واجه القاضي علي الطرشي المتهم ناصر الزفزافي، متزعم احتجاجات الحسيمة المغربية، خلال جلسة محاكمته مساء أول من أمس، بشريط فيديو حول أحداث الشغب التي عرفتها بلدة بوكيدار، قرب الحسيمة، مساء يوم 2 مايو (أيار) الماضي، مشيرا إلى أن رجال الأمن أصيبوا خلالها بجروح بسبب رشقهم بالحجارة من طرف المحتجين، إضافة إلى تحطيم سيارات تابعة للأمن.
ورد الزفزافي بأنه غير موجود في الشريط، وتحدى النيابة العامة أن تدلي بشريط أو أي حجة، تفيد بأن الزفزافي رشق أحدا بالحجارة، أو شارك في أحداث عنف وشغب. كما نفى تهمة التحريض على اندلاع تلك الأحداث، بقوله: «إذا كنت فعلا حرضت على تلك الأحداث التي أوقعت جرحى، وأنني كنت أحرض ضد أمن واستقرار الدولة، فلماذا لم أعتقل في حينها. فقد كنت يوميا أمر من أمام مفوضية الشرطة بالحسيمة. ولو كنت كما يدعون لما أمهلوني». مضيفا أنه يمتلك أشرطة تؤكد براءته من العنف، ودعوته إلى السلمية.
وتدخل أحد أعضاء هيئة دفاع الزفزافي ليخبر القاضي بأن الزفزافي كان موجودا وقتها في مدينة الحسيمة، حيث كان يشارك في الاحتفال بذكرى محمد بن عبد الكريم الخطابي، زعيم مقاومة الاستعمار الإسباني في الريف. موضحا أن الأحداث اندلعت عندما تدخلت السلطات لتمنع سكان مدينة أمزورن من الالتحاق بالاحتفال.
وتساءل الزفزافي عن أسباب منع السلطات المغربية الريفيين من الاحتفال برموزهم التاريخية، والمعارك الكبرى التي خاضوها ضد الاستعمار الإسباني، والتي تشكل جزءا من معارك الشعب المغربي ضد الاستعمار.
وبسؤاله عن رأيه في وصفه بزعيم وقائد حراك الريف، وبأنه يسعى إلى جمع شمل الريفيين، أجاب الزفزافي موضحا: «أنا مواطن بسيط، خرجت مثل غيري في احتجاجات تحمل مطالب اجتماعية واقتصادية. نريد مدرسة ومستشفى. ولست زعيما لأحد». وتساءل الزفزافي عن هدف النيابة العامة من توجيه تهمة جمع شمل الريفيين، وهل تريد تشتيت شملهم؟! وقال للقاضي إن المغرب في الظروف الحالية محتاج لجمع شمل كل أبنائه، من أجل الدفاع عن الوطن وتعزيز الجبهة الداخلية. مشددا على أنه لم يسبق له أن قال إنه زعيم أو قائد للريفيين.
وقبل ذلك أثار عرض مكالمات هاتفية للزفزافي مع مهاجرين في هولندا وبلجيكا، يشتبه بانتمائهم إلى حركة تنادي بانفصال منطقة الريف عن المغرب، جدلا خلال المحاكمة، خصوصا أن تلك المكالمات التي جرت باللهجة الريفية، تضمنت كلاما عن برنامج. وسأل القاضي إن كان الزفزافي يتلقى تعليمات وبرامج للحراك من الخارج. فأوضح الزفزافي أن الترجمة التي أنجزها المحققون مبتورة، مشيرا إلى أن إحدى تلك المكالمات تتحدث عن «برنامج التيجيني»، وهو برنامج تلفزيوني يقدمه صحافي يدعى محمد التيجيني، وأن محضر التفريغ أسقطت منه كلمة التيجيني.
ودافع الزفزافي عن حراك الريف، مشيرا إلى أنه ليس انفصاليا. وقدم للقاضي نسخا من صحيفة «النهج الديمقراطي»، (حزب مغربي يساري ديمقراطي)، قال إنها ستساعد على إظهار الحقيقة. كما استغرب عدم توفر نسخة من الملف المطلبي للحراك ضمن وثائق الملف. وقال للقاضي: «يمكن لدفاعي أن يسلمكم نسخة كاملة من الملف المطلبي للحراك، وستكتشفون أنها لا تتضمن أي مطالب انفصالية أو سياسية».
وفي رده على تهمة التحريض، قال الزفزافي للقاضي، إنه ليس من حرض الناس على الاحتجاج، وإنما الأوضاع الاجتماعية هي التي أخرجتهم إلى الشارع، مشيرا إلى أن الاحتجاجات لم تقتصر على الحسيمة وحدها، وقال في هذا السياق: «الحمد لله أن احتجاجات جرادة جاءت بعد اعتقالي، وإلا لكانوا اتهموني بالتحريض عليها».
وتسبب الزفزافي خلال جلسة المحاكمة، التي استمرت حتى ساعة متأخرة من الليل، في حادث أدى إلى توقف الجلسة، عندما أعلن تضامنه مع نبيلة منيب، الأمينة العامة لحزب اليسار الاشتراكي الموحد، وهو ما لم تستسغه النيابة العامة التي تدخلت بحدة لتنبه المحكمة إلى أن الزفزافي يستغل سماحتها لتمرير خطاب سياسي. وعبر ممثل النيابة العامة عن رفضه لمثل هذه الممارسات، مشيرا إلى أن على المتهم أن يلتزم في كلامه بما هو معروض على المحكمة، وعدم الخوض في أشياء لا تمت للموضوع بصلة. وانتفض دفاع الزفزافي بدوره، منتقدا مقاطعته من طرف النيابة العامة، ومعتبرا أن من حق المتهم أن يدافع عن نفسه بالطريقة التي يراها. وتدخل القاضي لينبه دفاع الزفزافي إلى أنه لم يحترم المحكمة رغم وجود أربعة نقباء بين محاميه. الشيء الذي أغضب الدفاع، فقرر القاضي تعليق الجلسة إلى أن يعود الهدوء إلى القاعة.
المغرب: متزعم احتجاجات الحسيمة ينفي تهمة التحريض على العنف
المغرب: متزعم احتجاجات الحسيمة ينفي تهمة التحريض على العنف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة