احتدم الصراع أمس داخل «حركة مجتمع السلم» الجزائرية بين تيارين داخل «مجلس الشورى»، أحدهما يريد إبقاء الحزب الإسلامي في خط المعارضة للسلطة، فيما يجتهد التيار الثاني لإعادتها إلى الحكومة، التي غادرتها عام 2012.
ويقود الطرح الأول رئيس «الحركة» الحالي عبد الرزاق مقري. أما الرأي الثاني فيدافع عنه رئيسها السابق أبو جرة سلطاني، الذي تقلد سابقا منصب وزير دولة. وقد أصبحت المنافسة بين الطرفين أكثر احتداما مع اقتراب موعد «المؤتمر السابع»، المرتقب في 10 من الشهر المقبل، إذ سيشهد انتخاب رئيس للحزب، الذي يقول عن نفسه إنه «رائد المعارضة في الجزائر».
ورفض مقري أمس خلال اليوم الأخير من اجتماع «مجلس الشورى» بالعاصمة الإفصاح عن رغبته فيما إذا كان يريد ولاية جديدة. لكن أنصاره بـ«مجلس الشورى» يقولون إنه عازم على الترشح ليقطع الطريق أمام «دعاة التطبيع مع النظام».
وسئل مقري الأربعاء الماضي خلال مؤتمر صحافي إن كان سيترشح لفترة جديدة، فقال: «ينبغي أن تصبروا إلى غاية اليوم الأول من المؤتمر». كما نقل عنه قوله في اجتماع مغلق: «لست مجنونا حتى أترك مكاني لآخرين يعبثون بتاريخ الحركة، فيلحقونها بالسلطة وكأنها إحدى الأجهزة الحكومية التابعة لها».
وفي خطاب ألقاه على أعضاء «مجلس الشورى»، أول من أمس، أظهر مقري عزما على أن يعمل من أجل استمرار الحزب في نهج المعارضة، وقال بهذا الخصوص: «كان التأييد (يقصد دعم القياديين له) يتأكد أكثر كلما تسارعت وتيرة الوضع السياسي في الجزائر، واشتد فيه الجذب والتشكيك في الحركة وقيادتها. فكانت تلك التي أبانت عنها نتائج التصويت في كل دورة عادية، أو استثنائية (للمجلس الشوري)، هي سبب المكانة السياسية التي عليها الحركة اليوم، مما جعلها في منأى عن العبث الحكومي، الذي يهز قيمة البلد، ويضيع فرصه في التنمية والتطوير، ويعمق أزمته في حاضره ومستقبله، وجعلها معشوقة مطلوبة من سلطة تريد تزيين واجهتها بالحركة، لما لها من مصداقية وأناقة وجمال». وكان مقري يشير ضمنا إلى عرض وصله من الرئيس بوتفليقة في مايو (أيار) من العام الماضي، بهدف الدخول في الحكومة. لكن «المجلس الشوري» رفض العرض بحجة أن الحزب «لا يريد أن يشترك مع السلطة في تحمل مسؤولية التسيير السيئ للشأن العام».
وبحسب مقري فإن «المعارضة تريد أن تتقوى بحركتنا لانتشارها وفاعليتها وحكمتها، وهي (الحركة) اختارت أن تعيش للإسلام والجزائر ضمن منهجها الوسطي، ومعيار المصلحة العامة والمبادئ الخالدة».
من جهته، كتب سلطاني في تغريدة بحسابه في «تويتر»: «في العمل السياسي هناك مثاليون وواقعيون. فالمثالي يعتقد أنه مدرك لكل شيء، لكن فهمه لا يغير من الواقع شيئا. والواقعي يعتقد أنه فاهم لبعض الشيء، ويساهم به في تغيير متدرج. فإذا تصارعا زادت الأوضاع سوء». وكان سلطاني يقصد أن مقري «مثالي» لاعتقاده بأن «مجتمع السلم» بإمكانه أن يصمد طويلا في المعارضة، بينما يرى نفسه هو «واقعي» على أساس أن موقع الحزب الطبيعي في الحكومة يشارك في تسيير شؤون البلاد. وشاركت «الحركة» في الحكومة منذ 1997، وغادرتها قبل 6 سنوات على خلفية أحداث «الربيع العربي» في تونس ومصر، معتقدة أن ساعة سقوط النظام بالجزائر دقت، واستعدت لتكون في طليعة تغيير مفترض. غير أن ذلك لم يتحقق، ولهذا السبب يتهم سلطاني مقري بـ«الانحراف عن نهج الشيخ المؤسس محفوظ نحناح»، الذي توفي عام 2003، وهو من أسس لخط «المشاركة في السلطة».
ويقول مقري إنه لم يبتعد عن خط نحناح، لكن السلطة تريد من «الحركة»، حسبه، أن تكون «شريكا في الحكومة وليس في الحكم»، بمعنى أن يكون وجودها في الجهاز التنفيذي شكليا، عن طريق وزارات غير هامة، على عكس «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني»، اللذين يحوزان على غالبية القطاعات الوزارية الكبيرة، وهما محل ثقة الرئيس أكثر من بقية الأحزاب المشاركة في الحكومة.
الجزائر: صراع داخل «مجتمع السلم» بين تيار «التطبيع مع الحكومة» ودعاة المعارضة
مقري يبحث عن ولاية جديدة أمام غريمه سلطاني
الجزائر: صراع داخل «مجتمع السلم» بين تيار «التطبيع مع الحكومة» ودعاة المعارضة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة