تونس: أحزاب المعارضة تنتقد سلوك «الهيئة العليا للانتخابات»

قالت إنها تتدخل في البيانات التي تنتقد الائتلاف الحاكم

TT

تونس: أحزاب المعارضة تنتقد سلوك «الهيئة العليا للانتخابات»

أكد لطفي براهم، وزير الداخلية التونسي، تخصيص نحو 30 ألفا من رجال الأمن لتأمين سير الانتخابات البلدية المقبلة، التي انطلقت حملتها الانتخابية في 14 من أبريل (نيسان) الحالي، على أن يتم تصويت الناخبين على دفعتين: الأولى مخصصة لرجال للأمن والعسكر في 29 من هذا الشهر، والمرحلة الثانية في السادس من مايو (أيار) المقبل، والتي ستكون مخصصة للناخبين من المدنيين. ومن المنتظر تخصيص نفس العدد تقريبا من رجال العسكر، ليكون العدد التقريبي المخصص لتأمين هذه الانتخابات في حدود 60 ألفا، يتولون حماية 13 ألف مركز اقتراع. وفي غضون ذلك انتقدت أحزاب المعارضة سلوك الهيئات الفرعية للانتخابات، التي رفضت حتى الآن المصادقة على بعض البيانات الانتخابية، التي ركزت حملتها على انتقاد أداء الائتلاف الحاكم الحالي.
وتزامنت تصريحات وزير الداخلية مع قرار تمكين رجال الأمن والعسكر الذين سجلوا أسماءهم من الحق في التصويت، وذلك لأول مرة في تاريخ الانتخابات، ويقدر عددهم بأكثر من 36 ألفا من بين أكثر من خمسة ملايين ناخب. وستجرى عمليات التصويت بالنسبة لرجال العسكر والأمن في 29 أبريل (نيسان) الحالي، أي قبل أسبوع واحد من إجراء الانتخابات بالنسبة للمدنيين.
ومنع القانون الانتخابي أفراد الأمن والجيش من الحق في حضور الاجتماعات، التي ينظمها المرشحون خلال الحملة الانتخابية التي تتواصل إلى غاية الرابع من مايو (أيار) المقبل، والتعرف على برامجهم، وأقر عقوبات للمخالفين تصل حدود الفصل من العمل.
وبخصوص سير الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات البلدية، انتقد عصام الشابي، رئيس الحزب الجمهوري المعارض، رفض الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المصادقة على بعض البيانات الانتخابية، وقال إن هذا الوضع يعتبر بمثابة إفراغ للانتخابات البلدية من محتواها الأساسي، وإنهاء للتنافس بين الأحزاب، سواء المشاركة في الائتلاف الحاكم أو تلك التي توجد في صفوف المعارضة، موضحا في هذا السياق أن هيئة الانتخابات تتجاوز حدود صلاحياتها حينما تتدخل في البيانات الانتخابية التي تنتقد الائتلاف السياسي الحاكم، ولا تسمح بوصف مرحلة حكمه بالفشل، وتمنع تقييم أداء منظومة الحكم تحت ذريعة احترام القانون.
وشدد المصدر ذاته على أن وظيفة هيئة الانتخابات تتمثل أساسا في الحرص على ضمان نزاهة الانتخابات وشفافيتها، معتبرا هذه التضييقات مقدمة لما ستؤول إليه المنافسة الانتخابية المقبلة، في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستجرى في سنة 2019.
وفي السياق ذاته، قالت سميرة زغيبة، رئيسة قائمة تحالف الجبهة الشعبية (يساري معارض) بمنطقة منوبة قرب العاصمة، إنها دخلت أمس رفقة 23 مرشحا في اعتصام مفتوح بالمقر الفرعي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، احتجاجا على عدم المصادقة على البيان الانتخابي لقائمة المدينة للانتخابات البلدية، رغم استكماله الشروط القانونية واعتراف الهيئة المركزية للانتخابات بقانونيته. وأكدت زغيبة أن فرع هيئة الانتخابات بمنوبة رفض محتوى جملتين في البيان الانتخابي، تم التطرق فيهما إلى ظاهرة المحسوبية والرشوة بالجهة، موضحة أن «الهيئة» اعتبرت أن البيان الانتخابي يحث على الكراهية.
يذكر أن 2074 قائمة انتخابية دخلت أمس حملة انتخابية للفوز بـ7177 مقعداً بلدياً، موزعة على 350 دائرة بلدية، وذلك في انتظار الحسم النهائي في الانتخابات البلدية، التي ستُجرى في السادس من مايو (أيار) المقبل. وستتواصل الحملة الانتخابية إلى غاية الرابع من مايو بمشاركة 1055 قائمة، تمثل 22 حزباً سياسيا، و860 قائمة انتخابية مستقلة، إضافة إلى159 قائمة انتخابية ائتلافية تضم أكثر من حزب سياسي.
على صعيد آخر، سلّم مكتب تونس الإقليمي لمنظمة العفو الدولية، أرشيف المنظمة منذ أوائل التسعينات حتى 2011. إلى هيئة الحقيقة والكرامة المكلفة تنفيذ مسار العدالة الانتقالية في تونس. ويتضمن الأرشيف الإلكتروني للمنظمة تقاريرها ومراسلات تخص ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في تونس.
وأكدت مصادر حقوقية تونسية لـ«الشرق الأوسط» أهمية هذا الأرشيف، بالنظر إلى أن فرع منظمة العفو الدولية في تونس شكل خلال فترة حكم بن علي ملاذا لعدد كبير من السياسيين والنقابيين، في ظل الحكم القوي للنظام ومتابعاته القضائية والأمنية لكل رموز المعارضة. وتوقعت نفس المصادر أن يؤدي هذا الأرشيف إلى كشف مزيد من الحقائق والأسرار حول فترة حكم بن علي، خاصة خلال الحملات الأمنية التي عرفتها تونس في بداية عقد التسعينات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.