«عام التحولات» في «تيسلا» يواجه طريقاً مسدوداً

يصفها البعض بعملاق المستقبل في مجال السيارات الكهربائية

في غضون خمس ساعات فقط، سحبت «تيسلا» 123 ألف سيارة «سيدان» من طراز «موديل إس» جرى تصنيعها قبل أبريل (نيسان) 2016
في غضون خمس ساعات فقط، سحبت «تيسلا» 123 ألف سيارة «سيدان» من طراز «موديل إس» جرى تصنيعها قبل أبريل (نيسان) 2016
TT

«عام التحولات» في «تيسلا» يواجه طريقاً مسدوداً

في غضون خمس ساعات فقط، سحبت «تيسلا» 123 ألف سيارة «سيدان» من طراز «موديل إس» جرى تصنيعها قبل أبريل (نيسان) 2016
في غضون خمس ساعات فقط، سحبت «تيسلا» 123 ألف سيارة «سيدان» من طراز «موديل إس» جرى تصنيعها قبل أبريل (نيسان) 2016

في فبراير (شباط)، أعلنت «تيسلا» أن عام 2018 سيكون بمثابة «عام التحولات بالنسبة لنا». ومع هذا، يبدو أنه حتى اليوم، لم تكن التحولات التي عاينتها الشركة من النمط الذي داعب مخيلتها.
كانت أسعار أسهم الشركة قد مُنِيَت بانتكاسة كبيرة في أعقاب وفاة شخص داخل سيارة طراز «تيسلا» موديل «إكس» بعدما تعرضت لحادث واشتعلت بها النيران في 23 مارس (آذار).
ومن ناحيتها، أقدمت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، الثلاثاء، على خفض التصنيف الائتماني للشركة، مشيرة إلى أن «تيسلا» تنفق ملياري دولار سنوياً ويتعين عليها جمع مزيد من الأموال.
صباح أول من أمس (الخميس)، خفض المحلل روميت جيه شاه، الذي يعمل لدى مؤسسة «نومورا إنستينيت»، ويعتبر المتابع الأكثر تفاؤلاً لـ«تيسلا»، من توقعاته لسعر سهم الشركة إلى 420 دولاراً، ما يعكس خفضاً بقيمة 80 دولاراً. وقال خلال مقابلة أجريت معه اليوم ذاته: «ما دام بمقدورهم تجنب سحب السيارات على نحو يضر بسمعة علامتهم التجارية، أعتقد أنهم سينجحون في الصمود».
بيد أنه في غضون خمس ساعات فقط، سحبت «تيسلا» 123 ألف سيارة «سيدان» من طراز «موديل إس» جرى تصنيعها قبل أبريل (نيسان) 2016، وذلك في أعقاب اكتشاف أن المزالج الصدئة في أنماط الطقس البارد من الممكن أن تتسبب في خلل بعمل عجلة القيادة. ويغطي قرار سحب السيارات ما يقرب من نصف السيارات التي باعتها «تيسلا».
من جهتها، أعلنت الشركة أنها عملت على نحو احترازي، وأن هذا الخطأ لم يسفر عن أي حوادث أو إصابات.
من ناحية أخرى، وبعد يومين من التراجع الحاد، أغلق سهم «تيسلا» عند مستوى 266.13 دولاراً، الخميس، بارتفاع بنسبة 3.3 في المائة. إلا أن قرار سحب السيارات قضى على هذه المكاسب في غضون ساعات.
وخلف هذا كله يقف إلون موسك، رجل الأعمال الذي لا يهدأ وصاحب الرؤية التي ألهبت خيال المستثمرين على مختلف الأصعدة - من قطارات الأنفاق فائقة السرعة إلى سفن الفضاء المتجهة إلى المريخ.
ومع ذلك، يواجه موسك صعوبة واضحة في مهمة تصنيع سيارة ركاب هنا على الأرض. ويرى بعض المحللين أن الأخطاء الإنتاجية التي وقعت على امتداد العامين الماضيين تكشف أن موسك قوض مصداقيته من خلال طرحه المستمر لوعود مبالغ فيها.
على سبيل المثال، في مايو (أيار) 2016 قال إن «تيسلا» سوف ترمي لإنتاج ما بين 100 ألف و200 ألف سيارة من نموذج «موديل 3» خلال النصف الثاني من عام 2017. ومع ذلك، تكشف الأرقام أن مجمل مبيعات «موديل 3» خلال هذه الفترة بلغ 1770 سيارة فقط.
بعد ذلك، في أغسطس (آب) 2017 قال موسك: «سنبقى على الطريق نحو إنجاز 5000 وحدة أسبوعياً بحلول نهاية هذا العام»، مضيفاً أن «ما يجب أن يكون الجميع على ثقة تامة منه أن (تيسلا) سوف تنتج 10 آلاف وحدة أسبوعياً بحلول نهاية العام المقبل». وبحلول أكتوبر (تشرين الأول)، قال موسك إن ثمة صعوبات كبرى وإن التوقعات الحالية من جانب الشركة تشير لإنتاج 5 آلاف سيارة «موديل إكس» أسبوعياً بحلول نهاية يونيو (حزيران). ولا يزال المستثمرون في انتظار رؤية النتائج الفعلية على أرض الواقع.
من ناحيتها، شرحت «موديز» في إطار إعلانها عن تخفيض التصنيف الائتماني للشركة أن «الإرجاء المستمر لعمليات الإنتاج من جانب الشركة منذ إطلاق (موديل 3) يشكل انحرافاً كبيراً عن التوقعات الأولى».
وأضافت الوكالة أن «قدرة (تيسلا) على تلبية مستويات الإنتاج الأسبوعية المستهدفة من جانبها والبالغة 2500 بحلول نهاية مارس و5000 بحلول نهاية يونيو، ستشكل عاملاً محورياً في تقييم القدرات التصنيعية للشركة، ومصداقيتها فيما يخص تحقيق التوقعات المرتبطة بالإنتاج».
جدير بالذكر أنه في أكتوبر 2016 ومارس 2017، عمد موسك إلى التقلقل من احتمالية أن تحتاج «تيسلا» إلى جمع أموال لتمويل توسعاتها. ومع هذا، انتهى الحال بالشركة إلى جمع 3 مليارات دولاراً عام 2017، يعتبر أكثر من نصفها اليوم سندات مصنفة على أنها رديئة.
بالنسبة لبعض المستثمرين، تعتبر «تيسلا» نموذجاً كلاسيكياً على المبالغة. كانت الشركة قد تأسست عام 2003، ولم تحقق أرباحاً. واعتمدت الشركة بشدة على خطة وضعتها كاليفورنيا للوصول بالانبعاثات الكربونية إلى مستوى الصفر، والتي أثمرت عام 2017 عن إعانة وصلت إلى 280 مليون دولار. ورغم كل الضجة المثارة حول موسك، تشير الأرقام إلى أن «تيسلا» باعت 50.145 سيارة فقط العام الماضي، ما يمثل 0.29 في المائة فقط من مجمل سوق السيارات الأميركية. ومع هذا، بلغ معدل رسملة السوق (market capitalization).
حتى بعد أسبوع سيئ من التداول، ما يقل قليلاً عن «جنرال موتورز» التي باعت العام الماضي 3 ملايين سيارة داخل الولايات المتحدة - وحصلت على 12.8 مليار دولار.
الملاحظ أن عائدات «تيسلا» المتنامية بسرعة، 11.7 مليار دولار العام الماضي، كانت الحافز وراءها تخفيضات ضريبية سخية على المستوى الفيدرالي، وكذلك على مستوى الولايات، إلا أن مستثمرين يعتقدون أنه حال رفع الدعم الضريبي، مثلما حدث في جورجيا وهونغ كونغ والدنمارك، ستتراجع مبيعات «تيسلا».
ورغم أن مشروع القانون الضريبي الذي وقعه الرئيس دونالد ترمب أبقى على ائتمان ضريبي فيدرالي بقيمة 7500 دولار لعمليات شراء سيارات كهربية، فإن الائتمان الضريبي يبدأ في الانحسار بمجرد بيع الشركة 200 ألف سيارة كهربية - مستوى تعتقد كل من «تيسلا» و«جنرال موتورز» أنهما ستصلان إليه هذا العام. ومن شأن ذلك ليس فقط تقليص الحوافز لشراء سيارة «تيسلا» أو «جنرال موتورز»، وإنما كذلك سيضع الشركتين في وضع ضعيف على الصعيد التنافسي في مواجهة منافسين مثل «بي إم دبليو» و«فولكس فاغن» و«فولفو»، وجميعهم أقل كثيراً عن هذا المستوى.
وفي الوقت الذي تتحرك «تيسلا»، وإن كان ببطء، نحو تعزيز قدراتها، فإن «موديز» تحذر من منافسة وشيكة داخل سوق السيارات الكهربية.
جدير بالذكر أنه من المقرر أن تطرح شركات تقليدية بمجال إنتاج السيارات 36 سيارة كهربية جديدة على الأقل بحلول عام 2021. وأضافت الوكالة أن «تيسلا» «لا تمتلك أي ميزة تكنولوجية مستدامة، ومن المحتمل أن تتوافر جميع التكنولوجيات الموجودة في سيارات تيسلا (أو تكنولوجيات أخرى على ذات القدر من الفاعلية) لدى المنافسين».
ومع ذلك، يرى البعض أن «تيسلا» تُعتَبَر عملاق المستقبل في مجال التكنولوجيا. جدير بالذكر أن شاه، الذي يتولى متابعة أخبار «تيسلا» لحساب مؤسسة «نومورا إنستينيت»، يعمل محللاً بمجال التكنولوجيا وليس محللاً معنياً بصناعة السيارات. وقد عقد مقارنة بين «تيسلا» و«إنتل» في تسعينات القرن الماضي، عندما كانت هناك أزمة في المعالجات الدقيقة تمكنت «إنتل» من حلها.
وأعرب شاه عن اعتقاده أن انجذاب المستهلكين نحو نموذج سيارات جديد من «تيسلا» - مع اصطفاف الآلاف بالساعات لدفع مبالغ مقدماً لحجز سيارات تنتمي للنموذج الجديد من «تيسلا» - يضاهي اهتمام المستهلكين بالنماذج الأولى من «آي فون».
وبذلك نجد أن شاه يقارن «تيسلا» بـ«آبل» و«إنتل» و«نفيديا» و«غوغل»، وليس «فورد» أو «جنرال موتورز». وقال خلال مقابلة أُجرِيَت معه: «أراهن على إلون، فهو الشخص الذي دشن شركتين في مرحلة مبكرة تعملان بمجال الإنتاج الصناعي عام 2008 وحقق مجمل رسملة سوق تجاوزت 60 مليار دولار»، وأضاف أن إلون يعمل تحت قيادته اليوم 37 ألف موظف، يبدي الكثيرون منهم استعدادهم للحصول على نصف مستحقاتهم في صورة أسهم.
وقال شاه: «ينبع جزء من حماسنا تجاه (تيسلا) من العلامة التجارية ذاتها، فهي علامة تجارية استثنائية».
علاوة على ذلك، يؤمن شاه بأن «تيسلا» تتمتع بالفعل بميزة تكنولوجية، رغم التقييم الذي أعلنته وكالة «موديز». وذكر أن البطاريات التي تصنعها «تيسلا» داخل مصنعها في نيفادا أكثر تقدماً بكثير عن المستوى المألوف بين البطاريات الأخرى، ما يمنح سيارات «تيسلا» مدى أكبر، وربما يساعدها على خفض أسعارها مستقبلاً. وأكد شاه أن «المركز الريادي الذي تحظى به (تيسلا) سيزداد قوة في المستقبل».
ومع ذلك، ثمة شكوك تبقى قائمة؛ فعلى سبيل المثال، من الملاحظ أن عدد عمليات البيع قصير الأجل مرتفع على نحو غير معتاد، مع مراكز تكافئ 22.53 في المائة من الأسهم الممتازة.
من جانبه، يمتلك موسك 19.9 في المائة من أسهم الشركة، لكن خلال الشهور الأخيرة باع بعض من كبار حاملي الأسهم الآخرين ما بحوزتهم من أسهم. جدير بالذكر أن «تويوتا» باعت جميع أسهمها الصيف الماضي، وفي أواخر العام الماضي باعت «ويلينغتون منيدجمنت»، شركة استثمارية خاصة، تقريباً كامل حصتها، في الوقت الذي قلص آخرون من عدد الأسهم التي بحوزتهم. أما على صعيد المشترين، فنجد «غولدمان ساكس» كانت الضامن لأسهم «تيسلا». والملاحظ كذلك أن «تيسلا» خسرت بعض كبار مسؤوليها التنفيذيين، بينهم المسؤول المالي ورئيس الموارد البشرية ومسؤولين تنفيذيين رفيعي المستوى بمجال تكنولوجيا البطاريات، وكذلك اثنين من مؤسسي «سولار سيتي»، شركة الألواح الشمسية التي تعاني حالة من التردي، وأنفقت «تيسلا» 2.6 مليار دولاراً على شرائها عام 2016.
تجدر الإشارة إلى أن مؤسسي «سولار سيتي» أبناء عمومة موسك. وقد رفع حاملو أسهم الأقلية الرافضون لهذه الصفقة دعوى قضائية ضد الرئيس التنفيذي لـ«تيسلا» ومجلس إدارتها.
ورغم أن المتخصصين المعنيين بتقييم السيارات عادة ما يمنحون «تيسلا» تقييماً رفيعة، تبقى الهندسة المالية للشركة من النقاط المثيرة للقلق، ذلك أنه بجانب إنفاق ما يصل إلى ملياري دولاراً نقداً، تحمل الشركة على عاتقها ديوناً بقيمة 230 مليون دولاراً أصبحت مستحقة أواخر عام 2018، علاوة على 920 مليون دولاراً ستصبح مستحقة نهاية عام 2019، حسبما أفادت وكالة «موديز».
واستطردت الوكالة موضحة أن «تيسلا» تملك 3.4 مليار دولار نقداً، لكن مواردها «لن تكون كافية لتناول احتياجاتها على صعيد النقد خلال الفترة المقبلة». وأضافت: «نتوقع أن تحتاج الشركة إلى دخول أسوق رأس المال لجمع رؤوس أموال كبيرة في المستقبل القريب».
من بين المؤشرات المثيرة للقلق أن حسابات «تيسلا» الواجب دفعها للموردين قفزت من نحو مليار دولاراً من عامين إلى ما يقرب من 2.5 مليار دولار خلال الربع الثالث من عام 2017، ما يتجاوز بكثير حجم الأموال التي تدين بها مؤسسات أخرى لـ«تيسلا».
وإذا ما حافظت الشركة على وتيرة التوسع المتوقعة لها، فإنها ربما ستحتاج إلى جمع رؤوس أموال إضافية خلال عام 2019 لتمويل نمو «موديل 3» وتطوير سيارتين جديدتين أعلن عنهما موسك - سيارة كهربية شبه شاحنة و«موديل واي» الجديد.
بيد أنه في الوقت الراهن، ينصب التركيز على «موديل 3»، سيارة تتسم بانخفاض سعرها لدرجة تصل إلى 35 ألف دولار (وإن كان غالبية المعنيين بتقييم ومراجعة السيارات قادوا النسخة التي يبلغ سعرها 59 ألف دولار وتتميز بسمات إضافية).
وقد أقدم نحو 400 ألف شخص على دفع ألف دولار مقدماً لشراء السيارة، لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت «تيسلا» سوف تتمكن من الاستحواذ على حصة أكبر من سوق السيارات الموجهة لأصحاب الدخول المتوسطة. وبالطبع، لن يكون هذا ممكناً قبل تمكن الشركة من التغلب على بعض المصاعب الإنتاجية. من ناحيتها، تتوقع «موديز» أن «تيسلا» سوف تنتج ما لا يزيد على نصف عدد سيارات «موديل 3» الذي كانت قد وعدت بإنتاجه عام 2018.
ومن بين المنافسين المحتملين «بولت إي في» من «شيفروليه»، كانت «جنرال موتورز» قد باعت 23 ألف سيارة من طراز «بولت» عام 2017، رغم أنها طرحت للبيع في جميع الولايات الـ50 بعد منتصف العام. وتعتبر هذه السيارة الوحيدة بخلاف «تيسلا» التي كسرت حاجز المائتي ميل. واللافت أنها تحقق ذلك بسعر في متناول العملاء على نحو أفضل بكثير عما توفره «تيسلا».
وعن المستقبل، قال شاه: «ثمة حدس داخلي ينبئني أن الشركة أما ستبلغ عنان السماء أو ستقبع في القاع».

* خدمة «واشنطن بوست»



تايلاند تستكشف التعاون مع السعودية في قطاعات الطاقة المتجدّدة والهيدروجين وصناعة السيارات الكهربائية

وزير الاستثمار السعودي ووزير الخارجية التايلاندي لدى تكريم ممثّلي بعض القطاعات الخاصة في البلدين خلال منتدى الاستثمار الأخير بالرياض (الشرق الأوسط)
وزير الاستثمار السعودي ووزير الخارجية التايلاندي لدى تكريم ممثّلي بعض القطاعات الخاصة في البلدين خلال منتدى الاستثمار الأخير بالرياض (الشرق الأوسط)
TT

تايلاند تستكشف التعاون مع السعودية في قطاعات الطاقة المتجدّدة والهيدروجين وصناعة السيارات الكهربائية

وزير الاستثمار السعودي ووزير الخارجية التايلاندي لدى تكريم ممثّلي بعض القطاعات الخاصة في البلدين خلال منتدى الاستثمار الأخير بالرياض (الشرق الأوسط)
وزير الاستثمار السعودي ووزير الخارجية التايلاندي لدى تكريم ممثّلي بعض القطاعات الخاصة في البلدين خلال منتدى الاستثمار الأخير بالرياض (الشرق الأوسط)

 

 

شدّد ماريس سانجيامبونسا، وزير الخارجية التايلاندي، على أن العلاقات بين الرياض وبانكوك تتجاوز التعاون الثنائي إلى التعاون الإقليمي والدولي، مركّزاً على 3 مجالات للتعاون مع السعودية، تشمل: الأمن الغذائي، وأمن الطاقة، والأمن البشري، لتوظيف الخبرات وتعزيز التكامل الاقتصادي، مع العمل على توأمة «رؤية المملكة 2030»، ومبادرة «أشعل تايلاند».

وأكّد سانجيامبونسا لـ«الشرق الأوسط»، أن الطاقة المتجدّدة والهيدروجين الأخضر، والمفاعلات المعيارية الصغيرة (SMRs)، فضلاً عن التعاون في صناعة السيارات، وخصوصاً الكهربائية (EV)، مجالاتُ تعاون محتملة «ينبغي لنا استكشافها بشكل أكبر».

وكشف عن اعتزام بلاده إقامة المعرض التايلاندي الدولي (2024THAILAND MEGA FAIR) بالرياض في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لعرض فرص كبيرة حول الصناعات المبتكَرة، ومواد البناء، والضيافة، وتكنولوجيا الدفاع.

وقال سانجيامبونسا: «في مجال الأمن البشري يمكننا تعزيز التواصل، من خلال التعاون في مجالات الطب والتكنولوجيا الحيوية والصحة، فضلاً عن السياحة والسفر؛ لتعزيز مفهوم القوة الناعمة».

وعدّ سانجيامبونسا السياحة الطبية مجالاً رئيسياً للتعاون الثنائي الوثيق، في ظل ترحيب المستشفيات الخاصة في تايلاند بأعداد كبيرة من السياح الطبيين من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك السعودية ودول الشرق الأوسط، مبيناً أن السعودية يمكن أن تلعب دوراً حيوياً في الترويج لصناعة الصحة في المملكة، بالاستفادة من الخبرات التايلاندية القوية بالقطاع.

مباحثات ومبادرات

وقال سانجيامبونسا: «علاقاتنا تتجاوز التعاون الثنائي، يمكن للمملكة الاستفادة من وضع تايلاند بوصفها منشئ الجسور على الساحة العالمية. ومع تولّي تايلاند رئاسة حوار التعاون الآسيوي (ACD) عام 2025، فإننا على استعداد لربط حوار التعاون الآسيوي مع التجمعات الإقليمية الأخرى، مثل مبادرة خليج البنغال للتعاون التقني والاقتصادي متعدد القطاعات (BIMSTEC)، التي من شأنها أن تغطي 4 مليارات شخص، وهو ما يمكن أن يشكّل تعاوناً مهماً يعود بالنفع على الجميع».

وشدّد على أن بلاده والمملكة تتمتعان بمؤهلات للعمل معاً، حيث يمكن للشركات التايلاندية الاستفادة من التعاون مع السعودية؛ المركز الاقتصادي في الشرق الأوسط، لتوسيع أسواقها إلى منطقة الشرق الأوسط بأكملها.

ووفق سانجيامبونسا، فإن المملكة تفكّر في استخدام تايلاند قاعدةً استثمارية لتوسيع أعمالها في منطقة آسيان، أكبر منطقة تجارة حرة في العالم، والاستفادة من اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة. مشيراً إلى أهمية تشجيع مشاركة القطاع الخاص في هذا الصدد.

مستقبل التعاون الثنائي

أوضح سانجيامبونسا أن «سريثا تافيسين رئيس وزراء تايلاند، الذي قام بزيارة رسمية إلى السعودية مؤخراً، وجّه مجلس الاستثمار بفتح مكتب بالرياض في أقرب وقت ممكن، وهذا يعكس الأهمية التي تُولِيها الحكومة التايلاندية لتعزيز التعاون مع المملكة في المجالات كافة، وخصوصاً التجارة والاستثمار».

وأضاف: «أتطلّع إلى المشاركة في رئاسة الاجتماع الأول للجنة الفنية المتخصصة للاتصالات السلكية واللاسلكية في وقت لاحق من هذا العام، في بانكوك، مع الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، وزير الخارجية السعودي».

واللجنة الفنية تُوكَل إليها مهمة تشمل 5 ركائز للتعاون، تغطي جميع جوانب العلاقات الثنائية، وتركز في جانبها الاقتصادي على: السياحة والتجارة والاقتصاد والاستثمار.

فرص تجارية واستثمارية

ولفت الوزير التايلاندي إلى أنه زار مؤخراً السعودية، بدعوة من الأمين العام لمجلس الاستثمار التايلاندي بتايلاند (BOI)، ليترأس حفل افتتاح مكتب مجلس الاستثمار التايلاندي في الرياض، وهو المكتب الخارجي الـ17 لمجلس الاستثمار، الذي يُعدّ أول مكتب لاقتصاديات الاستثمار الخارجي في الشرق الأوسط، وسيغطي 13 دولة في منطقة الشرق الأوسط.

وتابع سانجيامبونسا: «ترأّست حفل افتتاح (منتدى الاستثمار التايلاندي السعودي) الثاني، مع المهندس خالد الفالح وزير الاستثمار السعودي، وشهد المنتدى توقيع 11 مذكرة تفاهم بين الشركات التايلاندية والسعودية، وحضره مسؤولون تنفيذيون وممثّلون رفيعو المستوى من الوكالات الحكومية والمؤسسات المالية، والغرفة التجارية التايلاندية، واتحاد الصناعات التايلاندية، والشركات التايلاندية الخاصة، للحصول على توافقات تجارية مثمرة مع نظرائهم السعوديين».

وحول أهمية منتدى الاستثمار السعودي التايلاندي في نسخته الثانية، قال سانجيامبونسا: «المنتدى يُظهر الإرادة القوية لدى الجانبين لتعميق التعاون، خصوصاً فيما يتعلق بالتجارة والاستثمار؛ إذ إن عدد ومستوى المشاركين الذين يمثّلون قطاعات الأعمال في البلدين منحَنا الثقة في جنْي نتائج مثمرة، وستظل في الأذهان، بوصفها خطوةً مهمة في تطوير التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين».

وبنى سانجيامبونسا نجاح المنتدى على النجاح الذي حقّقه معرض تايلاند الدولي الضخم العام الماضي، بقيادة غرفة التجارة التايلاندية، والذي شهد عرض أكثر من 30 قطاع أعمال تايلاندي، وأكثر من 1000 منتَج من 200 علامة تجارية، ما يمثّل إنجازاً كبيراً في الترويج لتايلاند بالسعودية.

وتابع: «تُظهر هذه الأحداث والمبادرات توفُّر فرص وإمكانات غير مستغَلة لبلدَينا، ويحتاج الجانبان إلى العمل معاً بشكل أكثر جدّية لتحقيق هذه الإمكانات، وضمان نتائج ملموسة، لذلك يُسعدنا أن نعلن عن اعتزامنا إقامة المعرض الدولي الضخم (2024THAILAND MEGA FAIR) بالرياض، في نوفمبر (تشرين الثاني)».

ووفق سانجيامبونسا، سيركّز المعرض على تعزيز التجارة في مجموعة من القطاعات ذات الإمكانات العالية، وسيعرض الصناعات المتنوعة والمبتكَرة في تايلاند، بدءاً من مواد البناء، والضيافة، إلى تكنولوجيا الدفاع.

آفاق أرحب

ووفق سانجيامبونسا، سيكون مجلس التنسيق السعودي التايلاندي، «قوة دافعة مهمة في دفع علاقاتنا إلى الأمام، عبر 5 ركائز، تشمل التعاون؛ من التجارة والاستثمار إلى التعاون السياسي والقنصلي، إلى التعاون الاجتماعي والثقافي والعسكري والأمني».

وعلى الصعيد الاقتصادي قال سانجيامبونسا: «في العام الماضي وحده بلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين 8.8 مليار دولار، ما يمثّل حوالي 22 في المائة من إجمالي تجارة تايلاند مع منطقة الشرق الأوسط».

وشدّد على أن هذه الأرقام المثيرة للإعجاب سيتم تعزيزها بشكل أكبر، من خلال مذكرة التفاهم الثنائية الأخيرة بين وزارة التجارة التايلاندية والهيئة العامة للتجارة الخارجية في المملكة، بالإضافة إلى «التزامنا تجاه استكشاف إمكانية إبرام اتفاقية تجارة حرة إقليمية، واتفاقية التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي».

وتابع سانجيامبونسا: «في زيارتي الأخيرة للرياض اقترحت تعزيز تعاون البلدين، من خلال التركيز على 3 مجالات رئيسية، والتكامل بين اقتصادَينا، وأوجه التوافق مع الرؤية السعودية 2030، وسياسات مبادرة (أشعل تايلاند)، وهي: الأمن الغذائي، وأمن الطاقة، والأمن البشري».

وبالنسبة للأمن الغذائي قال سانجيامبونسا: «قمنا بالفعل بتحديد كثير من المبادرات الاستثمارية في مجال إنتاج وتصنيع الأغذية، بين الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والحيواني (سالك)، وعديد من الشركات التايلاندية ذات الصلة». وأضاف: «نستهدف البدء في تصدير الماشية الحية حيث تم منح الضوء الأخضر أخيراً من قِبل السلطات السعودية، ونعتقد أن هناك إمكانات قوية في مجال الزراعة والأغذية المصنّعة، خصوصاً عندما نأخذ في الاعتبار أن تايلاند تُعدّ بالفعل منتِجاً ومُصدّراً رئيسياً للأغذية الحلال».

استراتيجية تحفيز الاقتصاد التايلاندي

وعن حجم الاقتصاد التايلاندي، ومعدّل نموه المتوقّع خلال عام 2024، قال سانجيامبونسا: «تقع تايلاند في قلب رابطة دول جنوب شرقي آسيا (ASEAN)، حيث تأتي تايلاند ثاني أكبر اقتصاد في جنوب شرقي آسيا... وتمثّل بوابةً للاقتصادات الكبرى مثل الصين والهند».

وأضاف: «تعمل تايلاند بنشاط لتوسيع علاقاتها التجارية، من خلال 15 اتفاقية تجارة حرة مع 19 دولة، والعديد منها قيد التنفيذ... وبفضل موقعها الاستراتيجي تُعدّ تايلاند بمثابة مركز للشركات متعدّدة الجنسيات، التي تسعى إلى إنشاء مقر إقليمي في منطقة آسيا».

وقال سانجيامبونسا: «وفقاً لرؤية (أشعل تايلاند)، يُولِي رئيس وزراء تايلاند الأولوية لجعل البلاد مركزاً لـ8 صناعات رئيسية، تشمل: الزراعة، والغذاء، والطب، والسياحة، والنقل المستقبلي، والاستثمار المالي، والاقتصاد الرقمي، والخدمات اللوجستية، والطيران. مشيراً إلى أن السياحة كانت، ولا تزال، المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي في تايلاند.

وزاد: «في الآونة الأخيرة، ومن أجل تعزيز قطاع السياحة في البلاد، وافقت تايلاند على نظام الإعفاء من التأشيرة لمدة 60 يوماً، ما يسمح للمسافرين من 93 دولة، بما في ذلك السعودية، بزيارة تايلاند؛ للقيام بمهام عمل قصيرة الأجل، بالإضافة إلى السفر الترفيهي».