الجيش الإسرائيلي يضاعف دورياته على الحدود مع قطاع غزة

تزايد عمليات التسلل والعبور منذ مطلع السنة الحالية يقلق الاحتلال

شاب يستخدم النبلة (النقيفة) لقذف حجارة على جنود الاحتلال على الحدود الشرقية لمدينة غزة (واشنطن بوست)
شاب يستخدم النبلة (النقيفة) لقذف حجارة على جنود الاحتلال على الحدود الشرقية لمدينة غزة (واشنطن بوست)
TT

الجيش الإسرائيلي يضاعف دورياته على الحدود مع قطاع غزة

شاب يستخدم النبلة (النقيفة) لقذف حجارة على جنود الاحتلال على الحدود الشرقية لمدينة غزة (واشنطن بوست)
شاب يستخدم النبلة (النقيفة) لقذف حجارة على جنود الاحتلال على الحدود الشرقية لمدينة غزة (واشنطن بوست)

أعلن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، عن اعتقال ستة مواطنين فلسطينيين، تمكنوا خلال 24 ساعة من اجتياز السياج الحدودي الفاصل بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
وقال الناطق إن اثنين من المعتقلين كانا مسلحين بالقنابل والسكاكين، وإن قوات الجيش قامت بتحويل جميع المعتقلين إلى الجهات المختصة للتحقيق معهم، من دون تقديم مزيد من التفاصيل. وفي ضوء ذلك، تقرر نشر المزيد من الوحدات العسكرية على حدود قطاع غزة لاحتمالات التصعيد مع قرب ذكرى النكبة.
وأعربت مصادر عسكرية عن قلقها من التصعيد في عمليات وحوادث تسلل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى إسرائيل، خلال الأسابيع الماضية، إذ زاد عدد المتسللين في السنة الحالية عن مجموع عدد المتسللين في سنة 2016 (65 شخصا) و2017 (60 شخصا). وقالت: «إذا كان المتسللون في العامين الماضيين هم من طالبي العمل، فإن عددا كبيرا من المتسللين اليوم يأتون مسلحين ويسعون لتنفيذ عمليات ضد الإسرائيليين. وهذا تطور جديد يحتاج إلى علاج من نوع خاص».
وأضاف: «في الشهر الماضي تمكن فلسطينيان اثنان من التسلل والمشي 20 كيلومترا داخل الأراضي الإسرائيلية، حتى تم إلقاء القبض عليهما ومعهما سلاح. ولو استخدماه لكانا عملا كارثة». وتخشى المخابرات الإسرائيلية من أن يكونوا، في أحسن الحالات، مبعوثين من فصائل فلسطينية بهدف استكشاف جغرافية المنطقة واستعدادات الجيش الإسرائيلي للمجابهات المقبلة، وأن يكونوا، في أسوأ الحالات، يمثلون مجموعات انتحارية جديدة. ففي التدريبات التي تجري للشباب الفلسطيني في قطاع غزة، يكثر الحديث عن عمليات كهذه تتم بواسطة أفراد، في البر والبحر، أو بواسطة الطائرات المسيرة الانتحارية.
يذكر أن عدة آليات عسكرية إسرائيلية توغلت، أمس الثلاثاء، لمسافة محدودة، شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة. وقال شهود عيان، إن 4 جرافات عسكرية ضخمة من طراز «دي 9» توغلت لعشرات الأمتار بمحاذاة مخيم العودة شرق مخيم البريج وشرعت بأعمال تسوية وتجريف. وقام جنود الاحتلال بإقامة سياج جديد داخل أراضي القطاع، لمنع المتظاهرين من الاقتراب من السياج على الحدود، علما بأن الشبان الفلسطينيين نجحوا في إزالة أو تمزيق السياج الأمني أكثر من مرة خلال مسيرات العودة.
من جهة ثانية، توجه مركز «عدالة» القانوني في إسرائيل ومركز «الميزان» لحقوق الإنسان في قطاع غزة، أمس، إلى المحكمة الإسرائيليّة العليا مطالبين بمنع الجيش الإسرائيلي من استخدام القنّاصة والرصاص الحي كوسيلة لتفريق المظاهرات في قطاع غزة. وكان استخدام القنّاصة والرصاص الحي قد أسفر، منذ بدء المسيرات، عن استشهاد 32 مواطنا غزيا من بينهم صحافي و4 أطفال، وإصابة 2882 غزيّا، من بينهم 523 طفلا و97 امرأة، مؤكدين أن 56 في المائة (2882 جريحًا) من إجمالي عدد الجرحى أصيبوا بعيارات ناريّة حيّة.
وجاء في الالتماس الذي قدّمته المحاميّة سهاد بشارة من مركز عدالة، أن الجيش الإسرائيلي ينتهك القانون الدوليّ، كما ينتهك مبادئ القانون الدستوري الإسرائيلي ساري المفعول على الجيش في هذه الحالة. وقد اعتبرت سياسة الاحتلال «غير قانونيّة بشكلٍ صارخ، في كل ما يتعلّق بأوامر إطلاق النار ضد المتظاهرين في قطاع غزة، كما أنّها لا تتأسس على مبدأ قدسيّة الحياة والحق بسلام الجسد، كما أنها لا تتأسس على أعراف القانون الدوليّ. هذه السياسة لا ترى أي قيمة لأجساد الناس. لذلك نرى أنّ 94 في المائة من القتلى أصيبوا في الجزء العلوي من أجسادهم، 53 في المائة من القتلى أصيبوا في منطقة الرأس، 22 في المائة في منطقة البطن، 19 في المائة في منطقة الصدر والظهر، و6 في المائة فقط في الأقدام».
وأكّد الالتماس أن المظاهرات هي فعاليّات احتجاج مدنيّة غير مسلّحة لم تشكّل، في أي حالة كانت، أي تهديد على حياة إنسان آخر.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.