حملة مقاطعة إسرائيل تزداد قوة في العالم

مطالبات بوقف توريد السلاح وإلغاء حفلات

أعلام وشعارات إسرائيلية في معرض ببرلين أمس (إ.ب.أ)
أعلام وشعارات إسرائيلية في معرض ببرلين أمس (إ.ب.أ)
TT

حملة مقاطعة إسرائيل تزداد قوة في العالم

أعلام وشعارات إسرائيلية في معرض ببرلين أمس (إ.ب.أ)
أعلام وشعارات إسرائيلية في معرض ببرلين أمس (إ.ب.أ)

في الوقت الذي يفاخر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بكثرة زيارات المسؤولين الحكوميين من مختلف دول العالم لإسرائيل ويعتبر ذلك نجاحاً لسياسته الخارجية، تشير تقارير في وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى تصاعد كبير في المقاطعة على المستوى الجماهيري في كثير من الدول، إضافة إلى التعبير عن الغضب والاحتجاج على سياسة القتل في قطاع غزة.
وحسب هذه التقارير، فإن كثيراً من دول الغرب تتعامل بحذر شديد مع موضوع إسرائيل ولا تخفي امتعاضها من سياستها، خصوصاً في الأسبوعين الأخيرين، مع انتشار أشرطة فيديو تُظهر قيام الجنود الإسرائيليين بإطلاق الرصاص القاتل على المتظاهرين المسالمين وإيقاع عشرات القتلى وألوف الجرحى في صفوفهم.
ويشير التقارير إلى أجواء معادية وطرق إبداعية يتفنن فيها دعاة مقاطعة إسرائيل في طرح الاقتراحات، في مختلف أنحاء أوروبا، خصوصاً في الجامعات «حيث لا يمر يوم من دون نشاط معادٍ لإسرائيل». كما يشير إلى ظاهرة تعتبر جديدة نسبياً، وهي تجنّد قوى سياسية كثيرة من الحزب الديمقراطي الأميركي والأوساط الليبرالية التي تقوم بنشاطاتها تحت شعار «لنحمي إسرائيل من إسرائيل».
وفي مدينة بولونيا، سابع أكبر المدن الإيطالية، قرر المجلس البلدي اتخاذ إجراءات ملموسة لإخضاع إسرائيل للمساءلة عن انتهاكات حقوق الشعب الفلسطيني، كما هو منصوص عليه في القانون الدولي. ويحثّ الاقتراح الحكومة الإيطاليّة والمؤسسات الأوروبيّة على «الالتزام بتعليق إمدادات الأسلحة والمعدات العسكريّة» لإسرائيل بحسب ما تدعو إليه منظّمة العفو الدوليّة.
وتم تمرير الاقتراح مع تصويت 23 لصالحه وامتناع ستة عن التصويت. وقبل بضعة أيام، وافق مجلس مدينة سان جوليانو تيرمي (بيزا) على اقتراح دعا البرلمان الإيطالي إلى «إنهاء كل العلاقات العسكريّة، وبيع وتجارة المواد الحربيّة مع دولة إسرائيل»، وأيد دعوة المجتمع المدني الفلسطيني للمقاطعة (BDS)، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل.
وفي إندونيسيا قررت الحكومة حظر دخول الإسرائيليين إلى البلاد وإلغاء إصدار تأشيرات الدخول التي صدرت حتى الآن، احتجاجاً على ما ارتكبته إسرائيل من أعمال وحشيّة بحق الفلسطينيين خلال أحداث غزة الأخيرة.
ويذكر التقرير سلسلة من المقاطعات لإسرائيل من الوسط الثقافي والفني في العالم، ومنها:
* إعلان المدير الفنّي للمسرح الوطني البرتغالي تيادو رودريغز، عن تأييده لحملة مقاطعة إسرائيل العالميّة، وإلغاء عرض لمسرحيّة له في القدس مقررة لشهر يونيو (حزيران) المقبل. وقال المؤلّف والمخرج البرتغالي حول قراره هذا: «قررتُ عدم تقديم عرضي في إسرائيل كي لا يتم استخدام عملي كتبريرٍ لدعمِ الحكومة الإسرائيليّة التي ترتكب انتهاكات متعمّدة لحقوق الإنسان وتمارس العنف ضد الفلسطينيين». وبالإضافة إلى قراره بمقاطعة مهرجان إسرائيل، قرر رودريغز أيضاً أن ينضم علانية إلى حركة المقاطعة الثقافيّة لإسرائيل، مع اقتناعه بأن الضغط العالمي والجماعي يمكن أن يسفر عن نتائج مماثلة لمقاطعة جنوب أفريقيا خلال الفصل العنصري.
* إعلان الموسيقار البرازيلي الشهير، غيلبرتو غيل، وهو وزير سابق في الحكومة، عن إلغاء حفلٍ موسيقي له كان مقرراً في الرابع من يوليو (تموز) في مدينة تل أبيب.
* إعلان فرقة «بورتس هد» تأييدها لحملة مقاطعة إسرائيل العالمية ورفضها تقديم أي عرض في إسرائيل. وجاء في منشور الفرقة البريطانية «ما دامت الحكومة الإسرائيلية ترتكب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني، فإننا ندعم خيار المقاطعة كوسيلة للاحتجاج السلمي على الاحتلال الوحشي».
* بدء حملة بمشاركة الآلاف في آيسلندا ضد إقامة مهرجان الغناء «يوروفيجن» في القدس الغربية في السنة المقبلة. وقد وقّع حتّى الآن أكثر من 25 ألف شخص على عريضة تدعو إلى عدم مشاركة دولة آيسلندا في هذه المسابقة إذا أقيمت في إسرائيل.
* الدعوات إلى مقاطعة مهرجان البوب كلتور الألماني لهذا العام أيضاً بسبب دعم السفارة الإسرائيليّة في برلين للمهرجان واختيارها لتكون أحد رعاته الرسميين.
* قرار أحد أعضاء فرقة البيتلز سابقاً بول مكارنتي قبل أسبوع، عن عدم قدومه لإسرائيل هذا الشهر كي يحصل على جائزة وولف التي فاز بها في فبراير (شباط) الماضي.
* إعلان المخرج الفرنسي جان لوك غودار، في أوائل الشهر الحالي، عن مقاطعته إلى جانب العشرات العاملين في القطاع السينمائي الفرنسي - حدثاً يُنظّمه المعهد الفرنسي للاحتفال بالسينما الإسرائيليّة.
* إعلان مغنيّة الراب الأميركية أزاليا بانكس، عبر تغريدات في حسابها على «تويتر»، أنها لن تزور إسرائيل مرّة أخرى في حياتها بسبب المعاملة العنصرية التي واجهتها خلال زيارتها الأخيرة لإسرائيل أخيراً. وقالت إنّها واجهت في مناسبات كثيرة تعاملات عنصرية وتحرشات جنسيّة وفحوصات أمنية في المطار، ومواجهة حالات عداء تجاهها في المطاعم ومحال التسوق بسبب لون بشرتها السوداء.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».