إردوغان: لافروف لن يحدد لنا موعد انسحابنا من عفرين

أنقرة لا تتوقع تصعيد الخلافات مع موسكو

TT

إردوغان: لافروف لن يحدد لنا موعد انسحابنا من عفرين

في مؤشر واضح على وجود خلافات بين أنقرة وموسكو بشأن سوريا، هاجم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بعد تصريحه أول من أمس الذي دعا فيه تركيا لتسليم عفرين إلى النظام السوري.
وقال إردوغان، أمام اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بالبرلمان التركي، أمس: «هذا الموقف خاطئ جداً، نحن نعلم جيداً لمن سنعيد عفرين... سنسلمها إلى سكانها عندما يحين الأوان، ونحن من يحدد هذا الوقت، وليس السيد لافروف»، وأضاف أنه «يجب الحديث أولاً عن تسليم المناطق السورية الخاضعة لسيطرة الدول الأخرى إلى سوريا، فعبارة أنّ النظام هو الذي سلّم تلك المناطق إلى الدول الأخرى لا تطمئن تركيا».
وبخصوص التطورات في غوطة دمشق الشرقية، قال إردوغان إنه يجري بشكل دائم «اتصالات مع كل من الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين، وسنستمر في ذلك»، وجدد تنديده بالهجوم الكيماوي على مدينة دوما السورية، مؤكداً أن منفذي الهجوم «سيدفعون الثمن باهظاً كائناً من كانوا».
وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن التوتر الذي بدت ملامحه بين أنقرة وموسكو بشأن عفرين، ومطالبة موسكو لتركيا بتسليم المدينة للنظام السوري، جسدت خلافات في هذا الملف شهدتها القمة التركية - الروسية - الإيرانية في أنقرة، في الرابع من أبريل (نيسان) الحالي، إذ تبنت طهران موقفاً متشدداً تجاه الوجود التركي، بينما لم يظهر الموقف الروسي إلى العلن إلا بعد اتهامات أنقرة للنظام السوري بتنفيذ الهجوم الكيماوي على دوما استباقاً لأي تحقيقات.
وأضافت المصادر أن أنقرة تبدي عدم ارتياح لقيام روسيا بمحاولة تعطيل الهجوم على «وحدات حماية الشعب» الكردية في تل رفعت، بعد أن أبلغت تركيا بأن عناصر «الوحدات» لم تعد موجودة هناك، فيما أعلنت تركيا أنها ستتحقق من الأمر بنفسها عن طريق مخابراتها.
ورشحت تسريبات، في وسائل إعلام تركية وموالية للمعارضة السورية، حدوث اجتماع لرئيس الأركان التركي ورئيس المخابرات، بحضور إردوغان، يوم السبت الماضي، بالقصر الجمهوري، مع قيادات في الجيش السوري الحر، واعتبر مراقبون أن الاجتماع كان مؤشراً على قرب عملية عسكرية جديدة للقوات التركية والفصائل الموالية لها بالجيش الحر، ستبدأ بتل رفعت وتمتد إلى منبج، وربما إلى شرق الفرات.
كما أشارت تقارير إلى أن الاجتماع تناول أيضاً ضبط الأمن في مناطق سيطرة الجيش الحر في المناطق الواقعة في نطاق عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون»، وعدم تكرار أعمال السلب والنهب التي وقعت في عفرين، بعد السيطرة على مركزها.
وأبدت أنقرة رفضاً لأي دعوة لتسليم عفرين، أو الخروج منها، أو وقف عملية «غصن الزيتون»، أو إنهائها قبل تحقيق جميع أهدافها، بل إن المتحدث باسم الحكومة التركية نائب رئيس الوزراء بكير بوزداغ أكد أن تركيا ترى أن الأولوية هي لتحقيق الحل السياسي أولاً، ثم النظر في مسألة تسليم عفرين لسكانها الأصليين «لأننا لم نأت إلى هناك محتلين».
وأكد بوزداغ، تعليقاً على رد فعل موسكو وواشنطن على تقارير جديدة حول استخدام الكيماوي في دوما، أن أنقرة غير مهتمة باندلاع مواجهة مباشرة بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا.
وأعلن وزير الدفاع التركي، نور الدين جانيكلي، أن بلاده ستواصل اتخاذ إجراءات في منطقة عفرين، لحين القضاء على كل التهديدات «الإرهابية» هناك، وأنه سيتم تسليم عفرين لحكومة مركزية سورية، ستتشكل بعد إجراء انتخابات عقب القضاء على التهديدات «الإرهابية» في المنطقة.
لكن المصادر الدبلوماسية قالت إن أنقرة لن تمضي في خط تصعيد الخلافات مع موسكو، تحديداً بشأن الملف السوري، لأن العمليات التي تجريها في شمال سوريا تعتمد بدرجة كبيرة على التعاون الروسي.
وفي تأكيد على إمكانية احتواء الخلافات الراهنة، قال إردوغان إن تركيا ترى من الضروري استمرار التنسيق مع كل من موسكو وطهران بشأن الوضع في سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.