فندقان فضائيان يفتحان أبوابهما للسياح في أوائل عام 2021

وحدات من «مساكن قابلة للنفخ»

رسم تصويري للوحدة القابلة للنفخ من «بيغيلو» مع منظومة «ستارلاينر» من «بوينغ»
رسم تصويري للوحدة القابلة للنفخ من «بيغيلو» مع منظومة «ستارلاينر» من «بوينغ»
TT

فندقان فضائيان يفتحان أبوابهما للسياح في أوائل عام 2021

رسم تصويري للوحدة القابلة للنفخ من «بيغيلو» مع منظومة «ستارلاينر» من «بوينغ»
رسم تصويري للوحدة القابلة للنفخ من «بيغيلو» مع منظومة «ستارلاينر» من «بوينغ»

أعلنت شركة «بيغيلو آييروسبيس» Bigelow Aerospace للتقنيات الفضائية عن مشروع كبير يرتكز على تسويق وتشغيل المساكن الفضائية القابلة للنفخ. يأتي هذا الإعلان في إطار خطط الشركة لافتتاح وحدتين سكنيتين جديدتين في مدار أرضي منخفض بحلول عام 2021.
ومنذ تأسيسها عام 1999، ركزت شركة «بيغيلو» على بناء وحدات سكنية فضائية قابلة للنفخ توفّر مسكنا يضمّ أكثر من غرفة للتنفس، في مدار أرضي منخفض. وقد أطلقت الشركة في لاس فيغاس بداية شهر مارس (آذار) هذا العام ما يعرف بـ«عمليات بيغيلو الفضائية»، وهي مشروع جديد مخصص لتسويق وتشغيل هذه المساكن القابلة للنفخ، التي يمكن أن تستخدم كفنادق فضائية.

وحدات فضائية

وذكرت «عمليات بيغيلو الفضائية»، أن هدف الشركة الأساسي هو دراسة سوق المحطات المدارية، لذا تعتزم إنفاق ملايين الدولارات عام 2018 لتفصيل الفرص المتاحة على المستويات العالمية، الوطنية، والتعاون المشترك. كما ستعمل على تسويق وتشغيل وحدتي «بيغيلو» الفضائيتين القابلتن للنفخ B330، على أن يتم افتتاحهما بحلول عام 2021.
وتمّ تصميم كلّ من وحدتي «B330 - 1» و«B330 - 2» للتمركز في محور أرضي منخفض، وتتسع الواحدة منهما لستة أشخاص داخل 330 مترا مكعّبا (نحو 1200 قدم مكعب) من المساحة القابلة للتمدد.
تبلغ مساحة وحدة «B330» نحو ثلث مساحة المحطة الفضائية الدولية. وحسب ما قال نائب رئيس الشركة للاستراتيجية التعاونية لموقع «ذا فيرج»، فإن الشركة ترغب في تقديم هاتين الوحدتين على شكل «مدار فضائي للعلم والبحث بتكلفة أقل من تكلفة المحطة الفضائية الدولة». وتعتقد «بيغيلو» أن النجاح في الوصول إلى مدار أرضي منخفض من شأنه أن يساعد شعوب الدول الأخرى على القيام بالخطوة الأولى نحو إطلاق برامجهم الفضائية الخاصة.
وكانت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) قد وصلت عام 2016 مسكنا إضافيا من المساكن التي تطورها «بيغيلو» التي تعرف بـ«وحدة النشاط السكنية القابلة للتمدد» بالمحطة الفضائية الدولية. وفي عام 2017، قررت الوكالة أن تمدّد عقد الوحدة المذكورة لثلاث سنوات إضافية. لا يمكن اعتبار الشراكة بين «ناسا» وشركة «بيغيلو» خطوة مفاجئة، لأن مؤسس الشركة، روبرت بيغيلو، استوحى فكرة المسكن القابل للنفخ من مشروع «ناسا» الخاص «ترانس هاب» الذي يعود لعام 1999.

فنادق مدارية

ولكن مشاريع «بيغيلو» المستقبلية تذهب أبعد من رؤية «ناسا»، وليس من الصعب أن نتخيّل مساهمة وحدات الشركة السكنية القابلة للنفخ، التي ستستخدم مؤخرا كفنادق فضائية، في اقتصاد المدار الأرضي المنخفض. قد تصبح هذه الصناعة بمثابة الإنجاز الفضائي المنتظر، خصوصا أن شركات مثل «بلو أوريجين» لجيف بيزوس، و«فيرجين غالاكتيك» لريتشارد برانسون، و«سبايس إكس» لإيلون ماسك تتوق لفتح الفضاء كسوق أوسع للعموم.
ولكن يمكن القول إن «بيغيلو» سبقت هؤلاء المنافسين بأشواط. ففي الوقت الذي يركّز فيه الآخرون على تصميم وبناء المركبات الفضائية لنقل الناس في رحلات إلى مدارات الأرض القريبة، تعمل الشركة على صناعة نماذج دائمة تكون أرخص سعرا وأسهل توافرا للشريحة الأكبر من الناس العاديين غير العاملين في مجال العلوم.
وفي الحقيقة، لا شكّ أن الإقامة في فندق يطوف في الفضاء ستكون تجربة أفضل بكثير من مجرّد السفر في رحلات قصيرة لزيارته، ويبدو أنّ «عمليات بيغيلو الفضائية» لن تدعنا ننتظر كثيرا قبل أن نعيش هذه التجربة.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً