غزة تشيّع قتلاها والاحتلال يستهدف «خيام العودة»

أقارب الشاب علاء الزاملي خلال تشييعه في رفح أمس (أ.ف.ب)
أقارب الشاب علاء الزاملي خلال تشييعه في رفح أمس (أ.ف.ب)
TT

غزة تشيّع قتلاها والاحتلال يستهدف «خيام العودة»

أقارب الشاب علاء الزاملي خلال تشييعه في رفح أمس (أ.ف.ب)
أقارب الشاب علاء الزاملي خلال تشييعه في رفح أمس (أ.ف.ب)

شيّع الآلاف من الفلسطينيين، أمس (السبت)، جثامين 8 من بين 10 قُتلوا، أول من أمس (الجمعة)، خلال المواجهات العنيفة التي شهدتها الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة فيما عُرف بـ«جمعة الكاوتشوك» (الإطارات المطاطية) التي دعت إليها اللجنة التنسيقية لـ«مسيرة العودة الكبرى».
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، فجر أمس (السبت)، ارتفاع عدد القتلى إلى 10 بعد وفاة الشاب حمزة عبد العال (20 عاماً) متأثراً بجروحه التي أصيب بها شرق مخيم البريج إلى الشرق من وسط القطاع، والمصوّر الصحافي ياسر مرتجى (31 عاماً) متأثراً بجروحه التي أصيب بها شرق مدينة خانيونس جنوب القطاع خلال تغطيته للأحداث الميدانية.
وانطلقت جثامين التشييع من رفح وخانيونس جنوب القطاع، والنصيرات والبريج وسط القطاع، ومدينة غزة وبيت حانون إلى الشمال من القطاع، بمشاركة الآلاف من الجماهير الفلسطينية التي رفعت العلم الفلسطيني وأعلام الفصائل على مختلف توجهاتها، وسط ترديد شعارات تطالب بتوفير الحماية للمتظاهرين السلميين على الحدود.
ومع الإعلان عن الحصيلة الجديدة للضحايا، ارتفع عدد الفلسطينيين الذي قُتلوا منذ مسيرة العودة الأولى يوم الجمعة 30 مارس (آذار) إلى 31 منهم اثنان تحتجز إسرائيل جثمانيهما بدعوى أنهما حاولا تنفيذ عملية إطلاق نار خلال أحداث الجمعة الأولى. وأصيب منذ بداية الأحداث أكثر من 2850 فلسطينياً منهم 1296 بالرصاص الحي وبينهم 81 طفلاً و24 سيدة. ولا يزال 79 مصاباً من إجمالي المصابين يعانون من جروح خطيرة.
واستمر الاحتلال الإسرائيلي، في غضون ذلك، في استهداف «خيام العودة» والمتظاهرين الموجودين فيها على الحدود الشرقية لقطاع غزة، حيث فتحت الدبابات الإسرائيلية النار باتجاه الخيام المنصوبة شرق بلدة خزاعة إلى الشرق من مدينة خانيونس بجنوب قطاع غزة دون تسجيل أي إصابات. كما ألقت طائرة «درون» صغيرة قنابل غاز تجاه خيام العودة شرق المنطقة الوسطى لقطاع غزة، وكذلك في المنطقة العازلة ما بين منطقة الخيام والسياج الأمني شمال قطاع غزة دون وقوع إصابات.
وفي مناطق داخل الخط الأخضر، تظاهر نحو ألفي شخص من فلسطينيي 1948، ظُهر أمس، في مدينة سخنين، تضامناً مع سكان قطاع غزة عقب إعلان سقوط مزيد من الضحايا في المظاهرات الحدودية. وجالت المظاهرة شوارع وسط المدينة والبلدة القديمة فيها، حيث رُفع العلم الفلسطيني ورُددت شعارات تشيد بصمود سكان القطاع. وطالب المتظاهرون الذين تقدمهم بعض من قيادة القائمة العربية المشتركة في الكنيست الإسرائيلية، وقيادات عربية فلسطينية من الداخل، برفع الحصار عن قطاع غزة وإدخال البضائع للسكان وتحسين الأوضاع الحياتية فيه.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».