المواجهات تتراجع في «غزة المصدومة»

TT

المواجهات تتراجع في «غزة المصدومة»

على رغم الدعوات التي أطلقتها فصائل فلسطينية لمواصلة المسيرات في ذكرى النكبة، لم يشهد قطاع غزة «المصدوم» بالعدد الهائل من الضحايا في مذبحة الإثنين، أي حوادث كبيرة أمس. وجاء تراجع المواجهات بعد يوم دام قُتل فيه ما لا يقل عن 61 فلسطينياً وجرح أكثر من 2500 خلال إطلاق الجنود الإسرائيليين الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع على آلاف الفلسطينيين الذين تجمعوا على الحدود بين قطاع غزة والأراضي الإسرائيلية. ووقعت «مذبحة غزة» في اليوم ذاته الذي احتفلت فيه الولايات المتحدة بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس.
وأقدمت قوات الاحتلال، أمس، على إطلاق قنابل غاز من طائرة صغيرة مسيّرة في اتجاه المواطنين الموجودين في خيام العودة شرق خانيونس، ما أدى إلى إصابة بعضهم بحالات اختناق، فيما اندلعت حرائق صغيرة في مستوطنات غلاف غزة جراء إطلاق الشبان طائرات ورقية حارقة.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة بعد الظهر مقتل «المواطن ناصر غراب (51 عاما) بطلق ناري من قبل الاحتلال الصهيوني شرق البريج» في وسط قطاع غزة.
وتزامن ذلك مع إعلان الجيش الإسرائيلي استمرار حالة التأهب في صفوف قواته على طول الحدود مع قطاع غزة، محذراً من إقدام حركة «حماس» على إطلاق صواريخ من غزة، ومؤكداً استعداد قواته لأي سيناريو. في المقابل، اتهمت منظمة «بتسليم» اليسارية إسرائيل بأنها باتت تستهتر بشكل مروع بحياة البشر من خلال لجوء الجيش بأوامر كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين إلى إطلاق النيران الحية كحل وحيد منطبّق في الميدان ضد الفلسطينيين. وأشارت المنظمة إلى معرفة إسرائيل سابقاً بالمظاهرات التي جرت أول من أمس على حدود غزة، لافتة إلى أنه كان لديها متسع من الوقت لإيجاد وسائل لمجابهة المتظاهرين من دون استخدام النيران الحية. ودعت إلى وقف قتل المتظاهرين الفلسطينيين فوراً، وحثت الجنود في الميدان على رفض الانصياع لأوامر مخالفة بوضوح للقانون والامتناع عن إطلاق النيران.
وأعربت الأونروا، من جهتها، عن استيائها الشديد حيال ما جرى وسقوط ضحايا بينهم أطفال، معربة عن إدانتها من دون تحفظ للاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين الذين يتمتعون بالحق في التجمع السلمي والتعبير السلمي عن الرأي. وقالت إن «السكان في قطاع غزة قد تعرضوا لعواقب نزاعات مسلحة متكررة وحصار خانق على مدار العقد الماضي. إن أعمال العنف والخسائر في الأرواح ستضيف فصلاً آخر من الصدمة على وضع لا يمكن الدفاع عنه». وتحاول إسرائيل تخفيف الضغط الدولي الذي واجهته بسبب الأحداث الأخيرة، حيث أعلنت عن فتح معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد لقطاع غزة بعد إغلاقه لأيام لإدخال شاحنات تجارية وأخرى تحمل أدوية من رام الله. ورفض الجانب الفلسطيني من القطاع استقبال أي شاحنات تجارية واكتفى باستقبال الأدوية. في المقابل، مددت مصر العمل في معبر رفح حتى يوم الخميس وسمحت بنقل الجرحى الفلسطينيين من غزة إلى المستشفيات المصرية لتلقي العلاج. كما قررت نقل شاحنات أدوية ومعدات طبية عاجلة للمستشفيات في القطاع.
وفي إسرائيل تقدم النائب العربي في المعسكر الصهيوني، زهير بهلول، أمس الثلاثاء، بطلب إقامة لجنة تحقيق برلمانية حول الأحداث المأساوية في غزة التي راح ضحيتها أكثر من 50 ضحية بينهم نساء وأطفال أبرياء. وقال بهلول إن إطلاق النار باتجاه متظاهرين دون تمييز يعتبر تجاوزاً لجميع الخطوط الحمراء وانتهاكاً للقوانين الإنسانية والدولية.
وكان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قد اعتبر ما جرى «دفاعاً عن وجود إسرائيل»، واتهم المتظاهرين الفلسطينيين في قطاع غزة بأنهم «مخربون خططوا لاجتياح إسرائيل وتهديد وجودها». وقال في بيان رسمي إن 24 من الضحايا في أحداث يوم الاثنين «على الأقل هم أعضاء في (حماس) و(الجهاد)، قتلوا خلال محاولات حماس لاقتحام حدودنا مع قطاع غزة والتسلل لأراضينا بهدف قتل مواطنينا الذين يسكنون قرب الحدود». ثم عرض نتنياهو صور عشرة منهم كما ظهرت في الإعلام الفلسطيني قائلاً إنهم «يتباهون بأنهم منتمون لحماس والجهاد».
من جهته، عرض الجيش الإسرائيلي تقريراً يبين كيف قتل ثمانية من الفلسطينيين خلال محاولتهم تنفيذ عملية عسكرية مزعومة ضد قواته. ويظهر التقرير كيف نصبت وحدة كوماندوز إسرائيلية كميناً لهم وقتلتهم جميعاً.



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.