الكونغرس يطالب ترمب بتوضيح حدود «الخط الأحمر» في سوريا

أميركا تنوي فرض عقوبات جديدة على روسيا لضلوعها في «الكيماوي»

TT

الكونغرس يطالب ترمب بتوضيح حدود «الخط الأحمر» في سوريا

تخطط إدارة الرئيس ترمب لفرض جولة من العقوبات الجديدة ضد روسيا، لمعاقبتها على تقديم المساندة للحكومة السورية، وتمكين نظام بشار الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية. ومن المتوقع وفقا لعدة مصادر بالبيت الأبيض، الإعلان عن تلك العقوبات في وقت قريب، تنفيذا لما صرح به الرئيس دونالد ترمب، من أن حليفي سوريا (روسيا وإيران) سيدفعان «ثمنا باهظا» لمساندة الأسد في الهجوم على شعبه بالهجمات الكيماوية.
وقالت سارة ساندرز، المتحدثة باسم البيت الأبيض، صباح الاثنين، إن البيت الأبيض يدرس فرض مزيد من العقوبات على روسيا؛ لكنه لم يتخذ قراره بعد. وقالت: «سيتم اتخاذ القرار في المستقبل القريب». ويأتي هذا التوجه الجديد بعد تصريحات للسفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي يوم الأحد، أكدت فيها أن بلادها تعد لفرض عقوبات على روسيا بسبب دعمها للرئيس بشار الأسد.
وقالت هيلي في تصريحات لشبكة «سي بي إس» الأحد، إن الولايات المتحدة تنوي فرض عقوبات جديدة على روسيا لفشلها في منع النظام السوري من استخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه.
وبينت هيلي أن للولايات المتحدة أهدافا معينة لإنجاز مهمتها في سوريا، وهي التأكد من عدم استخدام النظام لأسلحة كيماوية، والتغلب على «داعش»: «لن نرحل حتى نعرف أننا أنجزنا هذه الأشياء». وقال هيلي إن الضربة العسكرية المشتركة قد أعادت البرنامج الكيماوي السوري سنوات إلى الوراء، وأكدت مجددا أنه إذا استخدم الأسد الغاز السام مرة أخرى «فإن الولايات المتحدة جاهزة للضرب».
ومن المتوقع أن تطال العقوبات الجديدة الشركات الروسية التي تعمل مع سوريا، سواء في المجال الصناعي والعسكري.
وتأتي الجولة المتوقعة من العقوبات ضد روسيا لتمثل أحدث عقوبات في أعقاب عدة جولات من العقوبات التي فرضتها واشنطن، في أعقاب تسميم الجاسوس البريطاني، وطرد عدد من الدبلوماسيين ومسؤولي الاستخبارات من الولايات المتحدة، وإغلاق القنصلية الروسية في سياتل، إضافة إلى العقوبات التي طالت مسؤولين كبارا، ورجال أعمال روسيين، يمثلون النخبة الروسية والدوائر المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويتخوف المحللون من تدهور العلاقات الروسية الأميركية بشكل كبير.
وقد قدمت روسيا ضمانات لفك البرنامج الكيميائي السوري، حين تعهدت الحكومة السورية من خلال عدد من الاتفاقيات الدولية بتدمير أسلحتها الكيماوية في 2014، ولكن في عام 2017 فضح تقرير لـ«رويترز» استمرار البرنامج الكيماوي السوري، مؤكدا على احتفاظ النظام بأكثر من 2000 قنبلة كيماوية، كان ينبغي تحويلها إلى أسلحة تقليدية بناء على بنود المعاهدات.
ودار جدل قانوني وحزبي حول مدى قانونية اتخاذ إدارة الرئيس ترمب قرار شن الضربات العسكرية منفردة، دون الرجوع إلى السلطة التشريعية المتمثلة في الكونغرس الأميركي، واحتمالات تورط أميركي أكبر في منطقة الشرق الأوسط. وحذرت السيناتور جوني إيرنست، العضوة الجمهورية في لجنة الشؤون العسكرية في مجلس الشيوخ، أول من أمس (الأحد)، الرئيس الأميركي دونالد ترمب من إرسال قوات برية إلى سوريا، وقالت: «أنا غير مرتاحة إذا رغب الرئيس في إرسال قوات برية إلى المنطقة. ففي الوقت الحالي، جهودنا تنصب على محاربة (داعش) في المنطقة، وهذا هو المحور الرئيسي». وتابعت إيرنست التي تؤيد قرار ترمب بالانضمام إلى فرنسا وبريطانيا في إطلاق أكثر من 100 صاروخ ضد أهداف إنتاج وتطوير وتخزين الأسلحة الكيماوية السورية: «إذا أراد أن يذهب إلى أبعد من ذلك، فهو بحاجة للعمل مع الكونغرس».
وتعمل لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ على مسودة قرار لتجديد قانون تفويض استخدام القوة العسكرية، الذي يعطي الرئيس صلاحيات عسكرية في حربه ضد الإرهاب التي بدأت في 2001. وفي وقت لاحق من يوم الأحد، بعث ترمب برسالة إلى قادة الكونغرس لإبلاغهم كتابياً بقرار إصدار أوامر الهجمة العسكرية، تماشياً مع شروط تخويل استخدام القوة المسلحة القائمة. وقالت إيرنست، التي دعت ترمب العام الماضي إلى الحصول على تصريح جديد لاستخدام القوة بعد شنه لضربة مماثلة ضد سوريا العام الماضي، مؤكدة على أهمية التخاطب مع مجلس الشيوخ للحصول على تصريح جديد لاستخدام القوة العسكرية في سوريا، الذي يلقى مقاومة من الجمهوريين في المجلس: «نحن بحاجة إلى تخويل جديد لاستخدام القوة المسلحة، نحن بحاجة إلى معالجة هذا الوضع، والرئيس بحاجة إلى الحضور إلى الكونغرس».
وعارض زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل مشروع القرار، قائلا بأن ترمب لا يحتاج إلى تصريح جديد للقيام بضربات ضد سوريا. ويشعر بعض الجمهوريين بالقلق من أن يشمل أي تفويض جديد قيوداً تحد من قدرة الرئيس على متابعة الحرب ضد الإرهاب.
وقال السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي، العضو في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، إن قرار الرئيس ترمب ضرب منشآت الأسلحة الكيميائية السورية ليس كافياً، وإنه يؤدي إلى إطالة أمد معاناة الشعب السوري «هذه التدابير النصفية (غير المكتملة)، من شأنها أن تشعرنا بأننا لسنا غائبين تماماً عن الحرب ضد الأسد، ولكنها تؤدي فقط إلى تمديد البؤس للشعب السوري». وأفصح النائب إد رويس، رئيس الأغلبية الجمهورية في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، عن أن لجنته ستعقد جلسة استماع في الأيام القادمة، لدراسة السياسة الأميركية في المنطقة، آملا في أن تبدأ إدارة ترمب في توضيح استراتيجيتها في المنطقة، قائلا إن «القوة العسكرية وحدها لا يمكن أن تكون الوسيلة الوحيدة للرد على فظائع (الأسد)».
وأعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بعد الضربة الأميركية الفرنسية البريطانية المشتركة، أن فريق بعثة تقصي الحقائق التابع للمنظمة سيتابع مهامه في سوريا لإثبات الحقائق حول مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما. وقد اشتكى الفريق من إحباط محاولات الوصول إلى الموقع في دوما منذ الاستهداف الكيميائي في 7 أبريل (نيسان). وقالت روسيا إنها لن تسمح للفريق بإجراء تحقيق في الموقع من دون تصريح من الأمم المتحدة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.