تعليق إجلاء المهجرين من دوما... والنظام يريد «تسوية شاملة» لدمشق

فصائل القلمون ترفض الخروج من الجبال

سوريون أمام أبنية مدمرة في زملكا شرق دمشق أمس (أ.ف.ب)
سوريون أمام أبنية مدمرة في زملكا شرق دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

تعليق إجلاء المهجرين من دوما... والنظام يريد «تسوية شاملة» لدمشق

سوريون أمام أبنية مدمرة في زملكا شرق دمشق أمس (أ.ف.ب)
سوريون أمام أبنية مدمرة في زملكا شرق دمشق أمس (أ.ف.ب)

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن عملية تحضير القافلة الرابعة، للمهجرين من دوما شرق دمشق نحو ريف حلب الشمالي الشرقي، جرى تعليقها بسبب خلافات جديدة، ظهرت في المنطقة، بين المتفاوضين.
وأضاف «المرصد» أن المفاوضات تجري بين «جيش الإسلام» من جانب، وسلطات النظام والروس من جانب آخر، للتوصل إلى اتفاق جديد، يفضي إلى «تسوية جديدة»، حول دوما والقلمون الشرقي وريف دمشق الجنوبي وجنوب دمشق.
واصطدمت المفاوضات حول مدينة دوما، آخر معاقل المعارضة السورية في الغوطة الشرقية لدمشق، بقدرة الشمال السوري على استيعاب 100 ألف عسكري ومدني كان يُنوى نقلهم إلى الشمال، وهو ما دفع لتجديد المفاوضات التي تدور الآن حول مساعٍ من النظام والطرف الروسي لإعطاء مقاتلي «جيش الإسلام» ضمانات بعدم اقتيادهم للتجنيد الإجباري، لقاء بقائهم في دوما تحت حماية روسية.
ورفض الروس مقترح فصائل «الجيش السوري الحر» في القلمون الشرقي للخروج إلى الجبال المحيطة بأسلحتهم الفردية، وسط إصرار من قوات النظام على ترحيلهم إلى محافظة إدلب في الشمال، في وقت فُتِحَت فيه نافذة للتفاوض بين وجهاء من ثلاث بلدات خاضعة لسيطرة المعارضة جنوب العاصمة، من النظام السوري، ضمن خطة لاستعادة السيطرة الكاملة على محيط العاصمة.
وفيما وصلت القافلة الثالثة من مهجري دوما إلى مدينة الباب في شمال شرقي حلب، كشفت مصادر سورية معارضة مواكبة للمفاوضات عن تعقيدات جديدة ظهرت في عملية التفاوض، تتمثل في القدرة الاستيعابية في الشمال لاستقبال 9 آلاف مسلح يُنوى إخراجهم مع المدنيين، ليناهز العدد 100 ألف عسكري ومدني، قائلة إن هذه المعضلة «فتحت أفقاً جديداً للتفاوض مع الجانب الروسي لتقليص العدد، مقابل ضمانات تُعطى لقوات المعارضة للبقاء في دوما».
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة نقاط قوة كثيرة لدى (جيش الإسلام) يستطيع أن يناور بها، ويفرض شروطه، بينها احتجاز عسكريين لقوات النظام في سجونه، إضافة إلى آخرين، في مقابل احتجاز النظام لمقاتلين من (جيش الإسلام)»، مشيرة إلى أن عملية الإفراج عن بعض السجناء أول من أمس «تمثل جزءاً من الاتفاقات».
وعن نقاط التفاوض الجديدة، قالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن التفاوض الآن «يدور حول ضمانات يمكن أن تُعطى لمقاتلين تابعين لجيش الإسلام، مقابل بقائهم في المدينة والقبول بالاتفاق القائم على تسليم السلاح الثقيل، ودخول الشرطة الروسية، وإعادة مؤسسات الدولة إلى المدينة، على أن تتولى شرطة محلية تتألف من أبناء دوما الموجودين فيها ضبط الأمن». وشددت المصادر على أن «وجود تطمينات يمكن أن يقلص عدد الذين سيخرجون باتجاه الشمال؛ حيث لا توجد أمكنة يمكن أن تستوعب هذا العدد الكبير من المهجرين».
