«القوات» و«المستقبل» يطويان صفحة خلافاتهما بلقاء جعجع والحريري قبل الانتخابات

TT

«القوات» و«المستقبل» يطويان صفحة خلافاتهما بلقاء جعجع والحريري قبل الانتخابات

طوى كل من «تيار المستقبل» و«حزب القوات اللبنانية» الخلافات التي تراكمت بين الحليفين منذ استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وصولا إلى التحالفات الانتخابية التي أدت إلى انفصالهما في معظم الدوائر، باستثناء الشوف – عاليه وعكار وبعلبك الهرمل، وهو ما أدى إلى استياء قواتي وصل إلى حد اتهام «المستقبل» بمحاولة تحجيمه سياسيا.
وجاء اللقاء الذي عقد أمس، بين وزير الثقافة غطاس خوري، ورئيس «القوات» سمير جعجع، تأكيدا على الأجواء الإيجابية التي أرستها الخلوة الخماسية الأسبوع الماضي، التي جمعت جعجع ورئيس الحكومة سعد الحريري، ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، بحضور المبعوث السعودي نزار العلولا، ورئيس البعثة الدبلوماسية في لبنان الوزير المفوض وليد البخاري، خلال احتفال افتتاح جادة الملك سلمان بن عبد العزيز عند الواجهة البحرية لوسط بيروت. وفي حين تجمع مصادر الطرفين أن العلاقة بين الحزبين عادت إلى طبيعتها، فإنها تؤكد على أن اللقاء الثنائي بين جعجع والحريري بات قريبا جدا، بعدما أزيلت كل الحواجز حتى الخلافات الانتخابية واقتناع كل منهما بأن التحالفات لم تعقد نتيجة أي خلفية سياسية؛ بل فرضها قانون الانتخابات، وبالتالي بات البحث اليوم في عمل الحكومة بعد الانتخابات النيابية، حيث من المفترض أن يشهد خلالها لبنان مرحلة جديدة على الصعد كافة، لا سيما المشروعات الاقتصادية والإنمائية.
ويرى النائب في «كتلة المستقبل» محمد الحجار، أن اللقاء الثنائي لا بد أن يكون قريبا جدا خلال الأسابيع المقبلة، وهو ما يؤكد عليه مسؤول الإعلام والتواصل في «القوات» شارل جبور، جازما أنه سيكون قبل الانتخابات النيابية المحددة في السادس من شهر مايو (أيار) المقبل.
وفيما لم يصدر أي تعليق رسمي من الطرفين بعد اللقاء الذي جمع أمس جعجع بالوزير خوري موفدا من الحريري، وصف النائب في «كتلة المستقبل» محمد الحجار العلاقة بين «المستقبل» و«القوات» بـ«الممتازة»، بعد تجاوز كل النقاط الخلافية وتوضيح بعض الأمور العالقة للانطلاق معا في مرحلة جديدة، وتثبيت التعاون والتنسيق في الحكومة ومجلس النواب على حد سواء. ويضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «وأهم ما سيطبع هذه العلاقة هو العمل معا على دعم المشروع الاقتصادي الذي انطلق به الحريري، الذي سيكون العمل عليه بشكل أساسي في الحكومة المقبلة»، موضحا: «لا يعني ذلك أن تكون كل المواقف متطابقة بين الحزبين؛ خاصة أن الاختلافات في وجهات النظر هي إيجابية في أحيان كثيرة؛ لكنها لن تنعكس على العلاقة السياسية بين الحزبين اللذين كانا ولا يزالان في الخط نفسه».
من جهته، أكّد جبور أن اللقاء الثنائي بين جعجع والحريري بات أقرب من أي وقت مضى، وسيكون بالتأكيد قبل الانتخابات النيابية، علما بأن اللقاءات بين الرجلين كانت قد توقفت منذ استقالة رئيس الحكومة من الرياض في الرابع من نوفمبر الماضي، حيث سادت العلاقة اتهامات بالتخوين، في وقت استمرت الاجتماعات بين ممثلين عنهما ولا سيما بين وزيري الثقافة والإعلام غطاس خوري وملحم رياشي، من دون أن تتوج بلقاء ثنائي حتى الآن.
وقال جبور في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «بعدما كانت اللقاءات المتتالية قد كسرت الجليد على المستوى السياسي بين (المستقبل) و(القوات)، كسر اللقاء الخماسي الأسبوع الماضي الجليد على الصعيد الشخصي، وكان لقاء الوزير غطاس خوري أمس بجعجع تتويجا وتأكيدا على هذا الأمر، إضافة إلى البحث بالقضايا السياسية العامة والمؤتمرات المرتبطة بلبنان، وكيفية العمل سويا للنهوض بالبلد في المرحلة التي تسبق الانتخابات وما بعدها».
وبعد التوتّر الذي نتج عن الانفصال الانتخابي نتيجة اختيار «المستقبل» الابتعاد عن حليفه المسيحي، يوضح جبور: «ثغرات وشوائب التحالفات الانتخابية أصبحت وراءنا، والعلاقة عادت إلى ما كانت عليه في السابق، بحيث سيكون العمل اليوم يدا بيد في دوائر الانتخابات التي نخوض معاركها سويا، وأيضا البحث في مرحلة ما بعد الانتخابات، من الحكومة إلى مجلس النواب وكل القضايا السياسية والاقتصادية».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.