البرلمان اللبناني لانتخاب بري رئيساً لولاية جديدة اليوم

الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة مطلع الأسبوع المقبل

نبيه بري
نبيه بري
TT

البرلمان اللبناني لانتخاب بري رئيساً لولاية جديدة اليوم

نبيه بري
نبيه بري

يتجه مجلس النواب اللبناني الجديد اليوم إلى معركة انتخابية معروفة نتائجها سلفاً، عندما يجتمع في أولى جلساته لانتخاب رئيس للمجلس ونائب له، فيما تتجه الأنظار فعلياً إلى مرحلة ما بعد تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، خصوصا لأحجام القوى داخل هذه الحكومة.
وفي ظل غياب المنافسة على موقع الرئيس، يتوقع أن ينال الرئيس نبيه بري أصواتا تفوق الـ90 صوتا التي حصل عليها في انتخابات البرلمان السابق، الذي لم ينل فيه تأييد «التيار الوطني الحر» الذي كان يرأسه آنذاك الرئيس ميشال عون والذي تحول بعد الانتخابات الأخيرة إلى تكتل «لبنان القوي»، علما بأن عدد أعضاء البرلمان 128 نائبا.
وقالت مصادر لبنانية متابعة للمباحثات الدائرة خلف الكواليس إن «حزب الله» وحلفاءه يسعون للحصول على أكثر من ثلث الوزراء في الحكومة المقبلة «توازيا مع حجمهم داخل البرلمان الذين يشكلون فيه أكثر من ثلث الأعضاء»، وهو ما يعرف بـ«الثلث المعطل» كون غالبية القرارات الكبرى في البرلمان والحكومة تحتاج إلى أكثر من ثلثي الأعضاء، وبالتالي من يحوز الثلث قادر على تعطيلها، وإجبار الأكثرية على التفاوض معه. غير أن مصادر قريبة من الرئيس اللبناني قللت من صدقية هذه المعلومات، عادّةً أن ما أفرزته الانتخابات البرلمانية من تكتلات وتفاهمات تخطى مسألة الثلث المعطل.
ويعول الثنائي الشيعي الذي يضم حركة «أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، و«حزب الله»، على حصولهما على 6 مقاعد من الحكومة وحدهما، بعد فوزهما بـ26 مقعدا شيعيا من أصل 27، كما يطالبون بتمثيل تكتل يضم تيار «المردة» الذي يرأسه سليمان فرنجية وحلفاؤه بمقعدين ووزيرين سنيين، إضافة إلى وزير درزي هو الوزير الحالي طلال أرسلان الذي يحظى بتأييد وزير الخارجية جبران باسيل الذي يرأس كتلة «لبنان القوي» أكبر كتل البرلمان. لكن هذه الخطوة تصطدم برفض الرئيس الحريري الجازم توزير «سنة (قوى)8» وتمسك رئيس «اللقاء الديمقراطي» وليد جنبلاط بمقاعد الدروز كافة بعد حصوله على 7 من أصل 9 مقاعد درزية.
وفي انتظار استكمال العملية الإجرائية التي تنطلق اليوم بانتخابات رئاسة المجلس، ويتوقع أن تستكمل بدعوة رئيس الجمهورية إلى استشارات نيابية ملزمة يلحظها الدستور لاختيار رئيس للحكومة، ستكون على الأرجح يوم الاثنين المقبل كما أبلغت مصادر القصر الجمهوري «الشرق الأوسط»، تليها استشارات (غير ملزمة بنتائجها) يجريها الرئيس المكلف لتحديد شكل الحكومة، بدأت الكتل البرلمانية اجتماعاتها لتسمية مرشحيها، فكانت البداية مع «كتلة التنمية والتحرير» التي يرأسها بري، والتي قررت ترشيحه لرئاسة المجلس، كما قررت التصويت للنائب إيلي الفرزلي نائبا لرئيس المجلس، من دون أن تعلن ذلك صراحة بانتظار إعلان كتلة «لبنان القوي» ترشيح الفرزلي لهذا الموقع. وكررت مصادر قريبة من بري التأكيد على متانة العلاقة بين عون وبري على الرغم من الخلافات السابقة مع صهره الوزير جبران باسيل. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن العلاقة مع الرئيس عون «استراتيجية ويبنى عليها».
والتقى بري أمس وفدا من تكتل «لبنان القوي» يضم النواب إبراهيم كنعان وألان عون وإلياس بوصعب. وأكد كنعان بعد اللقاء أنه كان جيدا، وأن المرحلة الجديدة بحاجة للتعاون بين الجميع، مضيفا: «الانتخابات وراءنا، والاستحقاقات لا توازي التحديات». وتابع: «الإيجابية سمة التعاطي واليد ممدودة للجميع لتعاون مثمر لنجاح العهد، والاستعداد موجود عندنا وعند الرئيس بري لتعاون مثمر». وأردف: «وضعنا الرئيس بري في أجوائنا بشأن جلسة الانتخاب غدا (اليوم) وإرادة فخامته واضحة وكذلك الوزير باسيل، ونتحدث بصفحة جديدة وتعاون، والموقف النهائي من جلسة الانتخاب سيحدد في اجتماع التكتل بعد ظهر اليوم (أمس)، ومتجهون إلى تعاون واحترام الأقوياء في طوائفهم».
واجتمع التكتل بعد الظهر، برئاسة باسيل الذي أعلن تبني التكتل تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، نافيا أن تكون التسوية الرئاسية تتضمن تسمية الحريري بشكل دائم، مؤكدا أن الموضوع مرتبط بنتائج الانتخابات. وأعلن باسيل رسميا ترشيح عضو التكتل إيلي الفرزلي لمنصب نائب الرئيس. كما أعلن «ترك الحرية لأعضاء التكتل بالتصويت بالطريقة التي يرونها مناسبة بالورقة البيضاء أو للرئيس بري». وقال إن «(القوات) أعلنت التصويت بورقة بيضاء لرئاسة المجلس، وإذا اتخذنا الموقف نفسه، تكون الأغلبية الساحقة مسيحيا ترفض هذا الترشيح ونكون أمام رفض مسيحي كبير لخيار شيعي كبير، وهذا ما لا يمكننا تجاهله، والتيار لطالما دفع الأثمان لمنع عزل طائفة، فنحن حراس الميثاقية».
وفي الإطار نفسه، ترأس الحريري اجتماعاً لكتلة «المستقبل» التي أكدت بدورها التصويت للرئيس بري.
وكانت «القوات اللبنانية» أول من أعلن صراحة تصويتها بالورقة البيضاء في رئاسة المجلس وتمسكها بترشيح النائب أنيس نصار لمنصب نائب الرئيس.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.