التحالف {القواتي} ـ {الكتائبي} يمهد لتفاهم سياسي بعد الانتخابات

العلاقة تدهورت بينهما مع تبني جعجع ترشيح عون للرئاسة

الجميل لدى استقباله أعضاء لائحة «نبض الجمهورية القوية» وإلى يساره ستريدا جعجع («الشرق الأوسط»)
الجميل لدى استقباله أعضاء لائحة «نبض الجمهورية القوية» وإلى يساره ستريدا جعجع («الشرق الأوسط»)
TT

التحالف {القواتي} ـ {الكتائبي} يمهد لتفاهم سياسي بعد الانتخابات

الجميل لدى استقباله أعضاء لائحة «نبض الجمهورية القوية» وإلى يساره ستريدا جعجع («الشرق الأوسط»)
الجميل لدى استقباله أعضاء لائحة «نبض الجمهورية القوية» وإلى يساره ستريدا جعجع («الشرق الأوسط»)

يعوّل حزبا «القوات» و«الكتائب» على التحالف الانتخابي الذي توصلا إليه في عدد من الدوائر لترميم علاقتهما التي تدهورت بعيد تبني رئيس حزب «القوات» سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية وسيره بما يُعرف بـ«التسوية الرئاسية» التي رفضها رئيس «الكتائب» سامي الجميل، وقرر في حينها اللجوء وحيدا إلى صفوف المعارضة.
وإن كان هذا التحالف لم يشمل كل المناطق حيث الوجود القواتي - الكتائبي، إلا أنه انسحب على 4 دوائر أساسية وهي «البقاع الأولى» أي زحلة: «الشمال الثالثة» والتي تضم أقضية الكورة وزغرتا والبترون وبشري، بيروت الأولى، و«الجنوب الأولى» التي تضم قضائي صيدا وجزين.
ويرى الفريقان أن التحالف في هذه الدوائر مصلحة انتخابية لهما، رغم اعتبار خبراء انتخابيين أنه يخدم «القوات» أكثر مما سيفيد «الكتائب»، وهو ما تستغربه مصادر كتائبية مشددة على أنه «لولا لم تجد القيادة الحزبية مصلحة لها بهذا التحالف، لما كان سارت به»، معتبرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «من حق كل فريق أن يطمح ويسعى لفوز مرشحه علما بأننا نعمل في معظم الدوائر لفوز مرشحي (القوات) و(الكتائب) معا».
ولطالما حثّ رئيس «الكتائب» سامي الجميل طوال المرحلة الماضية رئيس «القوات» سمير جعجع على سحب وزرائه من الحكومة والانضمام إلى صفوف المعارضة لعدم تغطية ما يقول إنها «صفقات ومحاصصات تطبع أداء قوى السلطة الحالية». إلا أنه كان لـ«القوات» رأي مختلف، فقد آثرت البقاء في الحكومة لـ«ممارسة المعارضة من الداخل ما يجعل مهمتها أكثر فعالية بإفشال أي صفقات مشبوهة وتسويات تأتي على حساب المواطن، على حد تعبير القواتيين».
ويتعاطى الطرفان حاليا مع الانتخابات النيابية كمحطة مفصلية يعولان أن تنتج عنها اصطفافات سياسية جديدة، فيعودان ليشكلا معا وإلى جانب قوى أخرى «فريقا سياسيا أشبه بفرق 14 آذار بمواجهة (حزب الله) وسلاحه ومحاولات إخراج لبنان من الحضن العربي»، على حد تعبير مصدر قيادي في حزب «القوات» قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأمل كبير بأن يؤدي التحالف الانتخابي مع (الكتائب) لطي صفحة الالتباس والأزمة فنؤسس لمرحلة جديدة بعد الانتخابات»، لافتا إلى أن «تحقيق نتائج جيدة في الاستحقاق النيابي سيسمح لنا بتشكيل تكتل نيابي سيادي - إصلاحي نستطيع من خلاله أن نواكب بنجاح المرحلة المقبلة».
ويعتبر مستشار رئيس حزب «القوات» العميد المتقاعد وهبة قاطيشا، أن «لا مجال في نهاية الطريق إلا أن يكون حزبا (القوات) و(الكتائب) معا، رغم مراحل التباعد المؤقتة»، لافتا إلى أن «هناك مسارا وطريقا واحدا للحزبين إضافة لرؤية موحدة لمستقبل لبنان وجيشه واقتصاده». ويضيف قاطيشا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «في المرحلة الماضية ارتأى النائب الجميل ممارسة المعارضة من خارج الحكومة وكانت مواقفه مؤثرة إلى حد كبير بالرأي العام، أما نحن فوجدنا أجدى ممارسة المعارضة من الداخل، لكننا في النهاية أبناء رحك سيادي واستقلالي واحد».
وشكّل استقبال النائب الجميل الأسبوع الماضي أعضاء لائحة «نبض الجمهورية القوية» التي تشكلت بشكل أساسي من تحالف القوات - الكتائب برئاسة ستريدا جعجع، خطوة أولى باتجاه عودة المياه إلى مجاريها، وهو ما اتفق عليه قياديون من الفريقين.
وكان الجميل واضحا بعد لقاء الوفد بالتأكيد على استمرار «الكتائب» في «خوض المعركة ضد كل أنواع الفساد والتخلي عن سيادة الدولة»، ممهدا لحوار جديد بين الطرفين بعد الانتخابات، قائلا: «نتمنى من كل شركائنا وحلفائنا بعد الانتخابات أن نكون سويا بمعركة كبيرة لاسترداد سيادة الدولة ومواجهة السلطة التي تأخذ البلد نحو الانهيار الاقتصادي على كل المستويات».
وفي هذا السياق، أشارت مصادر تنشط على خط رأب الصدع القواتي - الكتائبي إلى أن «إعادة أحياء التحالف السياسي بينهما أمر ضروري تحتّمه اللعبة السياسية والتوازنات الوطنية»، مضيفة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد تبادل المسؤوليات عن أخطاء المرحلة السابقة، وكل ما يعنينا خوض المواجهة السياسية بعد الانتخابات كتفا على كتف بإطار تحالف وطني كبير».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».