حان وقت السفر إلى أفريقيا

مخاطر السفر مبالغ فيها.. والمعالم السياحية أخاذة

حان وقت السفر إلى أفريقيا
TT

حان وقت السفر إلى أفريقيا

حان وقت السفر إلى أفريقيا

هناك انطباع خاطئ أن السائح يتعرض لأخطار غير محسوبة في أفريقيا أكثر من أي مكان آخر في العالم، ولكن معظم شركات السياحة ترفض هذا الانطباع لأنه غير صحيح في معظم بلدان القارة، ولأن أخطر ما يتعرض له السائح في مواقع السياحة في أفريقيا هو السرقات التي يمكن أن تحدث في أي موقع سياحي آخر في العالم.
ولكن على السائح أن يراعي أن الدول الأفريقية في أغلبها دول فقيرة، ولذلك عليه أن يتجنب استعراض ممتلكاته من كاميرات أو نقود على الملأ حتى لا يتعرض إلى متاعب. ولكن حتى السرقات بالإكراه نادرة في أفريقيا ولا تحدث بصورة منتظمة إلا في مدن معدودة مثل داكار ونيروبي وجوهانسبرغ.
وهناك بالطبع مواقع العنف السياسي كما في مناطق شمال نيجيريا حيث جماعة بوكو حرام، ودول عدم الاستقرار السياسي مثل ليبيا وجنوب السودان حاليا، والمجاعات كما يحدث دوريا في إثيوبيا ودول أخرى. والصورة تتغير دائما فيما يتعلق بالنقاط الساخنة التي يجب تجنبها ويمكن لسفارات الدول في أفريقيا أن تنصح مواطنيها بمدى الأخطار المحتملة في كل دولة على حدة.
وتبدو النصائح المتبعة من السياح لتجنب المخاطر في مواقع أخرى مفيدة في أفريقيا أيضا وأهمها حمل ما يكفي من النقود ليوم واحد فقط مع استخدام خزانات الفنادق لإيداع البطاقات ووثائق السفر. ولا يجب ارتداء الحلي ولا الساعات الغالية أو ارتداء الكاميرات حول الرقبة. ويجب بعد التقاط الصور حفظ الكاميرات في حقائب اليد.
وأحيانا تكون خزانات الغرف في الفنادق غير آمنة ولا بد من سؤال الفندق عن موقع خزانات أمينة مغلقة بعيدا عن الغرف أو حفظ الأغراض في حقيبة السفر الكبيرة وإغلاقها مع ربطها بشيء ثابت في الغرفة. وبالطبع على السائح عدم التجول ليلا وحده أو التوجه إلى مواقع مجهولة، مع ضرورة مراقبة المتعلقات الشخصية في كل الأوقات خصوصا في المناطق المزدحمة.
من الخدع السياحية التي يجب تجنبها في أفريقيا الشحاذين الذين يأتون في مختلف الأدوار من لاجئين إلى مشردين إلى ضحايا حروب، والهدف واحد هو الحصول على بعض الأموال. الأفضل التبرع ببعض الطعام وليس بالأموال. كما تلجأ بعض قوات الشرطة في دول أفريقية إلى حيلة بيع المخدرات للسياح، وإذا وقع السائح في الفخ فإنه يدفع ثمن غلطته مرتين مرة بدفع ثمن المخدرات والأخرى بغرامة فادحة من الشرطة نفسها بعد اتهامه بحمل مخدرات.
