علاوي يطرح مبادرة من أربع نقاط لإنقاذ الوضع في العراق بإشراف أممي

تتضمن تشكيل «حكومة وحدة وطنية انتقالية».. وائتلاف المالكي يرفضها

عناصر في البيشمركة الكردية على خط المواجهة مع «داعش» في جلولاء («الشرق الأوسط»)
عناصر في البيشمركة الكردية على خط المواجهة مع «داعش» في جلولاء («الشرق الأوسط»)
TT

علاوي يطرح مبادرة من أربع نقاط لإنقاذ الوضع في العراق بإشراف أممي

عناصر في البيشمركة الكردية على خط المواجهة مع «داعش» في جلولاء («الشرق الأوسط»)
عناصر في البيشمركة الكردية على خط المواجهة مع «داعش» في جلولاء («الشرق الأوسط»)

في وقت اختلف فيه القادة السياسيون العراقيون، في ثاني لقاء لهم بعد سيطرة مسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) على محافظتي نينوى وصلاح الدين، حول بقاء حكومة تصريف الأعمال التي يترأسها نوري المالكي وكذلك البدء بالإجراءات الدستورية الخاصة بالبرلمان المقبل - طرح «ائتلاف الوطنية»، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، مبادرة من أربع نقاط للخروج من المأزق الحالي الذي تمر به البلاد.
وقال «ائتلاف الوطنية»، في بيان أمس، إنه «يناشد كل الأطراف لإلقاء السلاح والدخول الفوري في حوار يرعاه قادة الكتل وأهل الحل والعقد من العراقيين، لقطع الطريق أمام الإرهابيين ودعاة التقسيم ودعاة الاحتراب الطائفي، ولمنع أي تدخل خارجي يضر بسيادة ووحدة الوطن». ودعا البيان «كل الأطراف المعنية للتعامل الإيجابي مع مبادرة الدكتور إياد علاوي زعيم (ائتلاف الوطنية) الهادفة إلى حل الأزمة قبل فوات الأوان».
وأضاف البيان أن «مبادرة علاوي تدعو إلى عقد اجتماع قمة يحضره كل من الرؤساء الثلاثة لمجلس الوزراء، والرؤساء الثلاثة لمجلس النواب، ورؤساء كل من إقليم كردستان ومجلس الوزراء ومجلس النواب ورئيس الوزراء السابق للإقليم، وزعماء الائتلافات الرئيسة غير الواردة في أعلاه، ويضاف بعض رجال الدين من المسلمين والمسيحيين وغيرهم، بحيث يكون العدد الكلي من 17 - 20 شخصا، على أن يعقد الاجتماع في مكان آمن، يحضره الأمين العام للأمم المتحدة وممثل عن المحكمة الاتحادية، وذلك لضمان نتائج الاجتماع». وتابع «ائتلاف الوطنية» في بيانه أن «محاور الاجتماع هي وضع خارطة طريق للخروج بالعراق من الفوضى الحالية، وتتضمن بندين رئيسين هما: المصالحة الوطنية لضمان عملية سياسية شاملة لا تقصي سوى الإرهابيين والقتلة وسراق المال العام، والشروع في تطبيق فوري، وإعادة تشكيل المؤسسات الوطنية الرئيسة، التي من شأنها إقامة دولة المواطنة بعيدا عن المحاصصة، ولا سيما من المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية». وأشار ائتلاف علاوي إلى أن المحور الآخر هو «تشكيل حكومة وحدة وطنية، تضم القادة السياسيين الأساسيين بالإضافة إلى شخصيات محدودة من التكنوقراط. وعلى هذه الحكومة والبرلمان المنتخب تشريع القوانين اللازمة لتحقيق السلم المجتمعي والاستقرار في البلاد، على أن تقدم حكومة الوحدة الوطنية الاستقالة في سقف لا يزيد على الثلاث سنوات لفسح الطريق أمام حكومة انتقالية قادرة على إقامة انتخابات حرة ونزيهة»، مبينا أنه «لا يحق لأعضاء الحكومة الانتقالية ترشيح أسمائهم في تلك الانتخابات، وعلى الحكومة أن تلتزم بخريطة الطريق وبالدستور قدر الإمكان».
وحذر «ائتلاف الوطنية» من أن «إهمال تداعيات الأوضاع يقود إلى أزمات أكثر تعقيدا فيما إذا تركت دون حلول، وتعزيز اللحمة الوطنية، وإيجاد حلول داخلية يقي العراق التدخلات الخارجية المشبوهة». وفيما يرى ائتلاف «دولة القانون»، بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، أن الأولوية الآن هي لمواجهة «داعش» والتنظيمات الإرهابية مع المضي في الاستحقاق الانتخابي، فإن «ائتلاف الوطنية» عد هذه المبادرة هي الفرصة الأخيرة التي يمكن أن تحول دون انزلاق البلاد نحو المجهول.
وفي هذا السياق، أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف «دولة القانون» صادق اللبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأولوية الآن هي لمواجهة التحديات التي تتمثل بالمؤامرات التي تريد تدمير العراق وتمزيقه، وليس لأي مسائل أخرى يمكن أن تمثل في بعض جوانبها هروبا من المواجهة». وأضاف اللبان أن «المطلوب من القوى السياسية كافة الارتفاع لمستوى ما تواجهه البلاد من تحديات والانسجام مع الإرادة الشعبية المتمثلة بحشود المتطوعين الذين سيسحقون (داعش) ومن يقف خلفها»، مؤكدا أنه «لا يمكن، بأي حال من الأحوال، تخطي الاستحقاق الانتخابي، الذي من شأنه تشكيل حكومة وطنية تشارك فيها القوى الوطنية القادرة على تحمل المسؤولية وفي ضوء نتائج الانتخابات».
من جانبه، حمل عضو البرلمان العراقي عن «ائتلاف الوطنية» حامد المطلك، المالكي، بوصفه القائد العام للقوات المسلحة، مسؤولية ما حصل في البلاد. وقال المطلك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «القائد العام للقوات المسلحة يتحمل المسؤولية وكذلك القيادات العسكرية، ولا نبرئ هنا الطبقة السياسية كلها من هذا الخلل في بناء الدولة طوال السنوات العشر الماضية». وأضاف المطلك: «لذلك، فإن الأوضاع بحاجة إلى مراجعة حقيقية وليست حلولا ترقيعية مثلما يجري الآن»، مبينا أن «هذه الحلول الحقيقية تتطلب استقالة هذه الحكومة وإجراء مصالحة حقيقية شاملة ومحاسبة المقصرين على ما آلت إليه الأوضاع الكارثية التي نمر بها». وشدد المطلك على أن «لقاءات المجاملة لن تؤدي إلا إلى المزيد من تدهور الأوضاع».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.