ولم يصدر أي تعليق من قبل «جيش الإسلام» على تلك المعلومات، رغم أن ناشطين في دوما، قالوا إن الفصيل المعارض «يحاول فرض شروطه، ويمتلك أوراقاً كثيرة يمكن أن يضغط فيها»، مشيرة إلى أن نقاط القوة، وبينها وجود عسكريين من النظام معتقلين لديه: «تعطيه هامشاً للقوة؛ بحيث لا يكون الاتفاق شبيهاً باتفاقات أخرى أفضت إلى تهجير الفصائل والمدنيين إلى الشمال».
ووردت معلومات أمس عن محاولات من قبل النظام لإعطاء ضمانات، تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، تتحدث عن اتفاق مزعوم يفيد بأن «الأشخاص المسلحين الذين يسلمون أسلحتهم في نقطة التسجيل المحددة للشرطة العسكرية الروسية، سيتمكنون من تسوية أوضاعهم في أقصر وقت وبضمانة سورية روسية»، كما «سيمنح الشبان الذين بلغوا سن خدمة العلم فترة تأجيل من ستة إلى عشرة أشهر»، إضافة إلى أن «وزارة الداخلية ستقوم من خلال مراكز الشرطة وبضمانة الشرطة العسكرية الروسية، بتأمين الحماية لمدينة دوما خلال فترة إعادة تأهيل المدينة».
وفي ظل هذا الواقع، وصلت القافلة الثالثة من مهجري دوما أمس إلى مناطق سيطرة قوات عملية «درع الفرات»، حيث دخلت 13 حافلة تحمل على متنها نحو 650 شخصاً، كانوا خرجوا ليل أول من أمس من دوما، فيما تجري التحضيرات لنقل القافلة الرابعة من دوما، بعد دخول عدة حافلات، لنقل الرافضين لاتفاق «جيش الإسلام» مع الروس، بحسب ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مشيراً إلى أن عدد الخارجين من دوما «بات يناهز 3 آلاف شخص».
بالموازاة، تسير المفاوضات على محور القلمون الشرقي بطريقة أبطأ، حيث يتبادل الطرفان شروط التوصل إلى تسوية. وقالت مصادر مواكبة للمفاوضات في القلمون الشرقي لـ«الشرق الأوسط»، إن التفاوض «لم ينته بعد، ولا يزال ضمن إطار المقترحات»، حيث «اقترح مقاتلو الجيش السوري الحر الخروج من البلدات إلى الجبال المحيطة، على بعد نحو 10 كيلومترات من البلدات، ليبقوا على مسافة قريبة من بلداتهم، وذلك بأسلحتهم الفردية»، لكن «الطرف الروسي رفض ذلك، كون النظام يضغط ليخرج رافضو التسوية باتجاه إدلب في الشمال».
وقالت المصادر نفسها، إن المقاتلين الراغبين في البقاء والقبول بالتسوية مع النظام «يطالبون بضمانات روسية، مثل دخول الشرطة الروسية إلى المناطق الحضرية، ومنع اعتقالات الناس واقتيادها إلى الأفرع الأمنية، ومنع إلزام الشبان بالخدمة العسكرية والتجنيد في صفوف قوات النظام»، لافتاً إلى أنها «شروط مقبولة لدى الروس؛ لكن التعقيدات لا تزال تتمحور حول وجهة الرافضين للتسوية».
ومن المعروف أن بعض المقاتلين وصلوا إلى قرى القلمون الشرقي في الصيف الماضي، انطلاقاً من الجرود الحدودية بين لبنان وسوريا، ويتخوفون الذهاب إلى إدلب، حيث توجد ثارات بين هؤلاء المقاتلين وقوات «النصرة» التي خرجت باتجاه إدلب في أغسطس (آب) الماضي.
وفي سياق متصل، أفادت شبكة «عنب بلدي» بمفاوضات بين ممثلي فصائل عسكرية معارضة وروسيا، لحسم ملف جنوب دمشق. ونقلت عن مصادر مطلعة من جنوب دمشق قولها إن المفاوضات مستمرة دون الوصول إلى أي اتفاق حتى اليوم. وتحدثت الشبكة عن اجتماع لممثلين عن بعض الفصائل مع جنرالات روس لمرتين.
وتحدثت وسائل إعلام مقربة من النظام السوري، أمس، عن توجه لإنهاء ملف بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، التي تسيطر عليها المعارضة جنوب دمشق، إلى جانب النقاط التي يسيطر عليها تنظيم داعش كملف منفصل.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.