رفضت أنقرة، بشكل قاطع، عرضا من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للوساطة وإجراء حوار بينها وبين تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الذي تغلب على تشكيله وحدات حماية الشعب الكردية، واعتبرت أن استضافة الرئيس التركي وفدا من التحالف في قصر الإليزيه يعتبر دعما للإرهاب. وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان أن بلاده ستواصل توسيع عملياتها العسكرية التي تستهدف الأكراد في شمال سوريا وصولا إلى سنجار في شمال العراق.
وبشأن عرض فرنسا الوساطة بين تركيا و«قوات سوريا الديمقراطية»، قال إردوغان «إن بيانا يتضمن كلاما عن وساطة بين تركيا و«قسد» يتعدى حدود صلاحيات قائله... من أنتم لكي تتلفظوا بعبارة الوساطة بين تركيا وتنظيم إرهابي؟» مؤكداً أن تركيا لا تتفاوض مع «الإرهابيين» وليست بحاجة لمن يعقد وساطات معهم.
وأضاف إردوغان في اجتماع لحزب العدالة والتنمية الحاكم، أمس، أنه «لا يحق لفرنسا أن تشتكي من التنظيمات الإرهابية وأعمالها بعد موقفها هذا، فقد أوضحت فرنسا موقفها من الإرهاب باستضافتها مجموعة من الإرهابيين في القصر الرئاسي... آمل ألا تطلب فرنسا مساعدتنا عندما تكتظ مدنها بالإرهابيين الفارين من سوريا والعراق». وقال إردوغان إن تركيا «شرعت في إجراء الاستعدادات اللازمة لتطهير عين العرب وتل أبيض والحسكة ورأس العين وغيرها من المناطق في شمال سوريا باتجاه الحدود العراقية، من المسلحين الأكراد». وأشار إلى أن القوات المشاركة في عملية غصن الزيتون قامت بتحييد 3800 إرهابي في عفرين منذ بداية العملية في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. وبشأن وضع سنجار، قال إردوغان إن إنهاء أنشطة حزب العمال الكردستاني في العراق هي وظيفة مشتركة لتركيا ولحكومة بغداد معا، وإن أنقرة على استعداد للعمل سويا مع بغداد في هذا الموضوع.
وأضاف أن سنجار مثلها مثل قنديل بالنسبة لتركيا، قائلا إن سنجار مثلها مثل قنديل بالنسبة لنا، وسيستمر هذا حتى تطهير سنجار من العمال الكردستاني والتنظيمات الإرهابية، ومن أجل ذلك يمكننا أن نذهب إلى هناك على حين غرة.
من جانبه، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن تركيا ترفض أي جهد يهدف إلى تشجيع حوار أو اتصالات أو وساطة بين تركيا والمجموعات الإرهابية. وقال كالين «بدلا من اتخاذ إجراءات من شأنها أن تترجم على أنها تعطي الشرعية لمنظمات إرهابية، على الدول التي نعتبرها صديقة وحليفة أن تتخذ موقفا حازما ضد الإرهاب بكل أشكاله»، لافتا إلى أن «الأسماء المختلفة والمتنوعة لا يمكن أن تخفي الهوية الحقيقية لمنظمة إرهابية».
كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استقبل، أول من أمس، في الإليزيه وفدا من «قوات سوريا الديمقراطية» حيث أشاد «بالتضحيات وبالدور الحاسم لهذه القوات في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي وأكد في الوقت نفسه التزام فرنسا ضد حزب العمال الكردستاني وتمسكه بأمن تركيا لكنه دعا أيضا إلى حوار بين أنقرة وقسد.
وجاء في بيان صادر عن الإليزيه «مع أخذ العلم بتعهد قوات سوريا الديمقراطية بعدم إقامة أي علاقة مع هذه المجموعة الإرهابية والتنديد بأي عمل ذي طابع إرهابي مهما كان مصدره، عبر الرئيس عن رغبة في إقامة حوار بين قوات سوريا الديمقراطية وتركيا بمساعدة فرنسا والمجموعة الدولية».
وقد أجرى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس، اتصالا هاتفيا مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان تمحور حول بيان الإليزيه. وقال جاويش أوغلو ردا على الموقف الفرنسي الأخير إن فرنسا «فقدت حياديتها تماماً». وأضاف، في تصريحات للصحافيين بأنقرة أمس تعليقاً على استقبال الرئيس الفرنسي وفد «قوات سوريا الديمقراطية» إن «اللقاء بوفد رفيع من منظمة إرهابية هو تعبير عن المعايير المزدوجة».
وأوضح جاويش أوغلو أن إردوغان وماكرون تحدثا مراراً في مكالمات هاتفية حول سوريا، لكن «أفعال ماكرون كانت دوماً تناقض هذه المحادثات»، وانتقد محاولات فرنسا الدائبة للعب دور في سوريا، قائلا إن باريس «تحاول دوماً أن تكون طرفاً فاعلاً في سوريا عبر أفعال مختلفة، لكنهم في هذه المرة ذهبوا بعيداً جدا». ولفت إلى خطورة تصرف الرئيس الفرنسي باستقباله ممثلي «منظمة إرهابية» شنت هجمات ضد تركيا، مشيراً إلى أنه سأل نظيره الفرنسي جان لودريان «ماذا سيكون موقفهم لو استقبل الرئيس إردوغان في القصر الرئاسي بأنقرة قادة المنظمة الإرهابية التي شنت هجمات ضد فرنسا؟».
أنقرة ترفض عرضاً فرنسياً للوساطة مع «قوات سوريا الديمقراطية»
أنقرة ترفض عرضاً فرنسياً للوساطة مع «قوات سوريا الديمقراطية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة