مرصد حقوقي يرفع شكاوى ضد إسرائيل لمحكمة لاهاي

«يوتيوب» تتراجع أمام الضغط وتعيد نشر شريط يوثّق قتل أطفال غزة

TT

مرصد حقوقي يرفع شكاوى ضد إسرائيل لمحكمة لاهاي

قدم المرصد الأورو-متوسطي لحقوق الإنسان، شكاوى عدة إلى المحكمة الجنائية الدولية ومنظمة «يونيسيف» الأممية لصيانة حقوق الأطفال، يطالب فيها بمحاكمة مسؤولين إسرائيليين، بتهمة تشجيعهم الجيش على قتل الأطفال الفلسطينيين في المظاهرات السلمية، على طول السياج الفاصل بين غزة وجنوب البلاد، ضمن مسيرة العودة.
وقال المرصد في بيان له، أمس الخميس، إنّ دفاع مسؤولين إسرائيليين، في تصريحات صحافية مختلفة، عن جنود إسرائيليين تسببوا في قتل أطفال فلسطينيين بشكل متعمد، على حدود غزة، هو أمر مشين ومقلق. وأعرب عن انزعاجه الشديد وقلقه على حياة المتظاهرين العزل، بمن فيهم الأطفال الذين يشاركون في تلك المسيرات.
وأضاف المرصد أنّ تصريح الجنرال احتياط في الجيش الإسرائيلي، تسفيكا فوغل، للإذاعة الإسرائيلية الرسمية، الذي يشجع فيه على إطلاق النار على الأطفال الفلسطينيين غير المسلحين، الذين لا يشكلون أي تهديد لحياة الجنود، أمر غير معقول وصادم. وتضمنت إحدى الشكاوى اقتباسا لأقوال فوغل، الذي سئل إذا ما كان على الجيش الإسرائيلي أن يعيد النظر في إطلاق النار على متظاهرين غير مسلحين على حدود غزة من القناصة، فأجاب: «أي شخص يقترب من السياج، ويمكن أن يكون تهديداً مستقبلياً لحدود إسرائيل وسكانها يجب أن يدفع ثمن ذلك التعدي».
وبيّن المرصد أنّ تصريح فوغل لم يكن الوحيد الذي يشجع الجنود الإسرائيليين على إطلاق النار على المتظاهرين الفلسطينيين العزل. وأشار إلى أنّ عددا من المسؤولين الإسرائيليين الآخرين، سبقوه إلى ذلك، وأمروا الجنود، إما باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، أو دافعوا عن ممارساتهم الفتاكة، بمن فيهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان، وكذلك الناطق باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي. واعتبر المرصد أن مثل هذه التصريحات، تشجع الجنود على الاستخدام المفرط للقوة، ويمكن أن تعد دليلاً على تعمد قتل الأطفال والمدنيين على حدود غزة، ما يجعلها تمثل جريمة حرب وتدخل في اختصاص الجنائية الدولية.
وقال المرصد إنه يعمل منذ بدء الاحتجاجات في 30 مارس (آذار) 2018. على توثيق عمليات إطلاق النار المتعمد على المحتجين الفلسطينيين، الذين لم يشكلوا أي تهديد على حياة الجنود الإسرائيليين. وبيّن الأورومتوسطي أنّ تلك العمليات، تسببت في مقتل 40 فلسطينياً، وإصابة نحو من 5008 آخرين، سيعاني الكثير منهم من إعاقات طويلة الأمد، غالبيتهم لم يمارسوا أي عنف يهدد حياة إسرائيليين، أو يستحق إطلاق الرصاص القاتل.
وكان المرصد الأورومتوسطي أرسل خطاباً عاجلاً إلى المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية «فاتو بنسودا» ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف»، ولفت انتباههم إلى الموقف الرسمي الإسرائيلي من قتل المدنيين الفلسطينيين بدم بارد، ودعاهم إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الأطفال الفلسطينيين، والتحقيق في القتل التعسفي الذي يمارسه القناصون الإسرائيليون على حدود غزة، في مواجهة الآلاف من المواطنين الفلسطينيين المدنيين من مختلف مناطق قطاع غزة منذ نهاية الشهر الماضي، في احتجاجات سلمية جماعية تهدف إلى إعلاء شأن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها عامي 1948 و1967.
من جهة ثانية، نجح الفلسطينيون في إعادة نشر شريط فيديو، يصور جنودا إسرائيليين يقتلون أطفالا فلسطينيين في غزة. وكان هذا الشريط قد نشر في «يوتيوب» في 22 أبريل (نيسان) الجاري، ولكن «يوتيوب» حذفته بحجة أنه يحتوي صور أطفال قاصرين. وتبلغ مدته 4 دقائق و40 ثانية. وكان قد نشره الباحث الأميركي اليهودي، نورمان فينكلشتاين، بالتعاون مع الناشطة الفلسطينية سناء قاسم، بهدف تسليط الضوء على جرائم قتل الأطفال الفلسطينيين على يد القوات الإسرائيلية في غزة. وعندما حذفته الشركة، استنكر فينكلشتاين القرار واستأنف عليه. كما وردت للشركة الكثير من الطلبات التي استنكرت حذف الفيديو. وعلى إثر ذلك أعادت الشركة نشر الفيديو، الأربعاء، لكن مع تقييد الفئة العمرية التي يحق لها مشاهدته.
والباحث الأميركي، فينكلشتاين (65 عاما)، هو أستاذ جامعي أميركي يهودي، مختص في العلوم السياسية، وهو أيضاً كاتب وناشط سياسي، معروف عنه مساندته للقضية الفلسطينية وكره استخدام اليهود للمحرقة، كوسيلة لجذب التعاطف العالمي والتغطية على الجرائم ضد الفلسطينيين. أما سناء قاسم، فهي لاجئة فلسطينية نشأت في لبنان، وتعمل كمدرسة لمادة الكيمياء في أثينا، وقد عملت مع فينكلشتاين منذ ما يقرب من 10 سنوات كمديرة لموقع الويب وجميع مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة به.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».