دينو معمرية لم يبرع في تونس واكتشفته إنجلترا

عانى الفقر وعاش في خيمة ببلاده لكن حب الكرة أوصله إلى تدريب ستيفينيج الإنجليزي

دينو معمرية... قصة عزيمة تدور حول كيف نجح مراهق في تحقيق حلمه
دينو معمرية... قصة عزيمة تدور حول كيف نجح مراهق في تحقيق حلمه
TT

دينو معمرية لم يبرع في تونس واكتشفته إنجلترا

دينو معمرية... قصة عزيمة تدور حول كيف نجح مراهق في تحقيق حلمه
دينو معمرية... قصة عزيمة تدور حول كيف نجح مراهق في تحقيق حلمه

بعد أسابيع قليلة من تقلده عمله الجديد، يبدو التونسي دينو معمرية في حالة استرخاء وهدوء. كان يجلس في مكتب المدرب داخل ملعب تدريب ستيفينيج، وتناول في حديثه طموحاته المرتبطة بنادٍ قريب إلى قلبه وسرد قصة حياته المذهلة. في الواقع، هي قصة عزيمة تدور حول كيف نجح مراهق من مدينة قفصة الواقعة جنوب غربي تونس، على أطراف الصحراء الكبرى، في تحقيق حلمه بأن يصبح لاعب كرة قدم. واليوم، بعد أن شارك لسنوات في لعب كرة القدم يسعى نحو بناء مسيرة ناجحة له بمجال التدريب.
بوجه عام، يبدو معمرية، مهاجم ستيفينيج السابق والمساعد السابق للمدرب غراهام ويستلي، شخصية اجتماعية ونجح في فرض وجوده في مقابلة أجريناها معه لمدة تجاوزت الساعة. ودار معظم الحديث حول رحلته إلى إنجلترا، بما في ذلك كيف عرض عليه بريان ميلر، كشاف بيرنلي السابق الذي كان في إجازة في ذلك الوقت، فترة اختبار لمدة أسبوعين بعد أن شاهده يلعب أمام فريق إتوال سبورتيف دو الساحل، الذي ينتمي لمدينة سوسة، منتجعاً سياحياً في الشمال. كان معمرية في ذلك الوقت يلعب في صفوف نادي المرسى، قرب مدينة تونس.
جدير بالذكر أن معمرية الأصغر بين 7 أشقاء - لديه 5 إخوة ذكور وأخت واحدة. وكانت نشأته صعبة (فقد كان يضطر إلى قطع رحلة لمسافة 20 ميلاً للوصول إلى المدرسة) - لكنه بدا فخوراً بهذا الجزء الشاق من حياته. وقال: «جئت من خلفية شديدة الفقر، في الواقع ولدت في خيمة... لكني لا أجد ثمة ما يبعث على الخجل في هذا الأمر. وكنت أعيش في خيمة حتى الرابعة، وهذا يوضح لك البيئة التي قدمت منها. واعتدنا أنا وإخوتي التشارك في فراش واحد. لقد كنت فقيراً حقاً، لكنني أحببت الأمر ولم أكن لأقايضه بأي شيء آخر في العالم».
واستطرد: «عندما كنت صبياً، كنت أعيش في خيمة مع زوج من الماعز كنت أطلق على أحدهما اسم غاري، لإعجابي بغاري لينيكر. ومن المألوف أن يملك المرء ماعزاً أو جمالاً في جنوب تونس، حيث الطقس جاف للغاية وبمقدور مثل هذه الحيوانات العيش في ظل درجات حرارة مرتفعة والتخلي عن شرب الماء لأيام. وكنا نتناول حليب الماعز في الفطور. وكثيراً ما أقص على ليو، ابني الصغير، مثل هذه القصص ودائماً ما يقول لي: أبي، أود أن تشتري لي نعجة في عيد ميلادي».
