حسن «مقاتل» مع حزب الله في القلمون وتاجر سلاح في بلاده

تجارة السلاح في لبنان تزدهر بسبب التطورات السورية

 السلاح ينتشر في لبنان في غياب رقابة فعلية رسمية (رويترز)
السلاح ينتشر في لبنان في غياب رقابة فعلية رسمية (رويترز)
TT

حسن «مقاتل» مع حزب الله في القلمون وتاجر سلاح في بلاده

 السلاح ينتشر في لبنان في غياب رقابة فعلية رسمية (رويترز)
السلاح ينتشر في لبنان في غياب رقابة فعلية رسمية (رويترز)

عند وصولك مدينة بعلبك في البقاع اللبناني شرق البلاد، تعتقد أنك داخل إلى منطقة آمنة، فحواجز الجيش ترابط عند مداخلها وعمليات التفتيش للسيارات عن مواد متفجرة أو ممنوعات، متأهبة للضبط والاعتقال. لكن المفاجأة الأولى تكمن عند مشاهدة موكب ذي زجاج داكن يجتاز الحاجز الأمني بسهولة بعد إبرازه بطاقة خاصة تسمح له بالمرور.
يصف علي، المشهد في مدينته العزيزة على قلبه، بالمؤسف والمخزي فـ«بعد أن كانت مساحة جغرافية تحتضن على أرضها ثروة تاريخية أصبحت اليوم مهمشة ومستغلة من قبل الأحزاب والأفراد الميليشياوية، ارتفعت فيها نسب السرقات وتجارة السلاح والممنوعات على أنواعها، كما أن موقعها المجاور لسوريا أكسبها ميزة خاصة لدى حزب الله فتحوّلت جرود بعلبك إلى جبهات للقتال».
يمسح علي نظاراته لرؤية المارة جيدا ويلقي التحية على صديقه حسن «أهلا بالمطلوب للعدالة»، ويسأله كيف خرجت من السجن؟ فيجيبه الأخير بلهجة بقاعية: «إني قوي». يختلف علي مع حسن بالسياسة، فهو معارض لقتال حزب الله في سوريا، وصديقه حسن كان من أبرز المقاتلين في معركة القصير على حد قوله: «حاولت إقناعه بالعدول عن قراره بالمشاركة إلا أن العقيدة الحزبية المترسخة في ذهنه تسيطر على حياته وهذا أمر طبيعي فهو تربّى منذ طفولته على مبدأ واحد (واجب الجهاد) حتى ولو كان بوجه الأبرياء في دمشق».
ويكمل علي قائلا: «أمضى حسن أكثر من شهرين في سوريا دون معرفة أي شيء عنه، وعند عودته اكتفى بالتعبير عن أسفه على العناصر التي قتلت في المعارك السورية واعتبار الثوار السوريين إرهابيين يستحقون الموت».
في القصير كان مقاتلا، وفي لبنان تاجر سلاح، ويتحضّر لمعركة القلمون حسب علي الذي يروي لـ«الشرق الأوسط» كيف أن عناصر حزب الله تحاصر الحدود والجبال الموازية للمناطق الحدودية مع سوريا خصوصا القلمون. ويقول: «مئات العناصر من حزب الله يتمركزون في الجبال ويتناوبون على المراقبة. نسمع بعض الأحيان أصوات القذائف والرصاص التي تحاول منع الثوار من اجتياز الحدود (إلى لبنان) وتدعم جيش الأسد بتحقيق التقدم لصالحه في الحرب». ويضيف: «حاولت مرة الذهاب إلى جرود بعلبك إلا أنني لم أشعر بالأمان أبدا خصوصا أن عددا من رجال الحزب يتربصون لكل فرد ليس منهم».
يصف علي صديقه حسن بأنه «مهووس باستخدام المسدسات الحربية». ويقول: «ساهمت التدريبات العسكرية في صفوف الحزب في تنمية حبّه للسلاح». بدأ هذا المقاتل في حزب الله، مهنة تجارة السلاح منذ عمر 23 وهو اليوم يحتفل بسنته العاشرة على ممارسة «المهنة المربحة» على حد قوله ونطاق تجارته مدينة بعلبك.
في المقابل، يقول حسن بأن عملية البيع الأولى تمت بعد أن طلب صديقه شراء مسدسه الـ14 (ملليمتر) بقيمة 500 دولار قبل بالعرض وتم بيع القطعة الأولى لتجري من بعدها صفقات تتعدى قيمتها الـ100 ألف دولار أميركي.
يشتري حسن قطعة (السلاح) من تجار كبار في بلدة بريتال البلدة المتاخمة لمدينة بعلبك على حد قوله، عمليات وصفقات غير قانونية يتم من خلالها شراء كميات كبيرة من الذخائر والمستلزمات التي يحتاجها كل مسلّح. مثلا إحدى الصفقات التي تمت تضمنت 1000 قطعة سلاح تقدر قيمتها بنحو 100 ألف دولار أميركي تم استيرادها من روسيا، وتم إدخالها إلى لبنان عبر الحدود السورية عن طريق البلدات المجاورة بالتهريب. يتسلمها عمال سوريون ويسلمونها بدورهم للمعنيين. يتحدث حسن عن «صفقات أخرى تتم عبر الحدود السورية اللبنانية عن طريق المصنع حيث تدخل السيارات المزودة ببطاقات خاصة يمنع تفتيشها ولا أحد يعلم ما بداخلها إلا السائق والله.. حتى أن بعض الصفقات أبرمت ودخلت إلى لبنان عن طريق مرفأ بيروت بسفن محملة ببضاعة بقيمة باهظة يرشى بعض العاملين فيتم غض النظر عن تفتيشها وتمرر برعاية حزبية (أحد الأحزاب أو الميليشيات اللبنانية)».
يقاطعه علي ليعطي قضية ميشال سماحة مثالا واضحا عن الفلتان الأمني: «لقد ضبطت بحوزته كميات كبيرة من المتفجرات فكيف أدخلها إلى لبنان؟ أليس عن طريق المصنع وبمساعدة حلفائه في الداخل؟» ويضيف بسخرية: «نحن لا نستطيع إنتاج الكوكايين في البقاع ورغم ذلك تجد نسبة عالية من تجارة هذا الصنف وذلك بسبب استيراد كميات كبيرة تصل من شمال أميركا فكيف يتسلمها التجّار؟».
يبدي حسن انزعاجه من كلام علي ويكمل حديثه عن جنسية زبائنه: «قبل سنة كنت أبيع السلاح لمختلف الفئات ولا أهتم سوى للربح المادي واستمر الوضع حتى مع اندلاع الثورة السورية، إلا أنني توقفت عن بيع السوريين بعد معركة القصير أصبحت أتنبه ولا أبيع من يدعون أنهم ثوار سوريون وإنما فقط للبناني» وعند سؤاله لماذا معركة القصير تحديدا أجاب «حاربونا فكيف أساعدهم؟!!».
نشطت تجارة السلاح في لبنان إبان الحرب الأهلية اللبنانية إلا أن اتفاق الطائف استطاع إرضاء جميع الأطراف الحزبية المتنازعة وتحقيق عدد من المطالب مقابل تسليم أسلحتها إلى الدولة. فسلمت الأحزاب جزءا من أسلحتها وأبقت على الجزء الأكبر منها مخبأ لديها. وبدأت كوادر الأحزاب، بالتخلص الفعلي من الكثير من مخازن سلاحها عبر بيعها في السوق السوداء التي نشطت على نطاق واسع جدا، وبدأت صفقات بيع مخازن وكميات الأسلحة واستيراد وتصدير القطع الحربية والذخائر.
وعادت وازدهرت من جديد في الفترة الأخيرة بعد حرب يوليو (تموز) عام 2006 وخصوصا إبان اندلاع الاشتباكات المذهبية ويذكر تحديدا «7 أيار» حيث ارتفع الطلب على السلاح ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني.
تعتبر تجارة الأسلحة الخفيفة من أنشط أنواع هذه التجارة، لسهولة نقلها، وتهريبها، ورخص ثمنها. (م.م) وهو تاجر سلاح أيضا أسعار القطع الخفيفة المنتشرة في السوق السوداء: رشاش كلاشنيكوف روسي الصنع الذي يتراوح سعره بين 1000 و2500 دولار أميركي، ويزداد الطلب عليه كثيرا، وحديثا الرشاش الإيراني الصنع. سعر قذيفة الـ«ب7» (قذيفة صاروخية تطلق عن الكتف) يصل إلى 180 دولارا، والقاذف وصل سعره إلى 1100 دولار.
