الانتخابات اللبنانية... 103 خروقات تبثّ الكراهية واستطلاعات مضلّلة

القاضي عبد الملك: هواء القنوات حكر على الأثرياء... ويغيِّب مرشحي الطبقات الأخرى

ملصقات ترويجية لمرشحين في الانتخابات البرلمانية اللبنانية التي تنطلق الشهر المقبل (إ.ب.أ)
ملصقات ترويجية لمرشحين في الانتخابات البرلمانية اللبنانية التي تنطلق الشهر المقبل (إ.ب.أ)
TT

الانتخابات اللبنانية... 103 خروقات تبثّ الكراهية واستطلاعات مضلّلة

ملصقات ترويجية لمرشحين في الانتخابات البرلمانية اللبنانية التي تنطلق الشهر المقبل (إ.ب.أ)
ملصقات ترويجية لمرشحين في الانتخابات البرلمانية اللبنانية التي تنطلق الشهر المقبل (إ.ب.أ)

تحوّلت الحملات الانتخابية إلى موسم تجاري للمؤسسات الإعلامية، التي تستغلّ هذا الاستحقاق لجني أرباح طائلة، من خلال تسويقها برامج للمرشحين واستضافتهم وتقديم برامجهم للناخبين، لكن تحت هذا العنوان تتراكم المخالفات التي ترتكبها معظم وسائل الإعلام والمرشحين أيضاً، ضاربين بعرض الحائط كلّ الضوابط التي وضعها قانون الانتخاب والتي تلحظ التوازن بين المرشحين، طالما أنها تعطي الأفضلية للمرشحين الأثرياء على حساب الآخرين، إضافة إلى أن الخطاب السياسي الترويجي لبعضهم يتعدّى البعد الترويجي، ليصل حدّ بثّ الكراهية والذّم بالمنافسين.
الاعتراض على هذا الواقع، لا يتوقّف على المرشحين المتضررين من غياب تكافؤ الفرص وعدم مساواتهم بالآخرين، إنما وصل إلى هيئة الإشراف على الانتخابات، التي أطلق رئيسها القاضي نديم عبد الملك، ما يشبه الصرخة حيال تخطي المعايير المطلوبة والحملات المضبوطة بمقتضيات القانون، وكشف عبد الملك لـ«الشرق الأوسط»، أن الهيئة «سجّلت حتى الآن 103 مخالفات، وثّقها فريق الرصد المؤلف من عشرات المراقبين من إعلاميين وغيرهم، الذين يتابعون على مدار الساعة البرامج والحوارات الانتخابية التي تبثّها وتنشرها وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة».
وتتعدد وجهات تلك المخالفات التي حددها القاضي عبد الملك بثلاثة أصناف، وأكد أن الصنف الأول «مرتبط بمخالفات وسائل الإعلام المرتبطة بالدعاية المدفوعة سلفاً، بحيث تمتنع عن ذكر الإعلان المدفوع والجهة التي طلبته، وترفض تزوّيد الهيئة أسبوعياً، بتقارير حول الإعلانات التي عرضتها والبدل المالي الذي تقاضته، وما هي التعديلات التي أدخلتها على الإعلانات»، لافتاً إلى أن الصنف الثاني «يتعلّق بخطاب الكراهية والحقد والقدح والذم الذي يطلقه مرشحون ضدّ خصومهم ومنافسيهم في لوائح أخرى». وقال: «نحن كهيئة أصدرنا بيانات وتعاميم جرى نشرها، وحذرنا وسائل الإعلام من فتح الهواء أو الصفحات لأي حوار يحض على الحقد والكراهية، وحذرنا من أن تكون محطات التلفزة أو الإذاعات أو الصحف، مساهمة في بث الكراهية والتدخل في جرم جزائي».
وأكد القاضي عبد الملك أن الصنف الثالث من المخالفات «يرتبط بالشركات التي تجري استطلاعات الرأي، وتتسبب في رفع أسهم هذا المرشح وخفض أسهم الآخر، بعيداً عن الدقة والموضوعية، وهي تقوم بذلك بما يراعي مصلحة طالب الاستطلاع». وأشار إلى أن قانون الانتخاب «يفرض على شركات الاستطلاع، أن تبلغ هيئة الإشراف بالنتائج قبل بث أو نشرها». وأوضح أن الأمر «يخضع لمعايير دقيقة، إذ إن المادة 79 من قانون الانتخاب، تلزم مستطلعي الرأي بكشف الجهة التي أخذت رأيها والمنطقة التي أجرت فيها الاستطلاع، ونسبة الخطأ بالاستطلاع، وهذه المعايير لا تطبّق للأسف».
ولا يقف القضاء اللبناني المعني أيضاً بالاستحقاق الانتخابي ونجاحه متفرّجاً على هذه المخالفات، حيث أعلن مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن «النيابات العامة تتسلم بشكل دوري إحالات من هيئة الإشراف على الانتخابات ووزارة الداخلية ومن منظمات أهلية معنية بمراقبة الانتخابات، تتعلّق بمخالفات حصلت تنطوي على جرم جزائي». وأكد أن النيابة العامة لا تهمل أيًا منها، وهي أحالت بدورها تلك المخالفات على المحاكم المختصّة للنظر فيها، وإصدار الأحكام المناسبة»، مشدداً على «دور ماضٍ بممارسة مهمته كاملة في حماية العملية الانتخابية من الشوائب».
ويشكّل غياب تكافؤ الفرص ذروة الإجحاف الذي ألحقه قانون الانتخاب بالمرشحين غير الميسورين، إذ إن أغلب محطات التلفزة والإذاعات والصحف، تتبع للقوى والأحزاب السياسية، التي تتفرّغ للتسويق لمرشحيها، في حين أن المحطات التجارية الأخرى، فرضت أرقاماً خيالية مقابل كلّ إطلالة لأي مرشّح، مما جعل هواءها حكراً على الأثرياء والمتمولين، فيما يغيب عن شاشاتها مرشحو الطبقات الوسطى والفقيرة، وهذا ما أقرّ بوجوده القاضي نديم عبد الملك، الذي أشار إلى أن الهيئة «لا تستطيع إلزام المحطات التجارية باستضافة المرشحين الذين يعجزون عن تسديد البدل المالي لحملاتهم الانتخابية». وقال: «وردتنا مراجعات قصيرة لهؤلاء المرشحين (الفقراء)، وأحلناها على وزارة الإعلام التي منحتهم الفرصة للإطلالة عبر تلفزيون لبنان (الرسمي)، لإبداء آرائهم والحديث عن برامجهم الانتخابية».
وعمّا إذا كانت هذه المخالفات تعرّض ترشيح المخالف للإبطال، لفت القاضي عبد الملك إلى أن «هذه المخالفات لا تبطل ترشيح المخالف، لكنها تعرّضه لملاحقة جزائية وفرض عقوبات عليه». وأضاف: «لقد رصدنا حتى الآن 73 مخالفة لوسائل الإعلام، وأحلنا عدداً منها على القضاء، والباقون وجهنا لهم تنبيهات، فيما نعكف الآن على دراسة مخالفات استطلاعات الرأي لتحديد وجهة والمخالفة ومطابقتها على أحكام القانون». وأوضح أن «جميع المخالفات موثقة بالصوت والصورة، ومحددة بالتاريخ والتوقيت، ومحفوظة على أقراص مدمجة، و(USB) لإبراز الدليل عند حصول الملاحقة القانونية للمخالفين».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.