«الثنائي الشيعي» يدفع باتجاه استحداث وزارة تخطيط

علامة لـ«الشرق الأوسط»: مهمتها وضع خطط تنسجم مع حاجات البلد

TT

«الثنائي الشيعي» يدفع باتجاه استحداث وزارة تخطيط

استبق «الثنائي الشيعي» المتمثل بحزب الله وحركة «أمل» الاستشارات النيابية المرتقب انطلاقها اليوم الاثنين، بالمطالبة باستحداث وزارة للتخطيط يتولاها وزير يسميه الحزب. إلا أن عقبات كثيرة قد تحول دون نجاح القوى السياسية بالتفاهم على وزارة مماثلة، أبرزها يرتبط بمهامها وصلاحياتها التي قد تتضارب مع مهام الوزارات أنفسها ودور رئاسة الحكومة.
وشكّل هذا المطلب بنداً أساسيا في البرنامجين الانتخابيين للحركة والحزب. وأورد الأخير في برنامجه تحت إطار «العمل على تحقيق الإصلاح السياسي والإداري في مؤسسات الدولة بما فيه إدارة المال والسعي لتحسين أدائها»، بندا يدعو لاستحداث وزارة للتخطيط: «تقدم الرؤية للدولة والحكومة اللبنانية وسياسات وخطط وبرامج وتشكل العقل المنفصل للحكومة وتساعد كل الوزارات والإدارات». وجدد الحزب دعوته هذه في مشاورات تسمية رئيس الحكومة، كما عاد وأكد عليها أمينه العام حسن نصر الله في إطلالته الأخيرة.
وتم في حكومة تصريف الأعمال الحالية استحداث وزارة حملت اسم وزارة دولة لشؤون التخطيط تولاها الوزير ميشال فرعون، إلا أنه لم يُسجل قيامها بأي مهمة محددة في ظل غياب التمويل وفريق العمل. وكان الوزير علي حسن خليل المحسوب على حركة «أمل»، قد قدّم في العام 2009 اقتراح قانون يطالب بإعادة أحياء وزارة التصميم واستبدال اسمها ليصبح وزارة التخطيط، باعتبار أن هذه الوزارة كانت قد أنشئت أصلا في العام 1954 وألغيت قبل الحرب الأهلية. وينص اقتراح القانون في المادة الثانية على إلغاء عدد من المجالس المتصلة، وهي أربعة: مجلس الإنماء والإعمار، الهيئة العليا للإغاثة، مجلس الجنوب وصندوق المهجرين.
ويؤكد فادي علامة، النائب في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أن فكرة أحياء هذه الوزارة مجددا واردة منذ زمن عند رئيس البرلمان: «لافتقارنا إلى هيئة بصيغة وزارة تكون قادرة على ربط الخطط الحكومية المختلفة، مركزيا، وتكون قادرة على متابعة تنفيذها، إضافة لتقديم أفكار وصياغة خطط تعرضها على الوزارات المختلفة ورئاسة الحكومة»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «وبالإضافة إلى مهمة التعاون والتنسيق التي سيتولاها القيمون على هذه الوزارة مع باقي الوزارات والقطاعات، فهم سيضعون تصورات وخطط تنسجم مع أولويات وحاجات البلد ما سيؤدي تلقائيا لخلق فرص عمل نحن بأمس الحاجة إليها».
ويوضح علامة أن المجالس والهيئات (السابق ذكرها) ستصبح تحت إشراف وزارة التخطيط ما يساهم بالتصدي للهدر والفساد: «أضف أن وزارة مماثلة ستقطع الطريق على الرؤى المتعددة للفرقاء السياسيين التي تؤدي في الكثير من الأحيان لعرقلة ملف أو قطاع ما، كما هو حاصل في موضوع الكهرباء».
إلا أن النظر بتفاصيل إنشاء هذه الوزارة قد يدفع حتى المطالبين بها، إلى التروي في إعادة إحيائها، خاصة أن مهامها وصلاحياتها قد تتضارب مع مهام وصلاحيات الوزارة ورئاسة الحكومة، كما يؤكد النائب السابق غسان مخيبر، لافتا إلى أنه من الناحية القانونية يُمكن تعيين وزير دولة لشؤون التخطيط كما هي الحال في حكومة تصريف الأعمال، على أن يعمد مجلس النواب بعد تشكيل الحكومة إلى إصدار قانون بتحويل الوزارة من وزارة دولة إلى وزارة منظمة بقانون. ويشير مخيبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الإشكالية التي نحن بصددها ليست قانونية بل مرتبطة بصلاحيات هذه الوزارة وقدرتها على إلزام باقي الوزارات بالخطط والسياسات التي تطرحها، باعتبار أن كل وزارة بإطار صلاحياتها، مسؤولة عن التخطيط في مجالها، كما أن التنسيق بين الوزارات وتحديد الأولويات من مهام رئيس الحكومة. ويضيف: «رغم أهمية هذه الفكرة إلا أن هناك تخبطا يحيط بها وأكثر من علامة استفهام تطرح نفسها، ما يوجب النظر إلى التجربة اللبنانية السابقة في هذا المجال كما التجارب العالمية والأهم الانطلاق من إعادة هيكلة آلية التخطيط في الدولة لنبني عندها على الشيء مقتضاه».
ويرجح مخيبر في حال التمسك باستحداث هذه الوزارة أن يكون دورها استشاري وينحصر بتجهيز وإعداد الخطط ليتم عرضها على مجلس الوزراء وسائر الوزارات، لافتا إلى أن «البلد لا يحتاج إلى تجربة إضافية فاشلة، ما يستدعي دراسة كل جوانبها قبل اعتمادها خاصة أن الشيطان يكمن بالنهاية في التفاصيل، وتفاصيل هذه المسألة كثيرة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.