أميركا تدعو مجدداً لمثول سيف القذافي أمام «الجنايات»

لندن تتوصل إلى تسوية مع بلحاج في قضية «تسليمه للقذافي»

TT

أميركا تدعو مجدداً لمثول سيف القذافي أمام «الجنايات»

توصلت حكومة المملكة المتحدة إلى تسوية مع القيادي الليبي السابق في «الجماعة الإسلامية المقاتلة» عبد الحكيم بلحاج، المُدرج على قوائم الإرهاب، بشأن قضية ترحيله إلى بلاده أثناء حكم الرئيس السابق معمر القذافي، وتعرضه للتعذيب، في وقت جددت فيه الولايات المتحدة الأميركية، دعوتها ضرورة مثول سيف الإسلام نجل القذافي إلى محكمة الجنايات الدولية، وتوقيف الرائد بالجيش الليبي محمود الورفلي، وضرورة محاسبته طبقاً للقانون الدولي، حول تقارير عن عمليات إعدام خارج القانون.
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية، أمس، إن بلحاج (52 عاماً) أجرى تسوية مع الحكومة البريطانية، دون التطرق إلى طبيعة هذه التسوية، وماذا تتضمن. وسبق لبلحاج المثير للجدل، الذي تربطه علاقات قوية مع قطر، تحريك دعوى قضائية يطالب بريطانيا باعتذار رسمي، بسبب ما سماه خطفَه من قبل جهاز الاستخبارات البريطانية وإعادة ترحيله إلى بلاده، عام 2004، مضيفاً أن «جهاز (MI6) ساعد الولايات المتحدة على خطفه في تايلاند لإعادته إلى ليبيا، بالإضافة للتعرض للتعذيب».
وذهب إلى أنه «خُطف في بانكوك مع زوجته الحامل فاطمة بودشار، أثناء محاولته السفر إلى لندن للمطالبة باللجوء إلى المملكة المتحدة، وطالب آنذاك بتقديم اعتذار وتعويض رمزي بقيمة جنيه واحد عن الأضرار التي لحقت به»، وينتظر أن يدلي النائب العام ببيان في البرلمان اليوم (الخميس).
ويقول سياسي ليبي ينتمي إلى طرابلس العاصمة، لـ«الشرق الأوسط» إن «قطر لعبت دوراً كبيراً في حياة عبد الحكيم بلحاج ودعمته بالمال، وعوّلت عليه كثيراً»، مشيراً إلى أنه «خرج من سجن القذافي في عام 2009 لا يملك شيئاً... والآن بات يمتلك شركة طيران، وأموالاً ويتحرك بين الدول».
وأضاف السياسي الليبي، الذي رفض ذكر اسمه، أن «القيادي بالجماعة المقاتلة ظهر بعد اندلاع ثورة 17 فبراير (شباط)، وبالضبط في 20 أغسطس (آب)، وقدمته فضائية (الجزيرة) على أنه المُخلص للبلاد، والزعيم الملهم، وهو لم يكن له أي دور في الثورة، أو الحياة السياسية الليبية»، واصفاً بلحاج بأنه «ربيب قطر الذي سعت من خلاله إيجاد دور لها على الأرض، لكن لم تتمكن بعد فشله في انتخابات المؤتمر العام».
وفي منتصف أبريل (نيسان) الماضي، أمهلت المحكمة العليا في لندن الحكومة البريطانية أسبوعين كي تسلم تقرير الشرطة بشأن الدور المزعوم لضابط كبير في المخابرات الإنجليزية في عملية خطف وتعذيب بلحاج.
وحرك بلحاج قضية أمام المحاكم البريطانية منذ عام 2011، قال فيها إن المخابرات البريطانية الخارجية ساعدت الولايات المتحدة في خطفه، ويعتمد في دعواه على وثائق عثر عليها في طرابلس عقب سقوط نظام معمر القذافي.
وفي يناير (كانون الثاني) من العام الماضي أيدت المحكمة العليا في بريطانيا منح بلحاج حق مقاضاة وزير الخارجية السابق جاك سترو بشأن مزاعم مساعدته في عملية اختطافه وتسليمه، لكن الأخير، الذي كان مسؤولاً عن «MI6» في ذلك الوقت، نفى أنه كان على علم بتسليم بلحاج.
وُلِد بلحاج عام 1966 في منطقة سوق الجمعة في طرابلس العاصمة، ودرس الهندسة في جامعة الفاتح، وأمضي في سجون القذافي قرابة 6 سنوات، وأسس حزب الوطن وخاض به انتخابات المؤتمر الوطني العام، لكنه لم يفز بأي مقعد.
في شأن آخر، دعا نائب مندوبة الولايات المتحدة الأميركية لدى الأمم المتحدة، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة تطورات الأوضاع في ليبيا، أمس، إلى ضرورة مثول سيف القذافي أمام محكمة الجنايات الدولية، وتوقيف الرائد بالجيش الليبي محمود الورفلي، وضرورة محاسبته طبقاً للقانون الدولي، حول تقارير عن عمليات إعدام خارج القانون.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».