أما السلاح الأميركي، فهو أغلى ثمنا: «بندقية إم 16»، يصل سعرها إلى حد 2500 دولار. وهناك بندقية «إم 4»، يصل سعرها إلى 7000 دولار أميركي، وبندقية «إم 18» ويبلغ سعرها 12 ألف دولار، وقذيفتها بسعر 100 دولار. إضافة إلى المسدسات التي يتزايد الطلب عليها، وتشهد أسعارها ارتفاعا ملحوظا، فالمسدس البلجيكي «مسدس 14» وصل سعره إلى 1500 دولار، والكندي منه 3000 دولار، حتى أن أسعار الطلقات قد ارتفعت أيضا وفُقدت من السوق.
أما أسعار طلقات الأسلحة المعروفة على أنواعها فتتراوح بين الـ1000 و1500 ليرة لبنانية (دولار) للطلقة الواحدة.
أما المواد المتفجرة فتباع أيضا في السوق السوداء، وإن كان معظمها مرخصا باعتبار أن معظم من يشترون هذه الأنواع من المتفجرات هم أصحاب المقالع الصخرية والكسارات، ويتم بيعها مع فتائلها وسعر الصندوق الذي يحتوي على 25 كلغ من المتفجرات نحو 150 دولارا.
تأثرت تجارة السلاح في الآونة الأخيرة خصوصا في منطقة بعلبك نظرا لموقعها الجغرافي المجاور للمناطق الأشد اشتباكا بالحرب السورية، ورغم حصر بعض التجار نطاق عملياتهم في الداخل اللبناني فإن تجارا آخرين ارتأوا الاستفادة من الأوضاع الإقليمية القائمة فتخلّى بعض حلفاء النظام السوري عن مبادئهم والتزاماتهم بالوفاء للأسد وفضّلوا الربح المادي فكشفت معلومات عن إقدام أحد أبناء قيادي بارز في صفوف تنظيم حزب الله وباع الثوار السوريين الأسلحة بأسعار مرتفعة جدا.
قصتي مشابهة لهذه الرواية، هكذا يكمل التاجر المعروف بـ«أبو النار»، كلامه بحذر وترقب من أن يسمعه أحد: «أبيع الزبون مهما كانت جنسيته لونه أو حتى شكله وانتماؤه، هدفي هو ربح المال فقط ومنح المواطن سلاحا ليحميه».
تبلغ خبرة «أبو النار» نحو 30 عاما وهو يعتبر من التجّار المعروفين في السوق السوداء، يستورد الأسلحة من العراق وتركيا والأردن ويصدّر كميات منها إلى سوريا دون اكتراثه لصاحب الطلب أكان مع النظام أم ضده فهو يبغي كسب المال.
ويضيف: «نحن بلد لا نصنع الأسلحة وبالتالي تحتّم علينا الضرورة إجراء صفقات مع بلدان لديها خط بالتهريب والتسليح هناك عدد قليل من كبار التجار الذين لا يصل عددهم إلى أكثر من خمسة أشخاص يديرون الصفقات ويوزعون الأسلحة على التجار الصغار ففي بعلبك يوجد نحو 40 تاجرا صغيرا إلا أن العدد الأكبر موجود في جنوب لبنان وليس في مدينتنا».
عانى هذا التاجر، حسب روايته، منذ طفولته من الحرمان، فقد توفيت والدته عن عمر مبكّر وسجن والده بتهمة الاتجار بالأبيض «المخدرات» على حد قوله، فلجأ إلى السلاح لحماية نفسه.
ازدهر عمله وأصبح يبيع بدل القطعة مئات القطع و«فتح منازل عائلات فقيرة ومستورة من عمله»، لذلك يعتبر نفسه غير مذنب ويعتبر عمله شرعيا فالدولة الغائبة ولا تكترث سوى لمطالب أهل العاصمة وتحرم الأرياف من المياه والكهرباء هي المسؤولة عن الفلتان الأمني الذي وصلت إليه المنطقة. يعاقب القانون اللبناني كل مزاول لتجارة السلاح بجرم حيازة أسلحة فردية والاتجار بها وتهريبها، استنادا إلى المادة 72 من قانون العقوبات التي تنص على منع تداول السلاح أو حمله وتعاقب اللبنانيين الذين يتسلحون ضد البعض الآخر، كما تعاقب بجرم صنع أو اقتناء أو حيازة المواد المتفجرة أو الملتهبة والمنتجات السامة أو المحرقة أو الأجزاء التي تستعمل في تركيبها أو صنعها بقصد اقتراف الجنايات المذكورة أو أي جناية ضد الدولة، وكل عمل إرهابي أو مؤامرة بقصد ارتكاب هذه الجنايات (وهذه الجرائم هي في الأساس من اختصاص المحاكم العسكرية).



من الركام إلى الخيام... قضبان الحديد تساعد سكان غزة على الصمود في برد الشتاء

كانت هذه الأسياخ يوماً ما تحمل جدران البيوت أما اليوم فهي تُستخدم في نصب الخيام التي تشتد الحاجة إليها مع انخفاض درجات الحرارة ليلاً (أ.ف.ب)
كانت هذه الأسياخ يوماً ما تحمل جدران البيوت أما اليوم فهي تُستخدم في نصب الخيام التي تشتد الحاجة إليها مع انخفاض درجات الحرارة ليلاً (أ.ف.ب)
TT

من الركام إلى الخيام... قضبان الحديد تساعد سكان غزة على الصمود في برد الشتاء

كانت هذه الأسياخ يوماً ما تحمل جدران البيوت أما اليوم فهي تُستخدم في نصب الخيام التي تشتد الحاجة إليها مع انخفاض درجات الحرارة ليلاً (أ.ف.ب)
كانت هذه الأسياخ يوماً ما تحمل جدران البيوت أما اليوم فهي تُستخدم في نصب الخيام التي تشتد الحاجة إليها مع انخفاض درجات الحرارة ليلاً (أ.ف.ب)

مع اشتداد برد الشتاء في قطاع غزة، يشق نازحون فلسطينيون طريقهم كل يوم إلى بيوتهم التي دمرها القصف الإسرائيلي.

وهناك ينبشون بين الركام لاستخراج قضبان وأسياخ حديدية من بين الجدران المنهارة لاستخدامها في تثبيت خيامهم الواهية، أو بيعها لتأمين قوت يومهم في القطاع الذي يحتاج إلى سنوات للتعافي من آثار الحرب، وفقاً لـ«رويترز».

أصبحت تلك القضبان سلعة مطلوبة بشدة في قطاع غزة، حيث تتشابك بين الأنقاض التي خلّفتها الحملة العسكرية الإسرائيلية التي لم يسلم منها سوى القليل من المنازل. ويقضي بعض السكان أياماً في تكسير كتل الإسمنت لاستخراجها، فيما يستغرق آخرون أسبوعاً أو أكثر في هذا العمل الشاق.

ومع الاستعانة بأدوات بدائية من مجارف ومعاول ومطارق، يمضي العمل ببطء.

ملايين الأطنان

كانت هذه الأسياخ يوماً ما تحمل جدران البيوت، أما اليوم فهي تُستخدم في نصب الخيام التي تشتد الحاجة إليها مع انخفاض درجات الحرارة ليلاً. وأغرقت الأمطار الغزيرة بالفعل الأمتعة القليلة لكثير من سكان غزة، مما زاد من معاناتهم.

يحاول وائل الجبرا، وهو أب لستة أطفال يبلغ من العمر 53 عاماً، نصب خيمة مؤقتة بتثبيت قضيبين فولاذيين معاً.

وقال: «مفيش معي مصاري طبعاً إنه أشتري خشب... فاضطريت أطلّع الحديد هذا من البيت. وطبعاً البيت مكون من خمسة أدوار، مالناش إلا الله وهذا البيت اللي كان ساترنا وهاي حالتنا زي ما أنت شايف».

في نوفمبر (تشرين الثاني)، قال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن الحرب في قطاع غزة خلَّفت ما يقدَّر بنحو 61 مليون طن من الأنقاض، بناءً على تقديرات تستند إلى صور الأقمار الاصطناعية.

وأضاف أن إزالة معظم هذا الركام قد تستغرق سبع سنوات إذا توفرت الظروف المناسبة.

قد يبلغ سعر سيخ حديدي طوله 10 أمتار 15 دولاراً وهو مبلغ كبير بالنسبة إلى عائلات نازحة بالكاد تملك المال (أ.ف.ب)

سعر سيخ الحديد قد يصل إلى 15 دولاراً

قد يبلغ سعر سيخ حديدي طوله 10 أمتار 15 دولاراً، وهو مبلغ كبير بالنسبة إلى عائلات نازحة بالكاد تملك المال.

واندلعت الحرب بعد هجوم مباغت شنه مسلحون تقودهم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)على بلدات في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وتقول إحصاءات إسرائيلية إن الهجوم أسفر عن مقتل 1200 واختطاف 251 رهينة إلى غزة. وردَّت إسرائيل بحملة عسكرية قتلت أكثر من 70 ألف شخص ودمرت القطاع.

يصف سليمان العرجة (19 عاماً)، وهو يحمل دِلاء ثقيلة مملوءة بالركام ويدفع عربة يدوية، يومه المعتاد في البحث عن أسياخ الحديد قائلاً: «بنروح نلفلف على البيوت المهدمة بيتم الاتفاقية بينا وبين صاحب الدار ويقعد يخيّر فينا أنه يا إما نطلع ننظف الدار مقابل الحديد يا إمّا بننظف الدار بمقابل مادي، بنقولّه بدّنا الحديد، وبنقعد نكسر في الحديد. يعني زي ما انتو شايفين، بنقعد فيه أسبوع، والله مرات أسبوع ونص».

معاناة يومية

وعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتشكيل قوة دولية لتحقيق الاستقرار وخطة تنمية اقتصادية لإعادة إعمار غزة التي كانت تعاني الفقر حتى قبل الحرب. لكن الفلسطينيين في القطاع لا يستطيعون حتى التفكير في المستقبل رغم التوصل إلى وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول).

فكل يوم هو معركة للبقاء بالنسبة إليهم، بعد أن تبخرت على مدى عقود آمال السلام وخططه، ولم يبقَ لهم سوى التركيز على النجاة.

يقول هيثم عربية (29 عاماً): «نشتغل بهذه الشغلة عشان نطلّع منها أكلنا وشربنا، عشان نطلّع حياتنا ومصروفنا، عشان مانحتاجش أي حدا.. عشان نطلّع لقمتنا بالحلال وبالتعب وهاي إيدينا.. عشان مانمدش إيدينا لحدا».

ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بحرمان غزة من أسياخ الحديد التي تُستخدم في البناء. وقال مسؤول إسرائيلي لـ«رويترز» إن مواد البناء من السلع ذات الاستخدام المزدوج، فهي مواد للاستخدام المدني ولكن أيضاً يمكن أن يكون لها استخدام عسكري، ولن يُسمح بدخولها إلى غزة حتى المرحلة الثانية من خطة السلام التي تقودها الولايات المتحدة. وأشار المسؤول إلى مخاوف من إمكانية استخدام هذه المواد في بناء الأنفاق التي تستخدمها «حماس».


تشديد سعودي على إنهاء التوتر وعودة الاستقرار في شرق اليمن

رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)
رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)
TT

تشديد سعودي على إنهاء التوتر وعودة الاستقرار في شرق اليمن

رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)
رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)

شدّدت السعودية على ضرورة إنهاء التوتر في شرق اليمن، بعد التحركات العسكرية الأخيرة التي قام بها «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتي حضرموت والمهرة.

وقال اللواء محمد القحطاني، الذي كان على رأس وفد سعودي، زار حضرموت، إن المملكة التي تقود تحالف دعم الشرعية تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحلّ الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها في شرق اليمن. وأكّد اللواء القحطاني «موقف السعودية الثابت تجاه اليمن ومحافظة حضرموت وفرض التهدئة، ودعم الأمن والاستقرار، ورفض أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو إدخال المحافظة في دوامة صراعات جديدة».

وجدّد القحطاني التأكيد على موقف الرياض بخصوص «خروج جميع القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها».

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن اللواء القحطاني أنه «خلال زيارة الوفد الحالية لحضرموت، تم الاتفاق على مجموعة متكاملة من الإجراءات لدعم الأمن والاستقرار والتهدئة مع جميع الأطراف، بما في ذلك المجلس الانتقالي». وأوضح أن قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع.


تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

على خلفية التحركات العسكرية الأخيرة التي قام بها «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن، أكد رئيس الوفد السعودي الزائر لحضرموت اللواء محمد القحطاني، أن المملكة التي تقود تحالف دعم الشرعية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن الوفد السعودي وصل إلى مديريات الوادي والصحراء، بعد استكمال اجتماعاته في مدينة المكلا ومديريات الساحل، حيث كان في استقباله محافظ حضرموت سالم الخنبشي، وعدد من وكلاء المحافظة، ووجهاء وأعيان ومشايخ وادي وصحراء حضرموت.

وطبقاً لما أوردته وكالة «سبأ» الحكومية، رحب المحافظ الخنبشي بالوفد السعودي، وقال،«إن الزيارة جاءت لتضيف دعامة لأواصر الأخوة والقربى والجوار والعقيدة التي تجمع اليمن بالمملكة»، معولاً على هذه الزيارة في دعم حضرموت وسلطتها المحلية للتخفيف من معاناة المواطنين في المجالات الخدمية والاقتصادية والأمنية.

رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)

وفي كلمة له أمام جمع كبير من مشايخ وأعيان ووجهاء وقيادات مديريات الوادي والصحراء، أكد رئيس الوفد السعودي، اللواء الدكتور القحطاني، «موقف السعودية الثابت تجاه اليمن ومحافظة حضرموت وفرض التهدئة، ودعم الأمن والاستقرار، ورفض أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو إدخال المحافظة في دوامة صراعات جديدة».

وجدد المسؤول السعودي، استمرار موقف الرياض بخصوص «خروج جميع القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها».

وأكد القحطاني، رفض أي محاولات تعيق مسار التهدئة، وقال: «إن حضرموت ركيزة وأولوية أساسية للاستقرار وليست ساحة أو ميداناً للصراع، وإن حضرموت لديها كوادر مؤهلة من أبنائها لإدارة شؤونها ومواردها، ويجب أن تُدار عبر مؤسسات الدولة الرسمية ممثلة بالحكومة والسلطة المحلية».

مصفوفة متكاملة

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن اللواء القحطاني، أنه «خلال زيارة الوفد الحالية لحضرموت، تم الاتفاق على مصفوفة متكاملة من الإجراءات لدعم الأمن والاستقرار والتهدئة مع جميع الأطراف، بما في ذلك المجلس الانتقالي».

وأكد القحطاني، أن قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وأشار، إلى أن السعودية «تربطها علاقات أخوية تاريخية مع اليمن بأكمله، وأن القضية الجنوبية قضية عادلة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها؛ فهي موجودة في مخرجات الحوار الوطني اليمني، وحاضرة في أي تسوية سياسية قادمة ضمن السعودية، والإمارات لدعم الحل السياسي الشامل في اليمن».

حشد في عدن من أنصار «المجلس الانتقالي» المطالب باستعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)

وأعلن القحطاني، أنه تم التوصل مع أطراف السلطة المحلية، وحلف قبائل حضرموت، «إلى صيغة مبدئية لضمان استمرار تدفق إنتاج النفط في بترومسيلة، وعدم تعطيل مصالح الناس، وتحييد مواقع النفط بعيداً عن الصراع، من خلال خروج القوات المسيطرة الموجودة حالياً في بترومسيلة، على أن تحل محلها قوات حضرمية تحت إشراف مباشر من السلطة المحلية بالمحافظة بما يضمن تطبيع الحياة».

دعوة أممية

وعلى وقع التطورات التي شهدتها حضرموت والمهرة في الأيام الماضية، أجرى المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارة إلى الرياض والتقى وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، وسفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر، وسفير الإمارات لدى اليمن محمد الزعابي، وممثلين عن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى جانب عدد من الدبلوماسيين.

وحسب بيان لمكتب المبعوث، ركّزت الاجتماعات على التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة، مع الإشارة إلى أن المنطقة الشرقية من اليمن تُعدّ منطقة حيوية سياسياً واقتصادياً.

وفي حين شدد المبعوث الأممي، على ضرورة «ممارسة جميع الأطراف الفاعلة ضبط النفس وخفض التصعيد عبر الحوار»، أكّد على ضرورة الحفاظ على «مساحة للنقاش بين الأطراف اليمنية؛ دعماً للاستقرار وبما يخدم مصلحة الشعب اليمني».

وخلال لقاءاته، جدد غروندبرغ، التزامه بمواصلة العمل مع الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية؛ لدعم خفض التصعيد، وتعزيز آفاق التوصل إلى تسوية سياسية تفاوضية للنزاع في اليمن.

في السياق نفسه، ذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن وزير الخارجية وشؤون المغتربين، شائع الزنداني، التقى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، وجدد له دعم الحكومة اليمنية الكامل للجهود الأممية، مؤكّداً استعداد الحكومة للتعاون مع الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي بما يسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية، وتعزيز الأمن والاستقرار».

وتناول اللقاء - بسب المصادر الرسمية - التطورات المرتبطة بالاجتماع الخاص بمفاوضات تبادل الأسرى والمحتجزين، حيث شدّد الوزير الزنداني، على «أهمية إحراز تقدم ملموس في هذا الملف الإنساني، وضرورة الالتزام بما يتم الاتفاق عليه، بما يضمن إطلاق سراح جميع الأسرى والمحتجزين دون استثناء».

توالي البيانات الدولية

وبعد بيانات أميركية وبريطانية وفرنسية وألمانية تدعو إلى التهدئة، وتعزيز الاستقرار في اليمن، أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي، «دعمها لمجلس القيادة الرئاسي، والحكومة اليمنية في الجهود المبذولة لتعزيز الأمن والاستقرار».

وثمنت البعثة في تغريدة على منصة «إكس»،«الإيجاز الشامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، حول التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة»، مشددة على ضرورة «تسوية الخلافات السياسية بالوسائل السياسية من خلال الحوار».

ورحبت البعثة، بجميع الجهود الرامية إلى خفض التصعيد من خلال الوساطة، مجددة وقوف الاتحاد الأوروبي إلى جانب الشعب اليمني، «ومشاركة تطلعاته في الحرية والأمن والازدهار».

وكان العليمي، عقد اجتماعاً في الرياض، مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، وأطلعهم على آخر الأحداث السياسية، والميدانية، بخاصة ما شهدته المحافظات الشرقية من تطورات وصفها بأنها «تشكل تقويضاً للحكومة الشرعية، وتهديداً لوحدة القرار الأمني، والعسكري، وخرقاً لمرجعيات العملية الانتقالية».

وأكد العليمي، أن «أحد المسارات الفعالة للتهدئة يتمثل في موقف دولي موحد، واضح وصريح، يرفض الإجراءات الأحادية، ويؤكد الالتزام الكامل بمرجعيات المرحلة الانتقالية، ويدعم الحكومة الشرعية بصفتها الجهة التنفيذية الوحيدة لحماية المصالح العليا للبلاد».

كما جدد التأكيد، على أن «موقف مجلس القيادة الرئاسي واضح من تجاربه السابقة، بعدم توفير الغطاء السياسي لأي إجراءات أحادية خارج الإطار المؤسسي للدولة، متى ما توفرت الإرادة الوطنية، والإقليمية، والدولية الصادقة».