كان والده الراحل، يوسف، يعمل في مناجم الفوسفات - التي وصفها معمرية بأنها «مهنة خطيرة دون أجر كبير» - لكن الحافز الأكبر الذي دفعه في مسيرته كانت محادثة وصلت إلى مسامعه بين والدته وإحدى الجارات قبل أسبوعين من خوضه امتحانات البكالوريا. وقال معمرية: «سألت الجارة أمي: لماذا لا يذاكر ابنك ويراجع دروسه مثل باقي الأولاد؟، وأجابت والدتي: إنه سيصبح لاعب كرة قدم. وضحكت الجارة من والدتي. وظل هذا الموقف عالقاً بذهني وشكل الحافز وراء انطلاقي في هذه الطريق».
الواضح أن معمرية ظل مفتوناً لفترة طويلة بكرة القدم، التي شكلت مصدر إلهامه منذ أن كان طفلاً في السابعة يستمع عبر الراديو إلى مباريات كأس العالم لعام 1978، حيث وصول تونس لأول مرة إلى نهائيات المونديال. واتسعت ابتسامته الجريئة أثناء حديثه عن النتائج بنبرة يملؤها الفخر، خصوصاً التعادل السلبي أمام ألمانيا الغربية. وقال: «لعبنا على أرض موحلة تحفها الحجارة من الجانبين - ذلك كان هدفنا. المعروف أن تونس بلد ينتمي إلى العالم الثالث، لكننا مهووسون بكرة القدم. في الواقع، ثمة جنون إزاء كرة القدم على مستوى شمال أفريقيا: تونس والجزائر والمغرب ومصر، وثمة تنافس كروي قوي بين هذه الدول. واليوم، من المفترض أن تقف تونس في مواجهة إنجلترا في 18 يونيو (حزيران) في مونديال روسيا المقبل».
والآن، أي الجانبين سيحظى بتشجيع معمرية؟ عن ذلك، أجاب: «إنني ممزق للغاية. عام 1998، كنت أتمنى فوز تونس (عندما فازت عليها إنجلترا في دور المجموعات ببطولة كأس العالم بنتيجة 2 - 0)، لكنني كنت حينها قد انتقلت إلى إنجلترا منذ 3 سنوات فحسب، وكنت جديداً على البلاد، وإن كان بعض اللاعبين كانوا قد أصبحوا أصدقائي. إلا أن الأمر مختلف هذه المرة، فأنا على معرفة جيدة بتشكيل المنتخب الإنجليزي، وكذلك غاريث ساوثغيت وأصبحت قريباً من المنتخب الإنجليزي إلى حد ما. لذلك، فإنني بالتأكيد أتمنى فوز إنجلترا ببطولة كأس العالم. أما تونس فليس باستطاعتها تحقيق ذلك، ولن تبلغ هذا المستوى. في الواقع، أنا فخور للغاية بوجودي في إنجلترا منذ عام 1995 وأكاد أكون شخصاً إنجليزياً اليوم».
وشدد معمرية على أنه يحظى بشهرة أوسع داخل المملكة المتحدة عنها داخل وطنه، وأكد بنبرة صادقة أنه استوعب الثقافة الإنجليزية واعتنقها، وفي المقابل تولت إنجلترا «رعايته». من ناحية أخرى، لطالما حمل معمرية بداخله تعطشاً كبيراً إلى المعرفة. وعليه، بدأ مسيرته للتعرف على مجال التدريب منذ أن كان في منتصف العشرينات، تحديداً أثناء ابتعاده عن الملاعب خلال مشاركته في صفوف بيرنلي لفترة بسبب كسر في الساق. وبعد أندية نورثويتش فيكتوريا وساوثبورت ونونيتون تاون - الذي غادره للعودة إلى ستيفينيج الشهر الماضي - يستمتع معمرية بخوض رابع مهمة له بمجال التدريب ويعمل حالياً مع نادٍ يحتل المركز 15 في دوري الدرجة الثالثة.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».