من الأخطار غير المحسوبة الأخرى خطر الإرهاب وهذا مرصود في بعض الدول الأفريقية مثل كينيا وتنزانيا ونيجيريا ومصر. ويجب مراجعة مواقع السفارات حول أخطار الإرهاب المحتملة في أرجاء أفريقيا قبل السفر.
وتشمل دول أفريقيا حاليا ثلث التحذيرات الدولية من المخاطر السياحية حول العالم والتي تشمل أخطار الإرهاب والحروب الأهلية والهجمات الإرهابية والأمراض المعدية الخطيرة، مثل ايبولا. ولكن معظم الدول التي تمثل هذه الأخطار ليست وجهات سياحية على الإطلاق. وفي بعض الأحيان تكون الأخطار السياسية قصيرة المدى وتقتصر على أوقات الانتخابات.
وبالإضافة إلى الانطباعات الخاطئة عن مخاطر السفر إلى أفريقيا، هناك أيضا أفكار مغلوطة عنها مثل:
* أفريقيا موبوءة بالأمراض وفقيرة: وهذا صحيح من ناحية الفقر ولكن ليس كل الدول الأفريقية فقيرة، فمشكلة أفريقيا هي في توزيع الثروة. ودولة مثل جنوب أفريقيا تعد أكثر ثراء من دولة أوروبية مثل بلجيكا ولديها الكثير من الموارد الطبيعية ونظم تعليم وصحة جيدة ومجتمع أعمال نشط. ولكن معظم سكان البلاد لا يشاركون في هذه الثروة. وتقول وثائق إحصائية إن دولا مثل مصر ونيجيريا والجزائر أكثر ثراء (نظريا من حيث الناتج القومي) من دول أوروبية مثل الدنمارك والنرويج. وهناك الكثير من العائلات الثرية والمتوسطة التي تعيش في أفريقيا بنفس مستويات المعيشة الأوروبية. وبسبب الفقر تقضي الأمراض على مليون نسمة في أفريقيا سنويا ومعظمها يكون بسبب نقص التطعيم وقواعد الصحة البسيطة وليس بسبب الأوبئة. وعلى السياح تجنب الأمراض الاستوائية كما في كل القارات الأخرى وأهمها الملاريا.
* أفريقيا متأخرة تكنولوجيا: تنتشر في أفريقيا شبكات الهاتف الجوال وتتعدد استخداماته إلى عمليات التعامل المالي في الأرياف، وحتى قبائل الماساي في كينيا ترعى الأبقار وترسل الرسائل النصية في الوقت نفسه على الهواتف الجوالة. هناك صناعات كاملة وعمليات صيانة وإصلاح للأجهزة والسيارات في أرجاء القارة وهي لا تقل قدرة ولا تقنية عن القارات الأخرى على رغم من شح الموارد.

