استعدادات لافتتاح السفارة الأميركية في القدس... والسلطة تطالب بالمقاطعة

الأردن يحذّر من التداعيات... وعريقات يعتبر أن خطوة واشنطن تشجع على الفوضى

عمال يضعون علم أميركا في الشارع المؤدي إلى موقع السفارة الأميركية بالقدس (إ.ب.أ)
عمال يضعون علم أميركا في الشارع المؤدي إلى موقع السفارة الأميركية بالقدس (إ.ب.أ)
TT

استعدادات لافتتاح السفارة الأميركية في القدس... والسلطة تطالب بالمقاطعة

عمال يضعون علم أميركا في الشارع المؤدي إلى موقع السفارة الأميركية بالقدس (إ.ب.أ)
عمال يضعون علم أميركا في الشارع المؤدي إلى موقع السفارة الأميركية بالقدس (إ.ب.أ)

وضع نير بركات، رئيس بلدية الاحتلال في القدس، أمس، أول لافتة إرشادية لتوجيه المعنيين نحو مكان السفارة الأميركية في المدينة، التي يفترض أن تفتتح الأسبوع المقبل، وذلك في تحدٍّ واضح لمشاعر الفلسطينيين والعرب، وتجاهل تام للمطالبات الدولية بعدم المس بمكانة المدينة، قبل الاتفاق عليها في المفاوضات.
وشوهد بركات وهو يعلق لافتة كتب عليها «السفارة الأميركية» باللغات الثلاث: العبرية والعربية والإنجليزية، فيما شرع عمال في تعليق مجموعة أخرى من اللافتات على طرقات بالمدينة بالقرب من مبنى القنصلية الأميركية، التي ستضم كذلك مقر السفارة، التي ستنقل رسميا في 14 مايو (أيار) الحالي، تزامنا مع الذكرى السبعين لقيام دولة إسرائيل، بحسب التقويم الميلادي، الذي يصادف كذلك ذكرى إحياء الفلسطينيين للنكبة.
وبعد تعليقه اللافتة التي تشير إلى مكان السفارة، قال بركات إن «افتتاح السفارة الأميركية في عاصمة الشعب اليهودي الأبدية حدث تاريخي»، مشددا على أنه «لم تعد تلك الخطوة حلماً فحسب، بل أصبحت واقعاً. أشعر بفرح خاص، وأنا متحمس لأني حظيت اليوم برفع اللافتات الأولى التي أعددناها للسفارة الأميركية، التي ستُدشن في الأسبوع القادم في القدس».
وتابع بركات موجها شكره للقيادة الأميركية: «أشكر الرئيس الأميركي دونالد ترمب على قراره نقل السفارة... القدس هي العاصمة الخالدة للشعب اليهودي، والعالم بدأ الآن يدرك ذلك».
وتستعد الولايات المتحدة وإسرائيل لإقامة احتفال كبير بمناسبة افتتاح السفارة الأميركية في القدس، وسط تكهنات حول الشخصية الأميركية الأرفع التي ستحضر الاحتفال. وأمس، رُفعت في مقر السفارة الجديد أعلام الولايات المتحدة وإسرائيل تمهيدا للاحتفال.
وقال يوفال روتم، المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، إن «هوية الشخصية الرفيعة التي ستحضر ما زالت مجهولة».
وبحسب الخطة المرسومة، ستضم السفارة المؤقتة في منطقة «أرنونا» مساحة مكتبية للسفير ديفيد فريدمان، وطاقم صغير من الموظفين. وبحلول نهاية العام المقبل، سيتم استكمال بناء المساحة المكتبية الإضافية بالمجمع في «أرنونا»، والتي ستوفر للسفير وفريقه مساحة موسعة مؤقتة، فيما يواصل معظم موظفي السفارة العيش والعمل في تل أبيب خلال هذه الفترة، حتى بناء سفارة جديدة في القدس. ويتوقع المسؤولون الإسرائيليون أن تستغرق عملية اختيار الموقع والتصميم والتخطيط والحصول على تصاريح وبناء سفارة دائمة سنوات إضافية.
وجاء قرار نقل السفارة الأميركية لاحقا لقرار ترمب في 6 سبتمبر (أيلول) الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهو القرار الذي رفضه الفلسطينيون بشدة، وقاد إلى قطيعة بين السلطة والإدارة الأميركية.
ويرى مراقبون ومحللون دوليون وعرب أن إصرار ترمب على نقل السفارة في هذا الوقت، يثبت أنه غير مهتم بالرفض الدولي والعربي والفلسطيني لنقل السفارة، وغير آبه للتداعيات المحتملة لمثل هذه الخطوة، والتي قد تتسبب في تصعيد ميداني كبير، خصوصا مع إصرار الفلسطينيين على رفض الخطوة الأميركية، التي تتزامن مع قرار بإحياء ذكرى النكبة بمسيرات ضخمة وكبيرة، واحتجاجات واسعة.
ويستعد الفلسطينيون لإحياء الذكرى مع مزيد من التصعيد بسبب خطوة نقل السفارة، وتهديدات بمسيرات واسعة على حدود قطاع غزة، وقال مسؤولون في حركة حماس إنها ستكون فاصلة وستغير وجه المنطقة. وفي هذا السياق، اتهم صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واشنطن بالإصرار على «انتهاج سياسة تشجيع الفوضى الدولية، وتجاهل القانون الدولي، عبر الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارتها إليها»، إضافة إلى «انتهاك التزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك قرار مجلس الأمن (478)، والتزامات الولايات المتحدة تجاه عملية السلام».
وشدد عريقات على أن «هذه الخطوة ليست غير قانونية فحسب، بل ستفشل أيضا تحقيق سلام عادل ودائم بين الدولتين»، مطالبا جميع ممثلي الدول، بمن فيهم أعضاء السلك الدبلوماسي ومنظمات المجتمع المدني، والسلطات الدينية، بمقاطعة حفل افتتاح السفارة الأميركية في القدس.
وقال عريقات في بيان إن «المشاركة في حفل الافتتاح تضفي الشرعية على قرار غير شرعي وغير قانوني، وتعزز الصمت على سياسات الاحتلال الاستعماري والضم»، مبرزا أن «من يحضر هذا الحفل غير القانوني يوجه رسالة تشجيع على انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني، غير القابلة للتصرف، والقانون الدولي». ووصف عريقات مشاركة أي دولة في هذا الحفل بالشراكة في جريمة انتهاك حق الشعب الفلسطيني بعاصمته السيادية، واستباحة أرضه.
وفي العاصمة الأردنية عمّان، جدد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي رفض الأردن قرار نقل السفارة الأميركية للقدس، محذراً من تبعات هذا القرار.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.