تل أبيب تتوعد بمواصلة العمل ضد «أذرع الأخطبوط الإيراني»

نتنياهو اتهم الأسد بـ{تعريض سوريا والمنطقة للخطر}

TT

تل أبيب تتوعد بمواصلة العمل ضد «أذرع الأخطبوط الإيراني»

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن أهم رسالة تضمنها الهجوم الذي شنته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على سوريا «هي (صفر تسامح) مع استخدام الأسلحة غير التقليدية»، داعيا في مستهل جلسة الحكومة الإسرائيلية، أمس، إلى «اتباع هذه السياسة في منع الدول الراعية للإرهاب والتنظيمات الإرهابية من امتلاك القدرات النووية».
واتهم نتنياهو إيران بأنها العامل الرئيسي الذي يسبب زعزعة استقرار الشرق الأوسط، مشيرا إلى أنه تحدث بهذا الشأن هاتفيا مع نظيرته البريطانية تيريزا ماي. وأضاف نتنياهو: «بناء عليه؛ فعلى الرئيس الأسد أن يفهم أنه عندما يسمح للمؤسسة العسكرية الإيرانية وفروعها بالتموضع في سوريا، فإنه يعرض سوريا للخطر وكذلك استقرار المنطقة بأكملها».
وكان نتنياهو أعرب في وقت سابق عن «دعمه الكامل» للضربات على مواقع عسكرية في سوريا ردا على هجوم كيماوي مفترض. قائلا في بيان: «قبل عام، أكدت أن إسرائيل تدعم بشكل كامل قرار الرئيس دونالد ترمب التعبئة ضد استخدام وانتشار الأسلحة الكيماوية، وهذا الدعم لم يتغير».
وكانت إسرائيل على اطلاع كامل بالضربة قبل حدوثها عبر مستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات، الذي كان ينسق مع مستشار الأمن القومي الأميركي الجديد جون بولتون، ونظيريه الفرنسي فيليب اتيين، والبريطاني مارك سيدويل. وأبلغ بن شبات محدثيه بأن إسرائيل تؤيدهم لكنها لا ترى أن هذه الضربات ستحل المشكلة الرئيسية، وهي التمركز الإيراني في سوريا.
وتعهدت إسرائيل أمس بأن تواصل العمل ضد الوجود الإيراني في سوريا بغض النظر عن أي تطورات حاصلة.
وقال عضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، وزير التعليم نفتالي بينت، وهو رئيس حزب «البيت اليهودي» إن إسرائيل ستحتفظ بحرية العمل المطلقة على حدودها «الشمالية»، وإنها جاهزة لكل السيناريوهات المحتملة. وأضاف بينت: «سننفذ بدقة كل ما هو مطلوب للتصدي للتموضع الإيراني في سوريا ولمواجهة الرد الذي قد ينجم عن هذا التصدي». وتابع: «إسرائيل لا تتعامل مع رأس الأخطبوط فقط؛ بل مع أذرعه أيضا».
وأردف بينت: «لن نسمح لإيران بالتموضع هناك. لا يمكن أن تصبح حدودنا الشمالية ساحة مفتوحة لبشار الأسد».
وأكد وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان، وهو عضو آخر في الحكومة الأمنية والسياسية المصغرة، لإذاعة الجيش الإسرائيلي هذا التوجه الإسرائيلي، قائلا إن الحكومة ستواصل «التحرك ضد التمركز العسكري الإيراني في سوريا». ووصف أردان هذا التمركز بأنه تهديد للأمن الإسرائيلي.
وجاءت التهديدات الإسرائيلية، بعد ساعات من شن الولايات المتحدة وحلفائها هجوما استهدف مواقع عسكرية في سوريا، وبعد أسبوع من هجوم استهدف مطار «تي فور» العسكري في محافظة حمص، وأدى إلى مقتل 14 شخصا بينهم 7 إيرانيين. ولم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن الهجوم، لكن جميع أصابع الاتهام وجهت لها، قبل أن تتوعد إيران بالانتقام، قائلة إن الهجوم «لن يمر دون رد».
ويعتقد مراقبون في إسرائيل أن إيران قد تحاول الرد على هذا الهجوم، في وقت تنامى فيه قلق إسرائيلي من أن روسيا قد تسرع ببيع أنظمة أسلحة متطورة إلى سوريا بعد الهجوم الأميركي، وهو الأمر الذي يعقّد عمل الجيش الإسرائيلي في سوريا. وقال مسؤولون أمنيون إسرائيليون إن بيع روسيا أنظمة أسلحة متقدمة للسوريين، قد يضر بحركة الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي السورية.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول أمني قوله إن الهجوم الأميركي قد يسمح لواشنطن بالتصرف وفق ما هو مهم قبل أن تترك سوريا، ومن ثم تترك إسرائيل تتعامل وحدها مع التهديد الإيراني على الحدود الشمالية.
ويعتقد كثير من الإسرائيليين، بينهم مسؤولون أمنيون وسابقون ومحللون وكتاب، أن الضربة الأميركية مجرد ضربة رمزية ولن تشكل رادعا للأسد ورعاته.
وقال المحلل العسكري لموقع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، إن الهجوم الثلاثي كان أقل من الممكن والمطلوب وأبعد ما يكون عمّا توقعته إسرائيل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.