* التخطيط لأفريقيا

* ولكن كيف يخطط السائح لرحلة إلى جهة أفريقية؟
لا بد وأن تكون نقطة البداية هي الاستعانة بشركة سياحية ذات خبرة. فهذه الشركات تستعين بأفضل الخبرات المحلية لخدمة السائح وهذا بدوره يعود إيجابيا على الاقتصاد الأفريقي. ولا تقتصر عناية الشركات السياحية على السياح فقط وإنما تمتد أيضا إلى العاملين فيها والمتعاملين معها الذين يضمنون دوام نشاطها الناجح.
وإذا أراد السائح أن يكون مفيدا لاقتصاد الدولة التي يزورها فعليه أن يختار الفنادق المحلية بدلا من سلاسل الفنادق العالمية. وهناك الكثير من هذه الفنادق الصغيرة التي تقدم خدمات متميزة ويمكن البحث عنها على الإنترنت وعلى مواقع السياحة في أفريقيا.
ويمتد هذا إلى التسوق في الأسواق المحلية وتناول الطعام في المطاعم واستخدام المقاهي المحلية وعدم الاكتفاء بالبقاء في الفنادق واستخدام مطاعمها. ويمكن أيضا استخدام المواصلات العامة كلما كان ذلك متاحا.
ويمكن للسائح أن يختار بين شمال أفريقيا وغربها مع منطقة أفريقيا الوسطى أو شرق أفريقيا أو جنوب أفريقيا. كما توجد أيضا الجزر الأفريقية وكلها جهات تستحق الاستكشاف والزيارة.
في شمال أفريقيا تتوافر للسائح جبال الأطلس والمدن التاريخية في المغرب مثل مراكش وفاس والآثار والشواطئ المصرية وكارتاج وسيدي بوسعيد وسفاري الصحراء في تونس.
وفي غرب أفريقيا وأفريقيا الوسطى يمكن للسائح أن يزور محمية لوانغو الطبيعية في الغابون حيث يمكنه أن يشاهد ما يسمى «آخر جنة عدن في أفريقيا». وهي جهة سياحية جديدة نسبيا وتعمل على أسس بيئية وتشمل المحمية الكثير من الحيوانات الوحشية التي يمكن مشاهدتها على الطبيعة.
من المواقع السياحية الأخرى منطقة دوغون في مالي وبها قرى لقبائل تعيش في بيوت منحوتة في جدران الجبال. وفي مالي أيضا توجد مدينة تمبكتو التي كانت مركزا تجاريا مهما في ساحق الزمان، وبها من المعالم ما يعود إلى العصور الوسطى. كما توفر جينفي في بنين مقصدا سياحيا فريدا، وهي قرية بنيت على سطح بحيرة ويعتمد أهلها على صيد الأسماك في معيشتهم.
وفي غانا يمكن زيارة شاطئ الأطلسي حيث القلاع القديمة التي بناها الغزاة الأوروبيون على مر القرون. وشهدت هذه القلاع عصور تخزين الذهب قبل تصديره ثم تجارة العبيد، ثم تحولت إلى سجون. وهناك بعض القلاع التي كانت مقرا للإدارة البريطانية في البلاد لأكثر من مائتي عام.
وفي الكاميرون يمكن زيارة جبل الكاميرون الذي يعرف محليا باسم «مونغو مانديمي» وهو بركان خامل يصل ارتفاعه إلى 4040 مترا، ويمكن صعود الجبل على أربعة أيام باستخدام مرشدين محليين واستراحات على الطريق.
وفي شرق أفريقيا لا بد من زيارة منطقة ماساي مارا في كينيا، وأفضل الأوقات يكون وقت هجرة الحيوانات من يوليو (تموز) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، ويمكن مشاهدة الطبيعة الأفريقية من داخل بالون هوائي.
في إثيوبيا، يمكن زيارة منطقو نهر أومو، وهي منطقة نائية ويجري الذهاب إليها بالسيارات الرباعية ولذلك فهي تحتفظ بطبيعتها القبلية. وفي أوغندا ورواندا يمكن زيارة منتجع فيرونغا ماونتنز حيث تعيش آخر 700 من حيوانات غوريلا الجبال في العالم.
وفي تنزانيا يمكن زيارة جزيرة زنزبار على المحيط الهندي والتي كانت موقعا لتجارة التوابل ثم مركزا لتجارة العبيد. وهي تعد من المواقع التي تدخل ضمن التراث الإنساني المصنف من منظمة اليونيسكو. وفي تنزانيا أيضا يمكن زيارة محمية سيرنغيتي الطبيعية، ومنطقة نغورونغو المشهورة بسفاري مشاهدة الأفيال.
وتشمل منطقة جنوب أفريقا كلا من مالاوي وزامبيا وزيمبابوي وبتسوانا وناميبيا وجنوب أفريقيا. ومن أهم معالمها شلالات فيكتوريا ومحمية لوانغوا في زامبيا، حيث معاقل فرس النهر، ومحمية تشوبي ودلتا أوكافانغو في بتسوانا، وبحيرة مالاوي وشاطئ جنوب أفريقيا بالإضافة إلى محمية كروغر الطبيعية في جنوب أفريقيا.
أما الجزر الأفريقية فتشمل جزر السيشل ومدغشقر وموريشيوس، وجميعها تقع في شرق أفريقيا في المحيط الهندي. وهي تحوي بعض أفضل الشواطئ في العالم مع مناطق للغطس ومحميات طبيعية ورحلات السفاري وهي تجتذب سنويا آلاف السياح من أوروبا وتشتهر الجزر باستقبال حديثي الزفاف في رحلات شهر العسل.
ولا يبقى على المسافر إلى أفريقيا إلا أن يختار وجهة سياحته بعناية بما يتوافق مع ميوله وأن يخطط لرحلته لكي يعود بمشاهد وذكريات لا تتكرر في أي مكان آخر في العالم. فأفريقيا ما زالت مليئة بالأسرار التي تنتظر الاكتشاف.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».