدانوف إن الاتصالات مع الأردن والولايات المتحدة بشأن المنطقة الجنوبية لخفض التوتر في سوريا مستمرة، و«اتفقنا على فكرة عقد اجتماع لممثلي الدول الثلاث».
ومهَّد وزير الخارجية سيرغي لافروف قبل ذلك لإعلان قرب التوصل إلى اتفاق، وأشار إلى أن الوحدات العسكرية للنظام يجب أن تكون القوة الوحيدة التي تسيطر على المعابر الحدودية في الجنوب، مؤكداً أن الاتفاق على إنشاء منطقة خفض التوتر جنوب غربي سوريا نص منذ البداية على أن القوات السورية فقط يجب أن تبقى على تلك الحدود. لكنه لفت، في إشارة إلى إسرائيل، إلى ضرورة أن تكون التحركات متوازية من الطرفين، وقال إن ذلك يشبه شارعاً له اتجاهان. ورأى لافروف أمس أن التدخل العسكري الروسي في سوريا أحبط محاولات أطراف لم يحددها لإشاعة الفوضى في هذا البلد. وقال خلال زيارة إلى العاصمة البيلاروسية مينسك إنه تتولد لدى الجانب الروسي انطباعات بسعي بعض الأطراف لنشر الفوضى في سوريا، مثلما جرى في العراق وليبيا، مؤكداً: «تم إحباط ذلك».
على صعيد آخر، أعلنت جورجيا أمس قطع علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا على خلفية اعتراف الأخيرة باستقلال جمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الانفصاليين بشكل أحادي عن جورجيا. وذكرت وزارة خارجية جورجيا، أنها باشرت بتنفيذ الإجراءات اللازمة لقطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا.
وكان إقليما أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية اللذان أعلنا انفصالهما عن جورجيا بعد الحرب الروسية - الجورجية في العام 2008 أفادا في بيانين منفصلين، أنهما وقعا اتفاقية الاعتراف المتبادل مع النظام السوري، وأكدا الشروع بترتيبات فتح السفارات بينهما.
وبذلك تكون سوريا أول بلد عربي يعترف بانفصال الإقليمين اللذين لم يحظيا حتى الآن إلا باعتراف خمس بلدان، هي: روسيا وفنزويلا ونيكاراغوا وناورو وترانسنيستيريا، وبإقامتها علاقات دبلوماسية رسمية معهما على مستوى السفراء، تكون بذلك أول دولة عربية تعترف بهاتين الدولتين المستقلتين حديثاً.
وقال رئيس أبخازيا راؤول خاجيمبا، إن التطور «يعكس الرغبة المشتركة في تطوير العلاقات في جميع المجالات». وقال دبلوماسي عربي في موسكو لـ«الشرق الأوسط»، إنه يستغرب خطوة النظام السوري التي وصفها بأنها موجهة لإرضاء روسيا التي تسعى منذ سنوات لحشد تأييد لموقفها باقتطاع الإقليمين من جورجيا، ولم تحصل على دعم حتى من أقرب حلفائها في الفضاء السوفياتي السابق، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي ومؤسساته الشرعية لم يعترفا بهذا الانفصال.
وزاد أن السابقة التي يوفرها النظام «خطرة لأنه يواجه أصلاً مخاطر انفصال بعض أجزاء في سوريا، وبذلك يوفر لها ذرائع إضافية، كما أنه يمنح إسرائيل التي تسعى لاستغلال الوضع السوري لإحكام قبضتها على الجولان سلاحاً إضافياً عبر اعترافه باقتطاع أقاليم باستخدام القوة العسكرية عن بلدانها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».