مسلحون يحتلون مركزا تجاريا وسط كركوك ويحولون المدينة إلى ساحة للمواجهة العسكرية

القوات الأمنية خاضت مواجهات حتى منتصف الليل لتحرير الرهائن

قوات من الأمن الكردي (الآسايش) قرب «جواهر مول» وسط كركوك  الذي تعرض لهجوم مسلح وتفجير أدى إلى حرقه أول من أمس (أ.ف.ب)
قوات من الأمن الكردي (الآسايش) قرب «جواهر مول» وسط كركوك الذي تعرض لهجوم مسلح وتفجير أدى إلى حرقه أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

مسلحون يحتلون مركزا تجاريا وسط كركوك ويحولون المدينة إلى ساحة للمواجهة العسكرية

قوات من الأمن الكردي (الآسايش) قرب «جواهر مول» وسط كركوك  الذي تعرض لهجوم مسلح وتفجير أدى إلى حرقه أول من أمس (أ.ف.ب)
قوات من الأمن الكردي (الآسايش) قرب «جواهر مول» وسط كركوك الذي تعرض لهجوم مسلح وتفجير أدى إلى حرقه أول من أمس (أ.ف.ب)

لم يكن يوم الرابع من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، يوما عاديا في مركز محافظة كركوك المتنازع عليها بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان، فقد عاشت المدينة نهارا بليله في مواجهات دامية بدأت بانفجار في السوق الكبير وسط المدينة ليليه انفجاران آخران لتتحول المدينة بعدها إلى ساحة من المواجهات بين مسلحين مجهولين وقوات الشرطة والأمن استمرت لساعات مستمرة من ليلة أول من أمس لتنتهي بسقوط الكثير من القتلى والجرح وانهيار أحد طوابق «جواهر مول»، أكبر مجمع تجاري وسط المدينة، الذي كان المسلحون يختبئون فيه محتجزين هناك عددا من الرهائن الذين «حرروا من قبل القوات الأمنية في المدينة».
مدير الآسايش (الأمن) في كركوك العميد هلو جمال بين في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» أن المدينة تعرضت، أول من أمس، «لثلاث هجمات بشكل منتظم كان أولها في الساعة التاسعة والنصف عند انفجار عبوة ناسفة في سوق كبير وسط المدينة مما أدى إلى مقتل أحد منفذي الهجوم وجرح اثنين منهم وقد أخذت إفاداتهم بعد وصولهم للمستشفى». مشيرا إلى أن خبراء المتفجرات التابعين لمديريته «أبطلوا مفعول عبوة مزروعة في سيارة كانت معدة للتفجير» في حدود مديرية شرطة أزادي وكانت تحمل 200 كيلوغرام من مادة الـTNT.
وأوضح جمال أن «سيارات أخرى كانت معدة لتفجير مقر استخبارات كركوك وقد احترقت إحداها وانفجرت بمنفذي العملية أما الثانية فقد أبطل مفعولها». وأضاف أن «هجوما ثالثا عن طريق ثلاثة انتحاريين استهدف مقر الاستخبارات في محافظة كركوك مرة أخرى حيث تصدت لهم قوات الآسايش في المحافظة بالإضافة لمديرية شرطة الأقضية والنواحي بقيادة العميد صرحد قادر الذي جرح جرحا طفيفا وانتهت المواجهة بمقتل منفذي الجريمة وانفجار سيارة أخرى تحمل مواد متفجرة بسائقها».
ولم يخف جمال أن «منفذي الهجمات كانوا يحملون الكثير من الأسلحة والعتاد حيث لم يتوقفوا عن خطتهم بل استمروا بالرمي على مديريتي الاسايش والشرطة لينتهي بهم الأمر إلى تطويق بناية أحد المولات وهو جواهر مول وحجز عدد من الرهائن فيها».
وانتقد مدير أمن (آسايش) كركوك موقف بغداد «لعدم استجابتها لطلب أسلحة وعتاد إضافية من الجيش العراقي وقوات وزارة الداخلية»، مضيفا «كان من المفروض أن تزودنا بغداد بالعتاد المطلوب فلم نكن بحاجة إلى الكثير، كنا نريد مروحية (هليكوبتر) وسيارة (جيب مدرعة)، لكن الحكومة التي توقع عقودا بالمليارات مع روسيا لشراء أكثر الأسلحة المتطورة لا تريد أن تضعها تحت تصرف العراقيين إلا بمزاجها».
وكشف هلو أن المواجهات أسفرت عن «مقتل أحد الضباط من مديرية الآسايش وهو الرائد أحمد بالإضافة لوجود أكثر من 11 جريحا من شرطة الأقضية والنواحي و6 جرحى من مديرية الاسايش».
ونفى اللواء تورهان عبد الرحمن معاون قائد شرطة كركوك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تكون السلطات الأمنية في كركوك قد طلبت العون من وزارة الداخلية العراقية لإمدادها بالأسلحة الثقيلة لمواجهة الهجمة التي تعرضت لها المدينة، مؤكدا على أن الأسلحة والقوات الموجودة في كركوك كانت تكفي «لردع هجمات الإرهابيين». موضحا أن المحصلة النهائية لضحايا الهجوم المسلح الذي تعرضت له كركوك قد بلغت «خمسة شهداء و95 جريحا».
وبين عبد الرحمن أنه ليست كركوك لوحدها هي المستهدفة من قبل الإرهابيين «بل إن العراق كله مهدد لكن كركوك المعروفة بتعدديتها الإثنية والطائفية والدينية جعلت الجميع يحاولون زرع البلبلة بين صفوف المواطنين فيها». وأكد أن وضع المدينة «جيد جدا بعد عملية اقتحام المبنى الذي كان المسلحون يحتجزون فيه الرهائن حيث تم تحريرهم وإخماد الحريق»، مؤكدا على أن «صاحب المول سيجري تعويضه عن الأضرار التي أصابت أملاكه».
وحسب بيانات أوردتها قوات مكافحة الإرهاب التابعة لمحافظة السليمانية على لسان لاهور شيخ جنكي مسؤول مؤسسة حماية الأمن في إقليم كردستان فإن النيران أخمدت في المركز التجاري في تمام الساعة الثانية عشرة ليلا بعد إبطال مفعول العبوات الناسفة التي كانت مزروعة في الطابق الثاني لجواهر مول وتحرير كافة الرهائن حيث جرح أحدهم نتيجة إطلاق نار من قبل أحد المسلحين، أما المسلحان اللذان اقتحما المبنى «فقد قتل أحدهما وفجر الثاني نفسه داخل المبنى مما سبب الحريق فيه».
من جهة أخرى انتقد العضو التركماني لمجلس محافظة كركوك عرفان كركوكلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» موقف الحكومة العراقية لإهمالها كركوك و«مماطلتها في تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي»، مؤكدا على أن بقاء الوضع على ما هو عليه «سيؤثر سلبا على الوضع الأمني للمدينة».
وكشف كركوكلي أنه على الرغم من النسبة السكانية في كركوك التي تعتبر أكثر من محافظات ديالى وصلاح الدين فإن «نسبة منتسبي الشرطة فيها قليلة جدا وهو ما يعتبر إجحافا بحق المحافظة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».