توقع تقرير صندوق النقد الدولي أن تُترجم آفاق النمو القوية في منطقة اليورو والتحسّن الهامشي للتوقعات المتعلقة بالاقتصاد في الصين، التي تعد أحد أبرز الشركاء لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان، إلى زخم إيجابي على مدى السنوات القادمة.
وقال الصندوق، في تقرير له أمس بعنوان «آفاق الاقتصاد الإقليمي: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان» لشهر مايو (أيار) 2018 الذي أطلق أمس في مدينة دبي، إن ارتفاع أسعار الفائدة العالمية، في الوقت الذي تتّجه فيه المصارف المركزية في الاقتصادات المتقدمة إلى مزيد من الرفع، من الممكن أن تؤدي إلى إعادة السياسات النقدية إلى مستوياتها الطبيعية، وقد يؤدي إلى تشديد شروط الائتمان والسيولة في المنطقة وكشف أوجه القصور في سياساتها المالية. وأوضح التقرير أن الاقتصاد العالمي يشهد تحسناً مستمراً في أدائه، ومن المتوقع أن يسجل نمواً سنوياً بنسبة 3.9 في المائة خلال عامي 2018 و2019، مقارنة مع مستوى 3.8 في المائة وفق تقديرات 2017، ما يمثل أعلى نسبة نمو منذ العام 2011.
وأشار التقرير إلى أن المخاطر التي قد تؤثر على التوقعات العالمية متوازنة عموماً على المدى القريب، لكنها تميل إلى الانخفاض على المدى المتوسط، حيث يرجع ذلك أساساً إلى مخاطر تشديد السياسات المالية، فضلاً عن احتمال التوجّه نحو تبني سياسات واستراتيجيات حمائية لصالح الداخل، مما قد يضرّ بالتجارة الدولية ويقود إلى تراجع أسعار السلع. كما شدد على أن التوقعات الخاصة بأسعار النفط لا تزال غامضة، مما يعكس إلى حدّ كبير حالة من عدم اليقين فيما يتعلّق بالمعروض في السوق، ومن المتوقع أن تظل الأسعار مكبوحة على المدى المتوسط.= ويتوقع الصندوق وفق التقرير، أن تشهد الدول المصدّرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان خلال الفترة 2018 - 2019. تسارعاً في وتيرة النمو بعد اكتمال دورة الركود الاقتصادي في 2017، مدعومة بالانتعاش المستمر في قطاعاتها غير النفطية، حيث تعمل العديد من بلدان المنطقة على إبطاء وتيرة تطبيق تدابير التصحيح المالي، الأمر الذي سيساعد في دعم الطلب المحلي.
ومن جهة أخرى، من المتوقع أن يستمر تعافي النمو في الدول المستوردة للنفط في المنطقة خلال العام 2018، مدعوماً بالمكاسب المحققة من الإصلاحات الاقتصادية المستمرة، إلى جانب تحسن الثقة بالسوق المحلية في بعض الدول، وتزايد الطلب الخارجي على صادراتها.
ومن جانبه، قال جهاد أزعور، مدير صندوق النقد الدولي في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى: «بإمكان المنطقة - بل ويجب عليها - الاستفادة بشكل أوسع من تحسن توقعات الاقتصاد العالمي، وبالطبع سيلزمها ذلك بإجراء مزيد من الإصلاحات التي من شأنها أن تعزز النمو وتخلق مزيداً من فرص العمل. ومن أبرز أولويات الإصلاح في هذا السياق تحسين بيئة ممارسة الأعمال والارتقاء بظروف أسواق العمل مع تقليل الاعتماد على النفط وغيره من السلع كمصدرٍ رئيسي للدخل، فضلاً عن مكافحة الفساد وتوفير الفرص للجميع وفق مبدأ المساواة، لا سيما شريحتي الشباب والنساء». وأضاف: «يظل استقرار مشهد الاقتصاد الكلي عاملاً حيوياً لضمان تحقيق نمو شمولي ومستدام، وهو ما يتطلب بالنسبة للعديد من الدول في المنطقة مواصلة الجهود الرامية لتعزيز الموارد المالية الحكومية».
وقال أزعور إن السعودية بحاجة إلى أسعار النفط عند 85 إلى 87 دولارا للبرميل في المتوسط هذا العام من أجل ضبط ميزانيتها العامة. وأشار إلى أن «التحسن في الأوضاع الاقتصادية عموما مع تعافي النمو هذا العام، الذي من المتوقع أن يبلغ 1.8 في المائة، سيساعد المملكة في المحافظة على وتيرة الإصلاح المالي وسيسمح في نفس الوقت للاقتصاد بالنمو مجددا». وأشار إلى أن سعر النفط الذي كانت الرياض تحتاجه لضبط الميزانية هو 83 دولارا في 2017، مع «توقعات للعام 2018 في حدود 85 إلى 87 دولارا للبرميل».
وقال أزعور: «أعتقد أن حقيقة أننا نشهد تعافيا عالميا؛ وفي المنطقة حاليا، وحقيقة أن سعر النفط يرتفع ينبغي ألا يعتبر في أي وقت سبيلا لتخفيف الجهود والرضا عن النفس». وأضاف أن هدف التخلص من العجز بحلول 2023 «يتماشى مع توصياتنا لأنه سيسمح للمملكة، بينما يعكفون على الإصلاحات، بعدم الإضرار بنمو الاقتصاد».
وحول خطوة التخصيص في السعودية قال أزعور لـ«الشرق الأوسط»: «أي إجراء يساهم في تحسين التنافسية في الاقتصاد هو إجراء جيد، في مجموعة من الخدمات والتي يمكن أن يقوم بها القطاع الخاص بفعالية أكثر، وفي مجموعة من الاستثمارات التي تقوم بها القطاع العام والخاص بالشراكة، والتي يكون مردودها أكبر وأعباؤها على ميزانيات الحكومات أقل، وستخفف الحاجة التمويلية للحكومات». وأضاف أن «هناك مجموعة من الخدمات بحاجة لأن تقوم بها الدولة، والتي هي الخدمات المركزية.. ولهذا السبب فإن التوجه نحو التخصيص هو توجه صحيح، وأهميته وتأثيره الاقتصادي الإيجابي قائم»، مشدداً على أهمية أن يتم بطريقة صحيحة، وذلك من خلال إطار تنظيمي واضح.
صندوق النقد يتوقع زخماً إيجابياً في منطقة الشرق الأوسط بدعم من أوروبا والصين
أزعور لـ «الشرق الأوسط» : التوجه السعودي في التخصيص صحيح ومردوده إيجابي
صندوق النقد يتوقع زخماً إيجابياً في منطقة الشرق الأوسط بدعم من أوروبا والصين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة