12 منظمة مدنية تعلن في بغداد تأسيس تحالف «إنسان»

مهمته تقديم تقرير موازٍ لمجلس حقوق الإنسان

TT

12 منظمة مدنية تعلن في بغداد تأسيس تحالف «إنسان»

رغم التحول الكبير الذي حدث في العراق بعد 2003ن لجهة التعددية والتحسن النسبي في المجال الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة، فإن حالة حقوق الإنسان في البلاد ما زالت محل اعتراض منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، لجهة الانتهاكات التي يتعرض لها مواطنون، سواء على يد جماعات العنف والإرهاب، أو من قبل جهات رسمية في السجون والمؤسسات العراقية، وترى منظمات محلية ودولية أن ملف حقوق الإنسان لم يتصدر الأولوية في اهتمام صانع القرار في البلاد.
ويشتكي ناشطون في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان من أن الحكومات العراقية المتعاقبة لم تنفذ إلا الجزء اليسير من التوصيات والشروط التي تطالب بها المنظمات الأممية المتعلقة بحقوق الإنسان في العراق، الأمر الذي قد «يؤدي ذلك أن مجمل التوصيات في استعراضات ملف حقوق الإنسان المقبل».
وبهدف تعزيز حقوق الإنسان في العراق من خلال احترام التزاماته الدولية، أعلن في بغداد، أمس، تأسيس تحالف «إنسان». وذكر بيان صادر عن التحالف أنه سيعمل لمدة عام كامل بهدف «تقديم تقرير موازٍ لتقرير الدولة العراقية لمجلس حقوق الإنسان المزمع استعراضه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 في الأمم المتحدة، أو ما يسمى بالاستعراض الدوري الشامل». وأشار البيان إلى أن التحالف «يساهم في حمل جزء من معاناة المواطنين وفضح وكشف الكثير من الانتهاكات اليومية التي يتعرض لها المواطن العراقي». وأهاب بـ«المواطنين وكل من له ملفات ووثائق حول الانتهاكات التي يتعرضون لها إرسالها إلى التحالف»، نافياً صلته بـ«الانتخابات أو السعي إلى المناصب والامتيازات عبر مظلة العمل الإنساني».
واللافت، أن التحالف المعلن يضم مبدئياً 12 منظمة تتوزع على عموم الخريطة العراقية، منها منظمة «شلومو» للتوثيق في الموصل ومنظمة «السلام والتنمية» في كركوك، ومركز «مترو» في محافظة السليمانية ورابطة «التضامن العراقية للشباب» في الأنبار، إلى جانب «الجمعية العراقية لمراقبة حقوق الإنسان» في محافظة كربلاء ومنظمة «ساوة لحقوق الإنسان» في محافظة المثنى الجنوبية.
وبحسب القائمين على إعلان التحالف، فإن الموضوعات الأساسية الذي سيتطرق إليها تقرير الاستعراض لعام 2019، تشمل نحو 17 بنداً، تتضمن قضية سيادة القانون المتعلقة بالسجون والتعذيب والقضاء، والسياسات العامة للحكومة ومدى مطابقتها للمعايير الدولية، إضافة إلى أوضاع النساء والصحة والحقوق المدنية للأقليات وحالتها في ظل النزاعات المسلحة.
بدورها، تؤكد سكينة علي كريم، عضوة منظمة السلام والتنمية الديمقراطية في كركوك، أن «تحالف (إنسان) تأسس بمشاركة 12 منظمة، ويعمل برعاية منظمة (فريدرش) الألمانية، وسندعو 30 منظمة أخرى من جميع المحافظات لتوسيع دائرة عملنا». وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «النظام المتبع في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أعطى لمنظمات المجتمع المدني دوراً في تقديم تقرير موازٍ للتقرير الحكومي، كي تتوصل إلى نتائج مطابقة لتوصيات أعضاء الأمم المتحدة ومنظماتها بشأن حقوق الإنسان».
ولا تنفي سكينة علي كريم إمكانية تعرض تحالف «إنسان» إلى ضغوط الجهات الحكومية العراقية بشأن كتابة التقرير الموازي، وتضيف: «ذلك احتمال قائم ونتوقع تعرضنا لبعض الضغوط والإغراءات، لكننا ملتزمون بواجب الرصد وتوثيق الانتهاكات وتسجيلها، ولا نجامل أي جهة في ذلك». كما لا تستبعد إمكانية «تقاطع تقرير تحالف (إنسان) مع التقرير الحكومي الذي سيقدم العام المقبل، لكن ذلك لا يعفي الطرفين من المسؤولية، وما يهم مكتب حقوق الإنسان الأممي هو مدى جدية الحكومة في الالتزام بالمعايير الدولية في هذا الاتجاه». وتشير إلى أن «الحكومة العراقية تعتمد على دوائرها المختلفة في التقرير إلى المنظمة الأممية، فيما نعتمد نحن في تحالف (إنسان) على عملنا في أرض الواقع بتوثيق ورصد وكتابة التقرير المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».