اتهامات بتزوير نتائج الانتخابات اللبنانية... وتهديدات بالطعن

عد أصوات المقترعين في مركز اقتراع في بيروت أول من أمس (أ.ف.ب)
عد أصوات المقترعين في مركز اقتراع في بيروت أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

اتهامات بتزوير نتائج الانتخابات اللبنانية... وتهديدات بالطعن

عد أصوات المقترعين في مركز اقتراع في بيروت أول من أمس (أ.ف.ب)
عد أصوات المقترعين في مركز اقتراع في بيروت أول من أمس (أ.ف.ب)

منذ الساعات الأولى لإقفال صناديق الاقتراع، انطلقت الأصوات المعترضة على الانتخابات اللبنانية واتهامات بالتزوير طالت عمليات الفرز. من بعلبك - الهرمل إلى الشوف - عاليه وبيروت، حيث نجح المجتمع المدني في تحقيق خرق للوائح أحزاب السلطة، ورفع مرشحون صوتهم مشكّكين بالنتائج ومعلنين أنهم سيلجأون إلى المجلس الدستوري للطعن بها.
وفي حين استمرت أمس عمليات الفرز في عدد من الدوائر، منها بعلبك - الهرمل، الذي كانت قد وصفت بكونها «المعركة الأهم بالنسبة إلى حزب الله»، أعلن كل من «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية» محاولات لتزوير النتائج من قبل الحزب بهدف إسقاط مرشحيهما، عن المقعدين السني والماروني اللذين أظهرت النتائج الأولية للماكينات الانتخابية فوزهما، وبالتالي خرقهما للائحة الحزب، ليأتي بعدها نفي من وزارة الداخلية لدخول أي عناصر غير أمنية إلى مراكز الفرز.
ودعا رئيس «القوات» سمير جعجع، وزير الداخلية نهاد المشنوق للتدخل سريعاً، معلناً أنه «قد وصلت إلى لجان الفرز في سرايا بعلبك صناديق من بعض أقلام الاقتراع غير مختومة بالشمع الأحمر ولا تحتوي على محاضر رسمية موقعة، إنما مجرد صناديق مع أصوات. لذلك، المطلوب أن يتدخل الوزير المشنوق فوراً ويستطلع ما يحدث من أجل إلغاء تلك الصناديق غير القانونية والمدسوسة عمداً بهدف اللعب بالنتائج في دائرة بعلبك - الهرمل». من جهته، أعلن «تيار المستقبل»، أن عناصر من حزب الله دخلوا سرايا بعلبك مع مغلفات أصوات مزورة، متحدثاً عن ضغوط على لجان القيد لتعديل النتيجة في بعلبك - الهرمل وإسقاط المرشحين الفائزين عن المقعدين السني والماروني.
وفي وقت لاحق، أعلن عن توجه فاعليات بلدية واختيارية وأهلية مع المرشح أنطوان حبشي إلى قائمقامية بعلبك، لمتابعة سير فرز الأصوات.
وفي هذا الإطار، أكدت مصادر «القوات» لـ«الشرق الأوسط»، أن لديها معلومات موثقة عن محاولات لتزوير النتائج من قبل «حزب الله» في بعلبك - الهرمل، حيث سجّل مشاركة غير مسبوقة للاقتراع، خصوصاً من قبل المسيحيين، وهي لن تسمح بالتلاعب بالنتائج التي أظهرت فوز مرشحها أنطوان حبشي، وستنتظر الإعلان عن النتائج الرسمية ليبنى على الشيء مقتضاه.
وفي بيان لوزارة الداخلية على هذه القضية، أعلنت الوزارة، أنه وبعد تداول أخبار عن حصول إشكال في سرايا بعلبك أثناء عملية فرز صناديق الاقتراع، طلب الوزير نهاد المشنوق من قيادة الجيش تأمين الحماية في محيط سرايا بعلبك، وانتشرت قوّة من الجيش حول المبنى حفاظاً على سلامة العملية الانتخابية.
وأوضح البيان أنه «تمّ الاتصال بمحافظ بعلبك الذي نفى حصول أي إشكال، أو دخول عناصر غير مسموح لها بالدخول إلى سرايا بعلبك، وأكد أنّ مندوبين عن بعض المرشحين طالبوا بإعادة فرز صندوقي اقتراع في بلدتي النبي شيت وبدنايل، الأمر الذي رفضه مندوبون آخرون، ما خلق جوّاً من التشنّج داخل إحدى قاعات لجان القيد، فعمد المحافظ إلى تهدئة الأوضاع وأعيد فرز الصندوقين بموافقة جميع مندوبي المرشحين».
الاعتراض على عمليات الفرز والتحذير من التزوير، طالت أيضاً بشكل أساسي، دائرة بيروت الأولى، حيث كانت قد أجمعت الماكينات الانتخابية مساء الأحد على فوز كل من المرشحتين في لائحة «كلنا وطني» التي تمثل المجتمع المدني، الإعلاميتين بولا يعقوبيان وجمانة حداد، ليعود «التيار الوطني الحر» ويعلن صباح أمس، فوز مرشّحه أنطوان بانو على مقعد الأقليات في الدائرة، وهو ما أدى إلى دعوة «كلنا وطني» المواطنين للتحرك بعد الظهر والاعتصام أمام وزارة الداخلية في بيروت رفضاً لتزوير الانتخابات، فيما أعلنت «الجمعية اللبنانية لمراقبة الانتخابات» (لادي)، أنه تم طرد المراقبة المعتمدة من قبل الجمعية، بالإضافة إلى كل مندوبي ومندوبات اللوائح من غرفة لجنة القيد العليا عند الساعة 5:30 فجراً، لساعتين ونصف الساعة، بحجة عطل تقني، وهو ما زاد الشكوك من محاولات التزوير، وأعلنت حداد أنها تحتفظ بكامل حقوقها للطعن في هذه النتيجة المستجدة.
وفي الشوف - عاليه، حيث أعلن فوز معظم مرشحي لائحة «المصالحة» التي جمعت تحالف «القوات» و«المستقبل» و«الحزب الاشتراكي»، شنّ الوزير السابق وئام وهاب هجوماً على حليفه «حزب الله»، متّهماً إياه بعدم الوفاء بعدما حجب عنه أصوات القرى الشيعية، وبالتواطؤ مع «الاشتراكي»، لتحقيق فوز النائب مروان حمادة، قائلاً إن الأصوات التي حصل عليها تفوق تلك التي حصل عليها الأخير، مؤكداً أنه سيلجأ إلى المجلس الدستوري للطعن.
وفي رد منها، على اتهامات وهاب، اعتبرت مصادر «الاشتراكي» أن «الاتهامات التي أطلقها وهاب، باطلة، وهي تعكس أولاً انزعاجه من سقوطه المدوي في الانتخابات وعدم قدرته على حصد ما يكفي من الأصوات، وثانياً خيبة أمله من حلفائه»، وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «توجيه الاتهامات لجنبلاط بتزوير الانتخابات أسخف من أن يرد عليها، فكل القانون بالطريقة التي صدر فيها والسلوك السياسي الذي تلاه كان يرمي لمحاصرة جنبلاط وتطويقه».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.